البطاريق

كشفت دراسة علمية حديثة أنّ البطاريق تميل إلى لون المنقار كميزة مثيرة لدى الطرف الآخر، ويبدو أن نظرية انجذاب الأضداد الشهيرة في عالم البشر لا تنطبق على عالم البطاريق، إذ بيَّن العلماء أن البطاريق تنجذب إلى أقرانها التي تمتلك نقوشًا ملونة على مناقيرها تتشابه مع تلك التي تمتلكها.

ويعتبر طائر البطريق الملك "Aptenodytes patagonicus"  ثاني أكبر أنواع البطاريق بعد "الامبراطور" ويتراوح طوله من 26 وحتى 39 بوصة، ويتراوح وزنه من 11 إلى 16 كيلوغرام، وتتزاوج هذه الطيور مرة واحدة في العام وتجتمع في معسكرات ضخمة للتكاثر وعند انجذاب الذكر للأنثى يتداعبان عن طريق الاحتكاك بحركة الجسد العكسية وكأنهما يتراقصان قبل الزواج.

وأظهرت دراسات سابقة أن ألوان ونقوش المنقار قد تكون العامل الأهم لاختيار الشريكة، وألقت دراسة فرنسية الضوء على مدى أهمية المنطقة البرتقالية الزاهية على جانبي منقار الطائر ذاته، ويستطيع البطريق مثل الكثير من الطيور الأخرى رؤية الأشعة فوق البنفسجية، ولذلك تبدو المنطقة البرتقالية على جانب المنقار في لون جذاب أكثر بالمقارنة بما تبدو عليه لنا كبشر.

 وفحص فريق بقيادة إسماعيل كيدار، من مركز "Ecologie Fonctionnelle" في مونبلييه طيور البطريق "الملك" التي تعيش في جزر "كيرغولن" بين القارة القطبية الجنوبية وجنوب أفريقيا، وتجتمع هناك مجموعة من البطاريق يقدر عددها بنحو ألفي طائر للتكاثر.

وتتبع العلماء 75 زوجًا من الطيور تغازل بعضها البعض في المستعمرة، كما بحثوا أوزانها وأطوالها كما تعرضوا إلى لون مناقيرها، قبل إطلاق سراحها مرة أخرى ووجدوا أن البطاريق استطاعت التزواج مرة أخرى من خلال تمييز الأصوات.

وأوضح العلماء أنّ عددًا من الطيور تزاوج بالفعل ووضع البيض، وحاول البعض الآخر إيجاد شريك أفضل، واستطاع الباحثون الكشف عن سر نجاح بعض الزيجات باستخدام النمذجة الحاسوبية، وتمكن العلماء من رؤية كيف يبدو منقار البطريق للبطاريق الأخرى، ووجدوا أن هناك ارتباطًا قويًا بين لون المنقار ونجاح العلاقة.

وكشف العلماء أن طيور البطريق "الملك" التي شكلت الكثير من الأزواج الملتزمة تمتلك ألوان مناقير مشابهة لبعضها البعض رغم إختلاف الألوان التي ظهرت على الصدر وجانبي الرأس والتي لم تكن بذات الأهمية، وأورد الباحثون في الدراسة أن الطيور التي نجحت في تكوين زيجات دائمة كانت تمتلك بقعًا لونية متشابهة في المنقار مع شركائها أكثر من الأزواج المؤقتين خصوصًا الدرجات اللونية التي ظهرت من خلال الأشعة فوق البنفسجية، ويعتقد الباحثون أن لون منقار إناث البطاريق له دور مهم في عملية التزاوج النهائية حيث يمثل تحفيزا أقوى للأشعة البنفسجية.

وأوضحت الدراسة أن الانجذاب المتبادل ضروري بين الطيور لأنها تتناوب على إتمام عملية تفريخ البيض والتربية، وافترضت الدراسة فرضية بديلة تقضي بأن الإناث تختار الذكور التي تحظى بمنقار ملون للغاية، ولاحظ العلماء أن الإناث التي تشارك في عملية التزاوج النهائية لديها زعانف أطول وبالتالي جسمها أكبر مقارنة بالإناث التي تشارك في التزاوج المؤقت.