لم تكن تتوقع "فاطمة"، إحدى المعلمات، التي تعمل في محافظة مهد الذهب "180 كيلومترا عن المدينة المنورة"، أن أغلب السيارات التي تنقل المعلمات لقرى المدينة ومحافظاتها "لا تلتزم بتطبيق ضوابط وتعليمات النقل، حيث لا تحتوي على مقاعد للجلوس إذ تمت إزالتها ووضع ستائر وتنجيد الأرضية والجوانب بحيث باتت تشبه المجالس العربية، ما جعل مساحة جلوس المعلمات أوسع وأكثر أريحية"، مشيرة إلى أن المقاعد مقارنة بالتغيير الحادث تعد "متعبة للأرجل وتسبب آلاما في الرقبة لطول فترة الجلوس على نفس الوضع، خاصة أن المسافة للمدرسة طويلة ومرهقة". طالب أولياء أمور معلمات قرى ومحافظات منطقة المدينة المنورة الأجهزة الأمنية بالمنطقة بتطبيق المخالفات وحزم نقاط التفتيش الأمنية على الشركات والمؤسسات والأفراد المختصين بنقل المعلمات بالالتزام بشروط النقل التي تكفل سلامتهن وتحد من إزهاق حوادث الطرق لأرواح المعلمات التي كان آخرها أمس الأول حادث انقلاب نتج عنه وفاة وإصابة ست معلمات أثناء عودتهن من مهد الذهب للمدينة المنورة. وكان الحادث الذي وقع قبل يومين على طريق الهجرة "كيلو 55" إثر انقلاب المركبة مرات عدة بعد انحرافها عن الطريق ما أدى إلى وفاة ثلاث معلمات في محافظة مهد الذهب، وتعرض ثلاث أخريات من زميلاتهن إلى إصابات متنوعة وتم نقلهن بواسطة فرق الهلال إلى مستشفى الميقات، فيما أصيب قائد المركبة بإصابات بالغة تمثلت في كسور بالرأس والظهر، عكس حقيقة الأوضاع المتردية التي تعانيها المعلمات والطالبات اللاتي يقطعن مسافات طويلة إما للتدريس أو الدراسة، إذ تبين أن قائد المركبة عمد إلى إزالة مقاعدها الخلفية ليتمكن من نقل أكبر عدد من المعلمات تستوعبه المساحة المخصصة لهن. وكشفت مصادر في أمن الطرق أن بعض قائدي المركبات يتفنون في الديكورات الجمالية داخل المركبة سعياً لتحقيق رغبات بعض المعلمات بالبحث عن الراحة خلال مسافة الطريق، حيث سبق أن ضُبطت مركبة مماثلة قام قائدها بعمل ديكور يحاكي بيوت الشعر في مشهد أذهل رجال الأمن، إضافة إلى عدم التزام سائقي سيارات نقل المعلمات بوجود مرافق "محرم" معه أثناء نقل المعلمات، ما يزيد من نسبة الحوادث نتيجة إرهاق ونوم السائق أثناء القيادة. وأشارت فاطمة إلى أنهن يدفعن للسائق ألفي ريال شهرياً وهو سعر ثابت لجميع السائقين بغض النظر عن تجميل المركبة بالديكورات والستائر من عدمه، مضيفة أن ذلك يختلف من سائق لآخر، حيث إن بعضهم يبحث من خلاله عن الراحة النفسية للمعلمة، والبعض يبحث عن الربح المادي، فيما يسعى آخرون للجمع بين الأمرين.