مراكز التجميل

أفاد قضاة عراقيون بأن أغلب مراكز التجميل المرخصة وغير المرخصة تحولت إلى مراكز تجميل تجري فيها عمليات بسيطة وتخضع للتدخلات الجراحية يجريها أشخاص غير مختصين أو مبتدئون، وانتقدوا استخدام مواد رديئة وغير فعّالة، مشيرين إلى أن غالبية الدعاوى المعروضة أمام المحاكم من مكتب المفتش العام لوزارة الصحة تتعلق بالأخطاء الطبية.

وقال القاضي عامر خلف، في حديث صحافي، إن العراق شهد أخيرا تزايداً ملحوظاً في الأخطاء الطبية الناتجة عن عمليات التجميل، وأرجعها إلى انتشار مراكز التجميل غير المرخّصة في بغداد خصوصا، وبقية المحافظات، وممارسة المهنة من غير المختصين، رغم خطورتها والتي تسبب الوفاة أحيانا. وأوضح خلف أن مسؤولية طبيب التجميل الجزائية والمدنية نتيجة الأخطاء لا تختلف عن مجالات الجراحة الأخرى، لافتاً إلى توجه المحاكم العراقية نحو تشديد العقوبة بحق جراحي التجميل عند وقوع الضرر.

وأشار إلى أن تحقيقات بيّنت استخدام مواد رديئة في الجراحات التجميلية، وإهمال الفحوصات التي يجب أن تنجز قبل العمليات، لافتا إلى أن أبرز الأخطاء تتمثل في التشوهات، أو مضاعفات ما بعد العملية التجميلية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة، لاسيما عمليات التخلص من السمنة.

وذكرت الموظفة في القطاع التعليم، الاء جعفر(45 عامًا)، أن عمليات التجميل والاعتناء بالشكل الصحي الجميل أصبحا ضرورة من ضروريات الحياة، ولا بد لكل سيدة أن تعتني بشكلها، وأن عمليات التجميل شهدت قفزة كبيرة في علاج الحالات المرضية في الوجه أو الجسم عموما. وأشارت إلى أنها تتابع كل ما هو جديد في عالم التجميل، وتختار بعناية الأطباء والمراكز الموثوق بها، لأن كثيرين من ضعفاء النفوس أخذوا يمارسون المهنة، مستغلين جهل بعضهن، خصوصا أنهم يجرون العمليات بأسعار زهيدة ويستقطبون الناس نحو مراكزهم غير القانونية.

وقال وسام محمد (50 عامًا)، وهو موظف حكومي، إنه فكر قبل عام في طلاق زوجته نتيجة هوسها بعمليات التجميل، وكونها تنفق نصف الميزانية المقرر صرفها على العائلة، والبالغة نحو 500 ألف دينار، على تلك العمليات، حتى إن شكلها تغيّر كثيرا، وأصبحت لا تمت بصلة لشكلها القديم. وأوضح في حديث صحفي أن إحدى العمليات التي خضعت لها زوجته، وهي عملية تصغير الأنف، فقدت على إثرها حاسة الشم. لكنها بعد مضي أقل من ستة أشهر عادت إلى شغفها ومتابعة ما يظهر في الإعلانات عن تفتيح البشرة، وغيرها من العمليات البسيطة والمعقدة. وأكد ضرورة علاج المدمنين على عمليات التجميل، لأنه لا يقل خطورة عن إدمان المخدرات.

وذكرت قاضية محكمة الجنح، ذكرى جاسم، في تصريح صحافي، أن الأخطاء الطبية الناتجة عن العمليات الجراحية كثيرة، لكن شكاواها في العادة لا تصل إلى مرحلة المحاكمة، إذ يحصل تنازل في مرحلة التحقيق أو تسوية بين الأطراف المتنازعة قبل اللجوء إلى القضاء. وتُعرب عن اعتقادها بأن عادات المجتمع العراقي بعدم المجاهرة بالأخطاء الطبية الناتجة عن العمليات التجميلية من أبرز أسباب عدم اللجوء إلى المحاكم، إضافة إلى قلة الوعي القانوني لدى بعض المواطنين.

وأفادت جاسم بأن معظم دعاوى محاكم الكرادة من هذا النوع يرفعها مفتش عام وزارة الصحة ضد مراكز التجميل. موضحة أن أغلبها تقع نتيجة فتح هذه المراكز أقساما طبية غير مجازة، وأن المحاكم العراقية تحاسب المخالف وفق أحكام المادة (240) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، على اعتبار أن تلك المراكز افتتحت خلافا للموافقات التي يجب اتباعها.

وتفتقر مراكز التجميل في العراق لأية إغراءات فهي لا تقدم خدمة طبية فائقة ولا تستخدم تقنيات أكثر تطوراً من المستخدمة بمراكز التجميل في الدول المجاورة، ومن ثم يكون العامل الوحيد الذي يمنحها الأفضلية هو التكلفة المنخفضة لعمليات التجميل بها.

تجدر الإشارة هنا إلا أن انخفاض التكلفة سببه الوحيد هو جذب العملاء المحليين بدلاً من سفرهم إلى تركيا أو إيران وإجراء الجراحات التجميلية هناك، فالعراق لا تطمح -حالياً على الأقل- أن تكون منافساً دولياً.