المحكمة الأوروبية

حصل اثنان من الصحافيين البولنديين على حكم بتأمين صحيفتهم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بموجب الاتفاق الأوروبي بشأن حرية الصحافة، حيث حكم قضاة ستراسبورغ أنَّ المحاكم البولندية انتهكت حقوق الصحافيين وحقهم في حرية التعبير.

وزعمت صحيفة "رزيكزبوسبوليتا"، وهي الصحيفة الوطنية اليومية في العاصمة البولندية وارسو، في أيار/مايو 2003، أنّ "أحد كبار المسؤولين في وزارة الصحة البولونيّة قد طلب رشوة من شركة دوائية"، فيما أكّد المسؤول أنه يساعد صناعة العقاقير من طرف الشركة على وضع قائمة من الأدوية، يتم استراجعها عبر النظام الوطني للرعاية الصحيّة.

وأسقط التحقيق القضائي البولنديّ بعد 3 أعوام، وبعد أن بدأت الصحيفة نشر تحقيقات الشرطة، بحجة عدم وجود أدلة كافية، بينما رفع المسؤول دعوى قضائية ضد اثنين من الصحافيين، وهما أندرية ستانكيوسز ومالغورزاتا سوليكا، بتهمة أنهم انتهكوا حقوقه الشخصية.

ووقفت المحكمة البولندية، بما في ذلك محمكة الاستئناف والمحكمة العليا، في صف المسؤول، وأمروا الصحافيان بنشر اعتذار، ودفع التكاليف القانونية للموظف، ولكن قضاة المحكمة الأوروبية لم يوافقوا على ذلك، وقرروا أن مقال التحقيقات المنشور في الجريدة المعنية يخص المصلحة العامة، لأنّ المسؤول كان أحد المقربين من وزير الصحة، ولفترة طويلة شغل منصبًا في مكتب حكومي، وبالتالي فأن القضية أوسع وأكبر من قضية شخصية.

ورأت المحكمة الأوروبيّة، في حيثيات الحكم، أنّه "على المسؤول السابق أن يعلم أنّ أفعاله محض تحقيق من طرف الصحافيين، والجمهور بوجه عام، وبالتالي لا بد أن يظهر درجة أكبر من التسامح"، وأضافت "كوّن الصحافيين قصتهم بدقة، وهم وصحيفتهم التزموا بالمبادئ الصحافية المسؤولة".

وبيّنت أنَّ "البحث المقدم من مقدمي الطلب، قبل نشر الادعاءات، كان حسن النية، وبه امتثال للالتزام الصحافي العادي للتحقق من الوقائع من مصادر موثوق فيها".

وانتقدت المحكمة الأوروبيّة قضاة المحاكم المحلية في بولندا لعدم تقييم اجتهاد الصحافيين من ناحية جمع المعلومات المتاحة في وقت إعداد هذه المادة، معتبرة أنّه "على الرغم من غلق التحقيقات الخاصة بالمسؤول في نهاية المطاف، إلا أنَّ استمرار التحقيقات لثلاثة أعوام يؤكد أنّ الادعاءات لم يكن من الممكن تجاهلها".