مكافحة الاحترار المناخي

إذا ما أردنا أن نجنب أطفالنا سيناريو مناخيا كارثيا، لا بد لنا من تخفيض غازات مفعول الدفيئة تخفيضا شديدا وسحب مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، بحسب العالم الأميركي جيمس هانسن.
وقال هانسن الذي ذاع صيته قبل 30 عاما عندما دق ناقوس الخطر بشأن الاحترار المناخي أمام الكونغرس الأميركي إن "حكومات العالم أجمع تتجاهل هذا الواقع".

فهذا العالم البالغ من العمر 76 عاما الذي تولى حتى العام 2013 إدارة معهد غودارد للدراسات الفضائية في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ألقى هذا الأسبوع خطابا خلال مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ المنعقد في بون مع حفيدته صوفي كيفلهان (18 عاما) التي تلاحق الحكومة الأميركية أمام القضاء بتهمة مفاقمة مشكلة الاحترار المناخي.

ويجتمع آلاف الدبلوماسيين من 196 بلدا في بون الألمانية حتى 17 تشرين الثاني/نوفمبر للتفاوض على تفاصيل صياغة قواعد تطبيق اتفاق باريس المبرم سنة 2015 والمزمع دخوله حيز التنفيذ في 2020.
وقد التزم المجتمع الدولي احتواء ارتفاع الحرارة "دون درجتين مئويتين" بالمقارنة مع العصر ما قبل الصناعي ومواصلة الجهود لحصر الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية.

وقد ارتفعت الحرارة في العالم درجة واحدة منذ تلك الحقبة، ما تسبب باشتداد موجات الحر والجفاف والعواصف.

ويعطي هدف 1,5 درجة مئوية "الزخم المطلوب لأنه في حال بلغ الاحترار درجتين، فسوف نخسر الشاطئ والمدن الساحلية بكل تأكيد"، بحسب هانسن الذي أوضح أن "السؤال الوحيد يبقى معرفة وتيرة" هذا الاندثار.
فقد تغيرت حرارة سطح الأرض بالتزامن مع تغير كثافة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ومستوى المحطيات خلال مئات ملايين السنين، وفق العالم.
وفي العام 2016، بلغ تركز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مستوى قياسيا بمعدل 403,3 أجزاء في المليون، أي أكثر بـ 145 % مما كان عليه الحال في الحقبة ما قبل الثورة الصناعية، وهو الأعلى في خلال 800 ألف عام، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
ومن المرتقب أن  يستمر هذا المعدل بالارتفاع طوال عقود، حتى في السيناريوهات الأكثر تفاؤلا.

- توقعات متباينة -
ما هي نسبة الانبعاثات القصوى المقبولة للمناخ؟

بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التي تعد المرجع في هذا الخصوص، قد يبقى العالم "على الأرجح" دون احترار بمعدل درجتين مئويتين في حال لم تتخط نسبة ثاني أكسيد الكربون 450 جزءا في المليون بحلول 2100.
أما بالنسبة إلى جيمس هانسن، فإن العالم سيصبح على شفير كارثة مع مستوى من هذا القبيل.

وتشير حساباته إلى أن ذوبان الجليد في غرينلاند وأركتيكا قد يرفع مستوى المحيطات عدة أمتار بحلول 2100.

وهو ذكر بأن "المرة الأخيرة في تاريخ الأرض التي بلغ فيها تركز ثاني أكسيد الكربون 450 جزءا في المليون، كان مستوى البحر اعلى بـ 25 مترا".
وأكد على ضرورة ألا تتخطى نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 350 جزءا في المليون.
- توقعات "استشرافية" -
قال مايكل إي. مان مدير مركز "إيرث سيستم ساينس سنتر" في جامعة ولاية بنسيلفانيا إن "هانسن على حق عند قوله إن كثيرة هي تداعيات التغير المناخي التي تحدث أسرع من المتوقع وتكون أشد وقعا من التوقعات".
وقد تبين أن التوقعات التي قدمها في الماضي "كانت استشرافية".

وبنظر هانسن، حتى لو استطاعت البشرية قلب المعادلة في وقت أبكر من المتوقع، لن يكون ذلك سريعا بما فيه الكفاية لتخفيض مستوى ثاني أكسيد الكربون إلى 350 جزءا بالمليون بحلول نهاية القرن.
ولا بد لذلك من "سحب 150 مليار طن" من هذا الغاز من الغلاف الجوي، بحسب العالم الذي يدرك أن التكنولوجيا اللازمة لهذه المساعي غير متوفرة بعد.
وصوفي كيفلهان، كما جدها، قلقة على حالة الكوكب. وهي تلاحق مع نحو 20 شابا آخر الحكومة الفدرالية الأميركية أمام القضاء، بتهم التقاعس المناخي.
وشددت الشابة "لدينا حقوق دستورية تتعرض للانتهاك".
وبالرغم من كل التنبؤات المتشائمة، لا يستسلم جيمس هانسن لليأس ويواصل جهوده للحد من الاحترار المناخي.