تحدّث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الإثنين عن مباحثات “غير سهلة” مع الموفدَين الأميركيين في برلين حول تسوية محتملة للنزاع مع روسيا، لكنه أشار إلى إحراز “تقدّم حقيقي” في ما يتّصل بالضمانات الأمنية، في حين اقترح الأوروبيون قيادة “قوة متعددة الجنسيات”.
التقى زيلينسكي، لليوم الثاني على التوالي، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس، جاريد كوشنر، في محادثات ترمي إلى التوصل لاتفاق ينهي الحرب التي اندلعت مع بدء روسيا غزو أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، وذلك استنادا إلى مقترح قدمه ترامب.
وأشاد بـ”تقدم حقيقي” تم إحرازه في المحادثات في ما يتّصل بالضمانات الأمنية، لكنّه لفت إلى استمرار الاختلاف في موقفي البلدين في ما يتّصل بإمكان تنازل كييف عن أراض لموسكو.
وقال زيلينسكي في تصريح لصحافيين “هناك قضايا معقدة، وخصوصا تلك المتصلة بالأراضي (…) فلنقل بصراحة إن مواقفنا لا تزال مختلفة”.
من جهته، أبدى المستشار الألماني فريدريش ميرتس تفاؤلا الإثنين مشيرا إلى وجود “فرصة لعملية سلام حقيقية”، ومشيدا بعرض الولايات المتحدة ضمانات أمنية قوية.
واقترح قادة الدول الأوروبية الكبرى والاتحاد الأوروبي الإثنين نشر “قوة متعددة الجنسيات” في أوكرانيا بقيادة أوروبية ودعم الجيش الأوكراني “بشكل مستدام”، على أن يُحدَّد عديده بـ800 ألف عنصر، وذلك وفق بيان مشترك صدر في برلين.
وأشار القادة الأوروبيون إلى أن هذه القوة ستكون “مؤلفة من مساهمات دول متطوّعة، ومدعومة من الولايات المتحدة” التي ستتولى الإشراف على “آلية لمراقبة وقف إطلاق النار والتحقّق منه”. وحضّ القادة الأوروبيون روسيا على القبول بـ”وقف لإطلاق النار”.
في واشنطن، قال ترامب إنه سيُجري في وقت لاحق الإثنين محادثة هاتفية مع زيلينسكي ومجموعة من القادة الأوروبيين المجتمعين في برلين، بينهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
كذلك يتوّقع مشاركة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب وغيرهم، إضافة إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وقالت واشنطن إنها عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي، وأبدت ثقة بأن روسيا ستقبل بذلك، في ما وصفته بأنه اختراق على مسار إنهاء الحرب.
وصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت ساعات في برلين بأنها إيجابية، وقالوا إن الرئيس الأميركي سيسعى في اتصاله للدفع قدما بالاتفاق.
ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه يتعيّن على أوكرانيا أيضا القبول بالاتفاق الذي قالوا إنه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة الحلف التي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوما على الجميع.
وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته إن “أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيسي إلى وجود ضمانات قوية حقا، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية” بحجم الجيش الأوكراني.
وأضاف “تلك الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد. إنها مطروحة الآن إذا جرى التوصل إلى خاتمة جيدة”.
وسبق أن استبعد ترامب انضمام أوكرانيا رسميا إلى الحلف الأطلسي، وتماهى مع روسيا في اعتبارها أن تطلعات كييف للانضواء في التكتل هو أحد أسباب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في العام 2022.
وقال ميرتس إن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون مدعّما “بضمانات قانونية ومادية كبرى من الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما طرحته الولايات المتحدة على الطاولة هنا في برلين من حيث الضمانات القانونية والمادية”. وتابع “إنه أمر لافت حقا. إنها خطوة مهمة جدا إلى الأمام أرحّب بها”.
تحدّث الرئيس الأوكراني عن مباحثات “غير سهلة” ولكن “مثمرة” مع الموفدَين الأميركيين في برلين، وقال في تصريح لصحافيين “سأكون صادقا معكم، هذه المحادثات ليست أبدا سهلة. لكن التواصل كان مثمرا، مع تفاصيل كثيرة، فعلا كثيرة”.
وكان مسؤول مطّلع على المفاوضات أفاد فرانس برس بأن المفاوضَين الأميركيين ما زالا يريدان من أوكرانيا التخلي عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك (شرق) اللتين تشكلان معا الدونباس، كشرط لمحادثات السلام مع روسيا. وهو أمر يرفضه زيلينسكي.
تسيطر موسكو على معظم لوغانسك ونحو 80 في المئة من منطقة دونيتسك، وفق معهد دراسة الحروب ومقره في الولايات المتحدة.
وقال المسؤول إن الرئيس فلاديمير “بوتين يريد أراضي”، مضيفا أن الولايات المتحدة تطالب أوكرانيا “بالانسحاب” من المنطقتين وأن كييف غير موافقة على هذا الطلب.
وأقرّ مسؤول أميركي آخر بعدم التوصل لاتفاق بشأن الأراضي. ويتحدّث ترامب عن حتمية تنازل أوكرانيا عن أراض لروسيا، وهو ما يرفضه زيلينسكي تماما.
في الأثناء تتمسّك روسيا بشروطها، بما في ذلك تنازل أوكرانيا عن أراض ووقف مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات للصحافيين الاثنين، إن روسيا تتوقع من الولايات المتحدة أن “تزودنا بالمفهوم الذي تتم مناقشته في برلين اليوم”.
وتعهّد ميرتس مواصلة دعم أوكرانيا في تصدّيها لما وصفه بأنه “هجوم إجرامي من جانب بوتين”. وقال “لن نتمكن من تحقيق سلام دائم في أوروبا إلا معا، مع أوكرانيا حرة وذات سيادة، أوكرانيا قوية قادرة على الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية الآن وفي المستقبل”، مضيفا “إن مصير أوكرانيا هو مصير أوروبا بأسرها”.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك