للسنة العاشرة على التوالي، تعزز المملكة العربية السعودية اهتمامها بالإبل كموروث عريق، من خلال مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، الذي يعد المهرجان العالمي الأول والرائد في تعزيز الجوانب الحضارية والوطنية، ويحقق عوائد ثقافية واقتصادية للمجتمع.
وحوّلت المملكة هذا الاهتمام بالموروث إلى جزء من الهوية الوطنية السعودية والخطاب المقدم دولياً، وأصبحت تلك الصور حاضرة في المعارض والمهرجانات العالمية، كقصة تختصر الشخصية السعودية التي تحافظ على موروثها التاريخي، وتلتزم بالتطور والحداثة في ذات الوقت.
المهرجان العالمي الأول
انطلقت النسخة العاشرة من مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على أرض الصياهد، شمال شرقي العاصمة الرياض. يؤكد هذا الحدث مدى اهتمام الدولة بالإبل وموروثها الثقافي والتاريخي.
رمزية الصياهد
والمنطقة المختارة لإقامة المهرجان منذ انطلاقه تحمل رمزية ودلالات تاريخية وسياسية، كونها نقطة تجمع لجيوش الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن لتوحيد المملكة. وتعني مفردة "الصياهد" أو "الصيهد"، حسب مراجع لغوية، "الحر الشديد، والسراب المضطرب، والأرض الواسعة الجافة".
تأصيل التراث
كما يهدف المهرجان إلى تأصيل تراث الإبل وتعزيزه في الثقافة السعودية والعربية والإسلامية، ويسعى لتوفير منظومة اقتصادية متكاملة تشمل المزاد والمستلزمات والصناعات المتعلقة بالإبل، وتنمية عوائده للمجتمع. يهدف المهرجان أيضاً إلى تحقيق الريادة إقليمياً وعالمياً، ليصبح أبرز ملتقى دولي عن الإبل، ووجهة ثقافية وسياحية ورياضية واقتصادية.
عز لأهلها
شعار المهرجان لهذا العام 2025 هو "عز لأهلها"، ويبرز الشعار مكانة الإبل في نفوس العرب منذ القدم وحتى اليوم. لا يزال العربي يعتني بالإبل ويوليها اهتمامه، بوصفها رمزاً خالداً للموروث العربي الأصيل، وقيمتها كمصدر للعيش.
المهرجان "وعلوم الرجال"
يحتضن المهرجان عدداً من الفعاليات الثقافية، منها فعالية "علوم الرجال" التي تسلط الضوء على تراث المملكة عبر برامج ومسابقات متنوعة تناسب مختلف الفئات. تشمل هذه الفعاليات: "تجربة المبيت التقليدي في مهرجان الملك عبد العزيز للإبل"، و"التعرف على الإبل والصقور والتعامل معها"، و"فنون استقبال الضيوف وإعداد القهوة السعودية"، و"مسابقات اجتماعية وثقافية"، و"سمر ليلي مع رصد النجوم"، و"تعلم لبس الزي السعودي بإتقان"، و"إعداد المأكولات الشعبية السعودية"، وغيرها.
تعزيز الموروث
ويعد اهتمام السعوديين بالإبل، ليس مجرد عاطفة تجاه حيوان تراثي، بل هو ارتباط مركب تشكل عبر مئات السنين، وتحول اليوم إلى ظاهرة ثقافية واقتصادية، تعكس عمق الهوية السعودية وتطورها.
الإبل والحياة اليومية
في الجزيرة العربية، كانت الإبل العمود الفقري للحياة اليومية، إذ شكلت وسيلة السفر، ورافعة التجارة، ورفيقة الطرق الطويلة، وسبب النجاة في أوقات الشح. لم تكن مجرد حيوان، بل شريكة في الحياة ومكوناً أساسياً للذاكرة الجماعية. نقلت على ظهورها البضائع، وانتقلت القبائل، وصنعت طرق القوافل، وتكونت العلاقات بين الناس.
الوعي الوطني
مع قيام الدولة السعودية الحديثة، انتقل هذا الإرث إلى وعي وطني، ليصبح جزءاً من الشخصية السعودية المعاصرة. جسد المهرجان أحد أوجه اهتمام الحكومة السعودية بهذا الموروث العريق.
البعد الديني والثقافي
للإبل بعد ديني خاص، حيث ورد ذكرها في القرآن والسنة، مما منحها مكانة خاصة في الوعي الديني. جعل هذا الأمر الكثيرين من أبناء الجزيرة العربية ينظرون إليها بتقدير واحترام، باعتبارها مخلوقاً يجمع بين القوة والصبر والألفة.
من الناحية الثقافية، كانت الإبل حاضرةً على الدوام في القصص والروايات المتناقلة، بالإضافة إلى الشعر العربي والنبطي، وصور الفروسية والشجاعة.
التراث ورؤية 2030
وراعت رؤية المملكة 2030 العمل على إحياء التراث الوطني، وتمكين الجميع من الوصول إليه من خلال مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، بوصفه شاهداً حياً على الإرث السعودي العريق، والدور الفاعل في تواجده على خريطة الحضارات الإنسانية.
اهتمام عالمي
ويحظى مهرجان الملك عبد العزيز للإبل باهتمام واسع من الإعلام الغربي، والعالمي، والعربي، ويحرص عدد من وسائل الإعلام الأجنبية على تغطيته، وتعتبره حدثاً تراثياً وثقافياً واقتصادياً فريداً من نوعه، فيما يبرز المهرجان مكانة الإبل كرمز أصيل في الثقافة السعودية، مع التركيز على أهميته التاريخية والاجتماعية.
جوائز ضخمة
ويقدم المهرجان جوائز ضخمة تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الريالات. بلغت قيمة الجوائز في نسخ سابقة حوالي 300 مليون ريال، ووصلت في نسخ أخرى 200 مليون ريال. تمنح هذه الجوائز للمتنافسين على مزايين الإبل (مختلف الفئات والألوان)، وسباقات الهجن، ومسابقات ثقافية كـ"فرسان القصيد" و"المعلقات النبطية". تعتبر هذه الجوائز من أكبر الجوائز في العالم لسباقات الإبل، وتهدف إلى تكريم السلالات النادرة، وتحفيز الملاك، وإبراز التراث السعودي الأصيل.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
مواطنة تلفت أنظار السياح بصابون حليب الإبل وتكشف مدى قابليته للأكل
إهداء ناقة لنجل السفير البريطاني بعد إعلان رغبته دخول عالم الإبل
أرسل تعليقك