حقيقة أن الدببة القطبية تٌقتل بسبب تغير المناخ

أثار مقطع مثير للانتباه لدب قطبي هزيل، عثر عليه عبر تضاريس خالية من الثلوج والجليد، وكتل من الفراء المتشبثة بجسده المترهل وهو يسحب ساقه الخلفية حيث يبحث بيأس عن الغذاء، ويقول النص التمهيدي المرافق للمقطع المصوّر على الموقع الإلكتروني "SeaLegacy" للناشطين البيئيين، إنّه "نحن نعلم أن ذلك سوف يكون مزعجًا للغاية للكثيرين منكم، ولكن لا يمكننا الابتعاد عن الأزمة البيئية الملحة التي يواجهها كوكبنا"، تم تصوير هذا الفيديو على جزيرة سومرست، بالقرب من جزيرة بافن، وجزء من أرخبيل القطب الشمالي الكندي، وتهدف اللقطات إلى إظهار دب محروم من أرضه على الجليد البحري، وأجبرت على البحث عن الطعام في صندوق القمامة المستخدم من قبل الصيادين المحليين.

وشوهد الدب المثير للشفقة وهو يمضغ قطعة محترقة من الفوم من مقعد ملقى في المخلفات قبل الهبوط على الأرض وهو منهك حيث ينتهي الفيديو، ومن بين التعليقات التي ذكرت على مواقع التواصل الاجتماعي 'هذا رهيب' و 'هذا يجب أن يخجلنا جميعا'، كما تم تغطية القصة على نطاق واسع من قبل الصحافة، "فيديو لـ"الدب القطبي" الجائع يمزق قلبك" كان عنوان صحيفة "نيويورك تايمز"، في حين وصفت صحيفة "الغارديان" كيف هذا "الفيديو الذي يمزق القلب "يتعرض إلى أزمة المناخ "، كان الغضب مفهوماً ولكن هناك مشكلة واحدة فقط مع هذه القصص، فعلى الرغم من افتراض أن الدب قد توفي في الأيام التي تلت عملية مشاهدته، فإنه لم يتم نشر أي مشاركة بعد وفاته، ونتيجة لذلك، لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا عن سبب مقتله، أو ربط وفاته بدببة "SeaLegacy" القطبية الأخرى وغيرهم من الناشطين في مجال البيئة التي قد تم تقديم قدم ادعاءات عنها في الماضي.

ونشرت المصورة الألمانية كيرستين لانجنبرغر، في عام 2015، على سبيل المثال، صورة لدب قطبي على نحو مماثل على صفحتها على الفيسبوك، وأوضحت انه تم التقاطها في سفالبارد وهى ارخبيل للجزر الواقعة بين البر الرئيسي النرويجي والقطب الشمالي حيث تم تصوير الفيلم الوثائقي الساحر ل "بي بي سي" وهو سنو بيرس "الدببة الثلجية"، حيث أظهرت واحدة فقط من الإناث ضعيفات الوزن هناك، وقالت إنها لا تشك فيمن سبب حالتها البائسة، وأضافت: "لدي عيون لأرى بها ودماغ لاستخلص بها النتائج، إن تغير المناخ يحدث، وأكثر ما يؤثر هنا في القطب الشمالي "، على الرغم من اعترافها بأنها لا تملك أية بيانات علمية تدعم استنتاجاتها، إلا أن منشورها عبر الإنترنت انتشر في جميع أنحاء العالم، وبعد شهر، نُشرت صورة لجثة الدب القطبي العظمي على صفحة "إنستغرام" من بول نيكلن، مصور الحياة البرية الكندي وعالم الأحياء البحرية الذي شارك في تأسيس SeaLegacy مع شريكته كريستينا ميترمييه، وهي أيضا مصورة وعالمة بيئية.

تم الكشف عن "SeaLegacy" في حدث رفيع المستوى استضافه الأمير ألبرت موناكو في معهد المحيطات في الإمارة، مهمتها هي تحقيق "التواصل البصري عالي التأثير الذي يدفع الناس لاتخاذ إجراءات حقيقية لحماية محيطاتنا" - وكان لصورة نيكلين بالتأكيد تأثير كبير، وقال نيكلن أنه أخذها في سفالبارد في عام 2014 حيث واجه عددا من الدببة الميتة، مشيرًا إلى أنّه "كانت هذه الدببة نحيفة جدا، ويبدو أنها ماتت من المجاعة فإنها ، في غياب الجليد البحري، لم تكن قادرة على مطاردة الفقمات، أصبح الآن العثور على دب قطبي ميت أكثر شيوعا ".

وأكّد عالم الأحياء البرية في القطب الشمالي الدكتور جيف هيجدون، الذي عمل في المنطقة على مدى السنوات ال 12 الماضية، أنّه "أعترض على العلاقة التي ربطتها "SeaLegacy" بين هذا الدب وتغير المناخ، ومن الواضح أنه يتضور جوعا ولكن في رأيي هذا ليس لأن الجليد اختفى فجأة ولم يعد بإمكانه مطاردة الفقمات، هناك الكثير من الاحتمالات الأخرى حول الكيفية التي انتهى به المطاف إلى هذه الحالة"، وهو مدعوم من الدكتور ستيفن أمستروب، كبير العلماء في منظمة الحفاظ على الدببة القطبية، على الرغم من أن هذه اللقطات قد تم التقاطها من مسافة، قال إن حجم الدب وشكل الشعر حول منطقة أعضاءه التناسلية تشير إلى أنه كان من الذكور البالغين الشباب، ولعل كل هذا يكمن في الحياة الجنسية العنيفة لهذه الأنواع.

وعند التقاتل على أنثى، تقف الدببة الذكور، والتي يمكن أن تصل إلى نصف طن، على ساقيه الخلفيتين – ليصل طوله إلى 10 أقدام - ويواجهون بعضهم البعض مثل الملاكمين، لديهم مخالب شائكة وحادة، وبينما يتصارعان، يقومون بعض وجرح عنق خصمهم، مما تسبب في الندوب، ولا توجد أي علامات على ندبة في دب جزيرة سومرست، مما يشير إلى أنه واجه عدد قليل نسبيا من هذه المعارك أو لم يصل إلى مرحلة النضج الجنسي بعد، التي تحدث عادة بين سن السادسة والعشرة، وبحلول وقت تصوير هذا الفيديو في أغسطس، كانت فترة التزاوج قد انتهت منذ فترة طويلة، وكذلك موسم الصيد، تشكل الفقمة أساس نظامهم الغذائي وأفضل فرصة للدب للقتل هو عندما تظهر فقمة من خلال ثقوب التنفس في الجليد البحري، فبدون هذا الجليد لن تجد ما تطارده، سوف تجوع الدببة، لا أحد يشكك في ذلك.