فيروس كورونا

لم تسلم دول الخليج العربية من تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، رغم اقتصاداتها القوية وميزانياتها الضخمة، حيث اضطرت هذه الدول إلى اتخاذ إجراءات تقشفية وصلت إلى حد تخفيض الرواتب، وتُعدّ الكويت واحدة من هذه الدول التي تحاول جاهدة التقليل من حدة الأزمة، ما دفعها إلى طرح تعديلات على قانون العمل في القطاع الأهلي، يسمح للشركات التي تأثر نشاطها بأزمة كورونا بالاتفاق مع العمال على تخفيض رواتبهم خلال الأزمة.
وفي الوقت الذي أحالت الحكومة فيه مشروع قانون جديد لمعالجة آثار أزمة كورونا، هاجم العديد من أعضاء مجلس النواب المشروع، مؤكدين التصدي لتمريره باعتباره يضر بالعمال، وفي هذا الصدد قال مراقبون اقصاديون إن القرار يعد سلاحًا ذو حدين، ففي الوقت الذي قد يساهم في تقليل حجم المصروفات وتقليل الخسائر المالية، سيسبب خسائر لجميع العاملين خاصة ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.

مشروع القانون
أحالت الحكومة إلى اللجنة المالية البرلمانية مشروع قانون جديد لمعالجة آثار "كورونا" على سوق العمل، يسري العمل به خلال فترة الإجراءات الاحترازية، التي تتخذها الدولة وينتهي العمل بأحكامه بانتهاء التدابير المتخذة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد. وتنص المادة الأولى من مشروع القانون: تجيز للوزير المختص بالعمل الموافقة لأصحاب العمل بسبب الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تتخذها الدولة للوقاية من جائحة كورونا المستجد وترتب على ذلك توقف النشاط كلياً أو جزئياً، منح العمالة إجازة خاصة بأجر مخفض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور، وذلك خلال المدة التي يقرها مجلس الوزراء كفترة توقف للنشاط.


كما تجيز لأصحاب العمل الاتفاق مع العمالة لديهم على تخفيض الأجر طوال فترة توقف النشاط بحد أقصى 50%، على أن يتم مراعاة ساعات العمل الفعلية مقابل الأجر المدفوع، ودون المساس بالحد الأدنى للأجور، وعلى أن تحتسب كل مستحقات العمالة على أساس الأجر المستحق لهم قبل تخفيضه وتكون ضمن مدة الخدمة، ويصرف الدعم المقرر من خلال برنامج الدعم وكذلك بدل البطالة للمخاطبين بأحكامهما وذلك لضمان الحماية للعمالة الوطنية.


ونصت المادة الثانية على أن تسري أحكام المادة الأولى من هذا القانون خلال فترة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة للوقاية من جائحة فيروس كورونا المستجد ولا يعمل بأي حكم يخالف أحكام هذا القانون، وينتهي العمل بأحكام هذا القانون بانتهاء التدابير الاحترازية التي تتخذها الدولة.
ونصت المادة الثالثة على ألا تحسب المدة التي يقررها مجلس الوزراء كفترة توقف للنشاط - تطبيقاً لأحكام المادة الأولى ضمن المواعيد الإجرائية للدعاوى التي يرفعها العمال استناداً إلى أحكام هذا القانون. وأوضحت الحكومة في مشروعها أن القانون يستهدف إعادة التوازن في علاقات العمل في القطاع الأهلي في ظل الظروف الحالية، ومراعاة طبيعة الظرف الاستثنائي الحالي ليكون سريانه مؤقتاً بطبيعة هذا الظرف، ولسد بعض النقص التشريعي في القوانين ذات الصلة بمعالجة آثار هذه الجائحة.

حل وسط
الدكتور عبد العزيز الشبيب، أستاذ قانون الاقتصاد الكويتي، قال إن "فيروس كورونا أثر بشكل بالغ على الاقتصاد العالمي، والكويت جزء منه، ما دفع الحكومة إلى إصدار مرسوم رقم 86 لسنة 2020، بشأن معالجة الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا"، موضحًا أن "الإغلاق التام والكلي أثر على أرباب الأعمال والعمال، والمرسوم جاء خوفا من ازدياد نسب البطالة لدى العمال، مما يؤثر على أمن البلاد واقتصادها". وتابع: "مشروع القانون المرسل إلى مجلس الأمة جاء محدد المعالم والوقت بحيث يكون فقط لعلاج آثار الجائحة، ولا يفترض أن تكون القرارات الاقتصادية شعبوية، بل علاج لحالات بعينها، وتأتي من أجل إنقاذ البلاد"، مؤكدًا أن "الخليج العربي عامة والكويت خاصة من الدول الجاذبة للعمالة والإغلاق أثر على الجميع أرباب الأعمال والعمال والمجتمع بأسره، والحل الحكومي وسطي، بحيث لا يفقد العامل عمله كما حدث في الدول الأخرى".


وأشار إلى أن "بالنسبة للعمالة الوطنية الكويتية فقد نص المشروع على الدعم الكامل من خلال حزمة المحفزات الاقتصادية للكويتيين، وكذلك تدعم الحكومة بعد التخفيض للمسجلين على الباب الثالث والخامس، والمسجلين في بدل البطالة لضمان الحماية الاجتماعية للعمالة الوطنية والمحافظة على أوضاعها". ومضى قائلًا: "من جانب قانون سيسري هذا القانون في حال تم الإقرار بأثر فوري وليس بأثر رجعي فلا جدوى من الإقرار بالنظر إلى أن الحكومة أصدرت خطتها لفتح الكويت بعد الإغلاق على 5 مراحل، بالتالي سيمارس العمال أعمالهم قريبا، وقد لا يطولهم هذا القانون، إن رجعت الحياة الاقتصادية لسابق عهدها"، واستطرد: "ومن جانب سياسي لا يحظى مشروع القانون بتأييد شعبي لدى البرلمان الكويتي مما قد ينهيه في مهده".

سلاح ذو حدين
من جانبه، قال المحلل الكويتي الدكتور مبارك محمد الهاجري، إن "مشروع قانون تخفيض الرواتب الذي تقدمت به الحكومة الكويتية أمس الأول إلى مجلس الأمة وتمت إحالته إلى اللجنة المالية سلاح ذو حدين، حيث يعمل على تقليل حجم المصروفات وتقليل الخسائر المالية، ونفس الوقت يسبب خسائر لجميع العاملين ذوي الدخل المحدود والمتوسط". وأضاف أنه "بحسب بيانات رسمية يشكل بند الرواتب أكثر من 50% من الموازنة للعام 2020 التي تبلغ 38.3 مليار دولار، وبسبب الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة يتوقع أن يصل العجز في الموازنة العامة إلى 60 مليار دولار في ظل استمرار انخفاض الطلب على الخام، وتدني أسعار النفط منذ تفشي جائحة كورونا". وتابع: "يأتي مشروع قانون تخفيض الرواتب تماشيا مع الاحترازات الاقتصادية التي تتبعها دول الخليج لمعالجة تفاقم العجز في الموازنة العامة لآثار كورونا، حيث قامت المملكة العربية السعودية برفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15% وتخفيض تكاليف الأجور والرواتب في جميع قطاعات الدولة".

بدائل اقتصادية
وأشار إلى أنه "من المتوقع أن تطرح الحكومة الكويتية بدائل اقتصادية في حالة عدم إقرار قانون تخفيض الرواتب من قبل مجلس الأمة الكويتي مثل مشروع البديل الاستراتيجي، وتوحيد الرواتب بين جميع موظفين القطاعات الحيوية في الدولة بما فيها قطاع النفط والبتروكيماويات باستثناء القطاع العسكري والهيئات القضائية في الدولة". وأكمل: "أعلنت الحكومة أن مشروع قانون تخفيض الرواتب يسري به العمل خلال فترة الإجراءات الاحترازية لمعالجة آثار كورونا، والذي ينتهي العمل بأحكامه بانتهاء التدابير المتخذة لمواجهة الفيروس، إلا أن تصريحات نواب مجلس الأمة مبدئيا تشير إلى عدم التعاون بين الحكومة ومجلس النواب الكويتي لإقراره". وأكد أن "عدم التعاون المتوقع يأتي في ظل استمرار توجه الحكومة في التعاقد المباشر وتوقيع عقود تشغيلية ذات كلفة اقتصادية ضخمة نتيجة إلى الزيادة بالأسعار المقدمة للجنة المناقصات المركزية"، وأنهى حديثه قائلًا: "بالتالي عدم معالجة الحكومة لموضوع الهدر المالي في العقود التشغيلية وشبهات التنفيع التجارية، ستفقد الحكومة مصداقيتها أمام مجلس الأمة في التعامل مع هذا الأزمة الاقتصادية".

قد يهمك ايضا:

ارتفاع عدد المتعافين من فيروس كورونا إلى 68159 شخصا في السعودية

قطر تسجل 1.9 ألف إصابة بكورونا خلال 24 ساعة