في جوّ استعراضيٍ عالمي حيث يجتمع جمال الصوت بأرقى المعزوفات الفنية الأوبرالية، قدّمت خشبة مسرح البحرين أول حفل أوبرا لجمهورٍ أبدى تعطّشه واحترامه لهذا الفنّ العريق. بحضور العديد من الشخصيات والسفراء ومحبي غناء الأوبرا، غنّى السحر الإيطالي في ليلته الأولى مساء السبت، وكأن الحكاية لم تعد قادرة على الكتمان أكثر وربما لأن الأوبرا صارت بامتلاكِ هذا العالم. سار الريجوليتو على خشبة مسرح البحريني الوطني وسرد تجربة إيطاليا العالمية في الأوبرا وحكاية الكاتب "جوزيبي فيردي" الخالدة. هنا لا شيء يبدو ثابتًا، فالمسرح يدير الصوت على رواية عالمية تعود إلى العام 1851م، وتتقمص الملامح الإيطالية أدوارًا غريبة، تفتح من قلبِ الحياة متواليات عديدة، تلامس الإنسان بنبله وانتقامه، بحبه وحيله، بتجربة الدنيا الواسعة والمتشابكة. هذا التقاطع الذي يقول الحقيقة بمواربة الصوت والحركة، تتحرك بداخله مجموعات فنية وموسيقية تُذكر العالم بروائع الأوبرا، بقدرة التعبير الجسدي على أن يفصّل بمقاسات واسعة أحلامًا وحيوات متوازية . قبيل العرض الاوّل، أبدت معالي وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في مقابلة خاصة للصحافة الإيطالية، أهمية لقاء الحضارات في لغة الموسيقى التي ترقى بالإنسان وتجعله واحداً أمام عظمة هذا الفنّ وإبداعاته. كما أكّدت اهتمام جلالة الملك المفدى وتشجيع سمو رئيس الوزراء الموقر لنمو الحياة الثقافية في مملكة البحرين، فالقيادة حضرت افتتاح المسرح الوطني في عام المنامة عاصمة الثقافة العربية، وها هي الداعم الأول للسياحة في سنتها العربية لعام 2013. كما شكرت مديرة ومؤسسة الفرقة الإيطالية السيدة كريستينا موتي معالي وزيرة الثقافة على اهتمامها المباشر بالإرتقاء بالحياة الثقافية في مملكة البحرين وعبّرت عن فرحتها باكتشاف "هذا البلد الجميل والمُضيف حيث لا يشعر الزائر بغُربةٍ ثقافية بل يلتقي بأخيه الإنسان ويفرح بغنى الإختلاف". "ريجوليتو" بحسه الفكاهي السيء، بسخريته السوداء والمُرّة، يحمل الوجوه كلها، يستبدلها مرارًا لنعرف كيف تحطّ الحياة هناك... يتجاوز الآخر الذي عبثًا يعترض الطريق، وتبدو هنا الحكاية في منحى مختلف، حيث لا شيء قد يكون مألوفًا أو متوقعًا. في هذا العرض الأول... نحتفي، بخشبة واحدة تستدعي للمرة الأولى إيطاليا، وتصير المنامة عاصمة السياحة العربية 2013م أمام هذه الجهة من العالم. حيث الأوبرا.. حيث الموسيقى.. وحيث حياة أخرى.