«نوبل للسلام 2025» وفخ الآيديولوجيا

«نوبل للسلام 2025» وفخ الآيديولوجيا

«نوبل للسلام 2025» وفخ الآيديولوجيا

 السعودية اليوم -

«نوبل للسلام 2025» وفخ الآيديولوجيا

نديم قطيش
بقلم : نديم قطيش

أخرج منح جائزة «نوبل للسلام 2025» لزعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماشادو، الجائزة ولجنتها من مأزق سياسي، وأدخلهما في فخ آيديولوجي أعمق.

رغم استحقاق ماشادو للتكريم لنضالها السلمي الثابت ضد نظام بلدها، فإنَّ الجائزة هذا العام ستُعرَّف ولوقت طويل بهوية من حُجبت عنه لا بهوية من فاز بها؛ الرئيس دونالد ترمب.

أفرزت حملة الضغط غير المسبوقة التي شنَّها الرئيس الأميركي معضلة وجودية للجنة. منحه الجائزة كان سيبدو استسلاماً لـ«التنمر» السياسي الذي مارسه ترمب، وسيؤدي للمزيد من الطعن في مصداقية الجائزة في النرويج. وكانت الجائزة ستضفي شرعية أخلاقية على شخصٍ تصنّفه النخبة الليبرالية العالمية معادياً للقيم الديمقراطية ومؤسساتها.

في المقابل، فإن حجب الجائزة عنه عزز الشكوك التي رافقت مسيرة الجائزة، والاتهامات للجنتها بأنها لا تعمل ككيان يقيّم السلام دائماً بموضوعية، بل كحارس آيديولوجي للقيم والرموز الليبرالية في الغالب. فاللجنة، التي تشكلت بتأثير التوجهات اليسارية الوسطية في النرويج، غالباً ما تميل إلى تكريم المقاومة الفردية ضد الأنظمة التي تنظر إليها على أنها استبدادية، كما في حالة ماتشادو، على حساب إنجازات دبلوماسية أوسع لنظم وإدارات سياسية قد لا تتماشى مع رؤيتها الآيديولوجية. تجاهُل ترمب، الذي أسهمت جهوده في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإنقاذه لمئات آلاف الأشخاص المهددين في حال استمرار النزاع، يكشف عن انحياز آيديولوجي عميق للمثل التقدمية على حساب الجهود البراغماتية ذات الأثر الكبير، لا سيما حين تقودها شخصيات مكروهة من الليبراليين مثل ترمب.

لم يفز ترمب بالجائزة، لكن منطق الحرب السياسية التي يخوضها ضد اليسار العالمي فاز بلحظة تعزز الانطباع بأن «نوبل» أصبحت صدى للنخب الليبرالية التي تعيش داخل فقاعتها الخاصة.

هذا التجاهل يُغذي السردية الشعبوية بأن «النخب تُزوّر قواعد اللعبة» لتهميش الخصوم السياسيين، وهي التهمة التي لم يتنازل عنها الرئيس الأميركي منذ أن اعتبر أن نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020 زُوّرت لصالح مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن.

لم تُضِع لجنة جائزة «نوبل للسلام» فقط فرصة تاريخية لاستخدام الجائزة لترسيخ المكاسب الدبلوماسية لترمب ومنحه غطاءً سياسياً لمواصلة عمله نحو عملية سلام أشمل، بل تغامر الآن بزيادة الانقسامات الآيديولوجية بين تيار الصحوة اليساري (ثقافة الووك) وتيارات اليمين القومي الصاعدة في أوروبا والعالم.

ليست مطالبات ترمب بالجائزة مجرد تفاخر من شخصية نرجسية، بل موقف تدعمه إنجازات دبلوماسية ملموسة تفوق، من حيث الحجم والتأثير، إنجازات العديد من المرشحين، وحتى بعض الفائزين السابقين.

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتمهيد لإنهاء تصعيد وحشي استمر لعامين بين إسرائيل و«حماس»... يقود ترمب بنشاط لافت جهود تحقيق السلام الشامل في المنطقة، بعد نجاحه في عقد اتفاقيات سلام في ولايته الأولى بين الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

ولا تخلو جعبة ترمب من توظيف القوة العسكرية الأميركية لصالح تعزيز السلام، بدل نشر الفوضى، كما حصل مع إيران خلال نهاية ولايته الأولى، وما يحصل الآن من تحجيم للنفوذ الإيراني وزعزعة قدرات النظام.

وإن كانت جهود ترمب في ملف الحرب الروسية - الأوكرانية لا تزال في مراحلها الأولى وتواجه تحديات جمة، فإن نهجه الدبلوماسي غير التقليدي القائم على الاتصال المباشر مع الرئيس فلاديمير بوتين، والتلويح بالعقوبات القاسية، قد أثمر بعض النتائج الملموسة. وقد تُشكل جهوده أساساً لتسويات مستقبلية أكثر شمولاً.

هذه وغيرها، بصرف النظر عن مبالغات ترمب عن إنهائه ثماني حروب، إنجازات فعلية وليست وعوداً. في المقابل، استند منح الجائزة لباراك أوباما في عام 2009 كلياً إلى النيّات والتطلعات والأمل، قبل أن يوسع الأخير حروب الطائرات من دون طيار، ويزيد من التدخلات العسكرية الأميركية حول العالم.

وعليه، فإذا كان معيار الجائزة هو النتائج الفعلية، فإن ترشيح ترمب يستحق النقاش بجدية أكبر. وإذا كان المعيار هو النوايا، فنواياه لإنهاء الحروب وتحقيق السلام تتفوق على نوايا من سبقه.

للتغطية على المأزق، اختارت اللجنة ماشادو، التي تستحق التكريم لشجاعتها. بيد أن لفتة ماشادو المثيرة، وإهداءها الجائزة لترمب، أكد أن «دعمه الحاسم» هو ما «أنقذ ملايين الأرواح»، لتكشف هي نفسها عن العلاقة المباشرة بين جهود ترمب في أميركا اللاتينية وفوزها.

يبقى الخطر الحقيقي الذي تواجهه الجائزة ليس في مبررات منحها لماشادو، بل في الأسباب الكامنة خلف حجبها عن ترمب. إن حرمان صانع صفقات عالمي يمتلك إنجازات ملموسة في أكثر مناطق العالم اشتعالاً، بسبب يمينيته السياسية، يرسخ الانطباع بأن الجائزة لم تعد تقيس السلام، بل الولاء السياسي للنخبة الليبرالية. وبمجرد أن تفقد الجائزة مصداقيتها في تقييم الإنجازات، فإنها تتوقف عن كونها أداة لتعزيز السلام، وتصبح مجرد سلاح يُستخدم للانحياز في الصراعات الآيديولوجيّة.

arabstoday

GMT 18:30 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف أوكرانيا ورحلة المخاطر المحسوبة

GMT 18:24 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

من باريس إلى الصين

GMT 18:21 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

المشهد من موسكو

GMT 18:14 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

طارق السويدان وزمان «الإخوان»

GMT 18:03 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أم كلثوم و«الست» منى زكي!

GMT 18:02 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«أم كلثوم» فى «البحر الأحمر»!!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

جائزة الفيفا فى النفاق

GMT 17:55 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

الإخوان والاغتيال الثانى للنقراشى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نوبل للسلام 2025» وفخ الآيديولوجيا «نوبل للسلام 2025» وفخ الآيديولوجيا



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 06:20 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:15 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:02 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:47 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار ومواصفات سيارة "رينو كادجار" 2019

GMT 10:57 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمير عسير يستقبل رئيس المجلس البلدي في النماص

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 00:11 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

ليون غوريتسكا يُحدّد موعد حسم مستقبله مع فريق "شالكه"

GMT 11:10 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

تغريدة أوباما هي الأكثر إنتشارًا في 2012

GMT 21:07 2015 الخميس ,19 شباط / فبراير

اللجنة القضائية تتسلم أوراق سما المصري

GMT 21:47 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

زيت الياسمين لتنعيم البشرة

GMT 22:26 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

وفاة رجل الأعمال السعودي صالح كامل

GMT 22:30 2020 الأربعاء ,13 أيار / مايو

فولكسفاجن تتخذ قرارا صادما يعصف بإنتاجها

GMT 09:03 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مسكات عروس كريستال بسيطة صغيرة الحجم من دون ورود

GMT 22:27 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

MG6.. سيارة صينية بتصميم إنجليزي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon