يعقد البرلمان العراقي الجديد، اليوم الاثنين، أولى جلسات دورته النيابية السادسة، في ظل تنافس سياسي واضح على منصب رئاسة المجلس، لا سيما بين القوى السنية، بالتزامن مع تحذيرات رسمية من مغبة التأخير في حسم المناصب الدستورية الأساسية.
وأفادت مصادر برلمانية بأن الاستعدادات اكتملت لانعقاد الجلسة الأولى، التي ستُعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وبحضور النواب الفائزين في الانتخابات الأخيرة. ومن المقرر أن تقتصر أعمال الجلسة على أداء النواب الجدد اليمين الدستورية، يليها الشروع بإجراءات انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه.
وينص الدستور العراقي على أن تُعقد الجلسة الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وأن يتم خلالها انتخاب رئيس البرلمان ونائبين له بالأغلبية المطلقة، عبر اقتراع سري مباشر. وبحسب الأعراف السياسية، يكون منصب رئيس البرلمان من حصة المكون السني، فيما يذهب منصبا النائبين إلى المكونين الشيعي والكردي.
وفي هذا السياق، أعلن المجلس السياسي الوطني، الذي يضم غالبية القوى السنية الفائزة في الانتخابات، ترشيح هيبت الحلبوسي، المنتمي إلى حزب “تقدم”، لمنصب رئيس البرلمان. وقال قادة في المجلس إن قرار الترشيح جاء بعد مشاورات ومداولات بين القوى السنية الرئيسية، مؤكدين أن المرشح يمثل الأغلبية السنية داخل مجلس النواب.
ودعا المجلس بقية الكتل السياسية إلى احترام هذا الترشيح، والمضي قدماً في استكمال الاستحقاقات الدستورية وتشكيل الحكومة الجديدة دون تأخير، بما يضمن الاستقرار السياسي في البلاد.
في المقابل، أعلن زعيم تحالف العزم مثنى السامرائي ترشحه أيضاً لمنصب رئيس البرلمان، معتبراً أن أي مرشح لا يحظى بتوافق جميع مكونات المجلس السياسي الوطني لا يمكن اعتباره ممثلاً حصرياً للمكون السني. وأكد أن النظام الداخلي للمجلس يشترط التوافق في اتخاذ القرارات المصيرية، معرباً عن أمله في أن يتم التوصل إلى تسوية خلال جلسة اليوم.
وعقب انتخاب رئاسة مجلس النواب، تبدأ المرحلة التالية من المسار الدستوري بتقديم الترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية، على أن يُنتخب خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ انعقاد الجلسة الأولى، وبحضور ثلثي أعضاء المجلس. ويتطلب الفوز في الجولة الأولى الحصول على أغلبية الثلثين، وفي حال عدم الحسم يُلجأ إلى جولة ثانية يُكتفى فيها بالأغلبية البسيطة.
وبعد انتخاب رئيس الجمهورية، يُكلَّف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة الجديدة خلال مدة أقصاها 15 يوماً. ويمنح رئيس الوزراء المكلّف مهلة 30 يوماً لتقديم تشكيلته الوزارية وبرنامجه الحكومي إلى البرلمان لنيل الثقة، وفي حال الإخفاق يتم تكليف مرشح آخر ضمن المدة نفسها.
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى قد حذّر في وقت سابق من أن التجارب السابقة أظهرت تجاوز المدد الدستورية في اختيار شاغلي المناصب الرئاسية الثلاثة، معتبراً ذلك خرقاً واضحاً للدستور ومساساً بمبدأ التداول الديمقراطي للسلطة. وشدد على ضرورة الالتزام بالتوقيتات الدستورية الخاصة بانتخاب رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء، لضمان استكمال بناء السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وبحسب النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الأخيرة، تصدّر تحالف “الإعمار والتنمية” بزعامة رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني عدد المقاعد، تلاه ائتلاف “دولة القانون”، ثم حزب “تقدم”، فيما حل الحزب الديمقراطي الكردستاني في المرتبة الرابعة. كما أظهرت النتائج حصول التحالفات الشيعية على الغالبية البرلمانية، مقابل تمثيل واسع للقوى السنية والكردية، إضافة إلى مقاعد مخصصة لكوتا الأقليات.
وتتجه الأنظار إلى جلسة اليوم بوصفها محطة حاسمة في رسم ملامح المرحلة السياسية المقبلة، وسط ترقب داخلي وخارجي لمسار تشكيل الحكومة الجديدة ومدى التزام القوى السياسية بالسقوف الدستورية المحددة.
قد يهمك ايضا
أرسل تعليقك