لندن ـ سليم كرم أرسلت القوى الغربية 19 غواصة مائية بلا طاقم ملاحي، بعضها بريطاني، إلى منطقة الخليج العربي، للمشاركة في عملية بحرية، الهدف منها الحيلولة دون زرع ألغام بحرية في الخليج، وذلك في ضوء التوتر الدائم، الذي يسود العلاقة بين الغرب وإيران، بشأن البرنامج النووي الإيراني. ويشارك في هذه العملية البحرية التدريبية 40 دولة، وتستمر لمدة ثلاثة أسابيع، بداية من الأسبوع المقبل، وهي العملية الأكبر، التي يقوم بها الغرب في المنطقة، في حين يقول نائب الأدميرال في البحرية الأميركية، والمسؤول عن العملية التدريبية جون ميللر أنها لا تشير إلى أي عمل استفزازي تجاه إيران.
وفي مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، أوضح ميللر "إن أهمية سلامة خطوط الملاحة البحرية، في منطقة الخليج، بالنسبة للاقتصاد العالمي، تحتم ضرورة منع أي دولة، أو جماعة إرهابية، من محاولة زرع ألغام في مياه يمر عبرها يوميًا 20% من إمدادات النفط العالمية".
ويضيف ميللر، الذي يتولى قيادة الأسطول الخامس الأميركي، الذي يتمركز في البحرين، أن "نشاط مكافحة الألغام البحرية يعد بمثابة تدريب دفاعي لا غنى عنه، وهو يهدف إلى طمأنة الجميع، بأنه في حال إقدام أي طرف على زرع ألغام بحرية في مياه الخليج، فإنه سوف يواجه عددًا ضخمًا من دول العالم"، لافتًا إلى أن "مشاركة ما يقرب من 40 دولة، ترغب فقط في التدريب، ينطوي على دلالة واضحة، على كم الدول التي سوف تشارك في الرد على أي طرف يحاول أن يزرع ألغامًا بحرية في مياه الخليج، وعلى الطرف الذي يفكر في زرع مثل هذه الألغام أن يدفع ثمن ذلك، من منظور عالمي، كما أن مثل هذه الألغام سوف يتم إزالتها سريعًا"، مُبينًا أن "اليابان تحصل على 75% من نفطها من الخليج، وكذلك الصين، التي تحصل على 70% من نفطها منه أيضًا، وأن تتخيل مدى تأثير ذلك على الاقتصاد الصيني، إذا ما توقفت إمدادات النفط فجأة، إن التأثير سيكون مباشر، وبالتالي فإنه من المهم للعالم كله، أن يتأكد من سلامة مياه الخليج، أمام خطوط الملاحة العالمية".
وتقوم أغلب الدول المحيطة بالخليج، بإرسال سفنها، لتقديم الدعم لهذه العملية التدريبية، وذلك على الرغم من تخوفها من الاعتراف بذلك، حيث يؤكد ميللر أنه "يتوقع أن تقوم البحرية الإيرانية بمراقبة تلك التدريبات عن كثب"، مشيرًا إلى "إننا لم نوجه لهم الدعوة، ولكننا نعرف أنهم سوف يأتون"، مشددًا على أن "هذه التدريبات سوف تتم في المياه الدولية، ولهذا فإن من حقهم التدريب، مثلما نفعل"، وأضاف قائلاً أن "ضيق مساحة مياه الخليج، يحتم تبادل الاتصال اليومي، ليس على المستوى الحكومي، ولكن على مستوى التلاقي المهني، لهدف تلافي سوء الفهم، والخطأ في تقدير نوايا الطرف الآخر، ولتلافي وقوع حوادث تكتيكية، يمكن أن تؤدي إلى عواقب استراتيجية".
وأوضح ميللر أن "الغواصات المائية الصغيرة، التي تسير تحت الماء بلا طاقم ملاحي، سوف تشكل جزءًا أساسيًا من العملية التدريبية، وهي غواصات (درون) أميركية وبريطانية، ومن بينها (الميني) غواصة المائية (سيفوكس) البريطانية ، وذلك لهدف الحفاظ على الممرات المائية مفتوحة في الخليج، لاسيما الممرات الضيقة، مثل قناة السويس، ومضيق هرمز، ومضيق باب المندب"، وأضاف "تستطيع هذه الميني غواصات اصطياد أي لغم بحري، سواءًا في قاع البحر، أو طافيًا على السطح، كما أنها تستطيع البقاء في المياه لفترة أطول من تلك التي يقضيها الغواصون"، مشيرًا إلى أن "نحن الآن نعيش ثورة تكنولوجية، في عالم مكافحة الألغام البحرية، بفضل الغواصات المتناهية الصغر، الآلية، التي بلا طاقم ملاحي"، معربًا عن اعتقاده بأن "العالم سوف يشهد بعد عامين تواجد المزيد من هذه المركبات الآلية، التي تتحرك بلا طاقم ملاحي، لاسيما في ضوء ظروف المناخ الشديد الحرارة في الخليج، وهي مركبات تعمل لفترات أطول، وتتحرك في سرعة فائقة، وقد شهد الخليج انتشارها الأول، خلال العام الماضي، وهي الآن باتت جزء أساسي، ودائم، في التواجد الأميركي والبريطاني في المنطقة، وتزايد عدد ساعات تجربتها من خمسة إلى 500 ساعة، مقارنة مع العام الماضي"، متنبئًا بأن "هذه التكنولوجيا تحتاج أيضًا إلى مزيد من التقييم والتقدير، حتى يمكن أن تخفف العبء على رجال البحرية".
وسوف يتولى ميللر القيادة المباشرة لعدد 35 مركبة، لمكافحة الألغام، وعدد من البوارج، خلال التدريبات المقبلة، بالإضافة إلى الغواصات "الميني"، التي بلا طاقم ملاحي، وأكثر من 100 غواص بشري.
يذكر أن الصين هي الدولة الوحيدة، من بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، التي لن تشارك في تلك التدريبات.