حوار مع حزب التحرير
أخر الأخبار

حوار مع حزب التحرير

حوار مع حزب التحرير

 السعودية اليوم -

حوار مع حزب التحرير

بقلم : عريب الرنتاوي

لم أكن أعرف عندما ولجت قاعة الرشيد في مجمع النقابات، أنني سأكون على موعد مع “لقاء مختلف” … كنت قد حضرت نفسي لتقديم محاضرة حول “مفهوم الدولة المدنية”، أمام الجمهور المعتاد للمجمع، الذي يضم عادة، خليطاً من الإسلاميين والقوميين واليساريين، مع غلبة ملحوظة للتيار الإسلامي … هذه المرة، غابت مختلف ألوان هذا الطيف، أو كان حضورها باهتاً للغاية، وطغى على القاعة التي امتلأت عن بكرة أبيها، لون واحد: حزب التحرير.

أحسب أنني من المتابعين، قدر الإمكان، لأطروحات الحزب ومواقفه، وأتابع حيثما توفرت المصادر، خريطة انتشاره الكوني، ولطالما أدهشني حضوره المتعاظم في بعض دول آسيا الوسطى والباكستان، وتمكنه من الحصول على “الشرعية” في عدة أقطار عربية (تونس، لبنان والسودان)، مثلما يحظى بوجود شرعي في بلد كالدنمارك … وكان لافتاً بالنسبة لي، نجاح الحزب في تنظيم اجتماعات حاشدة في رام الله، ولقد علمت من الأصدقاء، أنه يحظى ببعض النفوذ كذلك في قطاع غزة، مع أنه ليس على علاقة تواد مع حركة حماس.

مشاركون من محافظات عدة، معظمهم مهنيون، على درجة محترمة من التعليم، يمكن أن تنسبهم إلى الطبقة الوسطى، وهذا حال الحزب في معظم ساحات انتشاره على أية حال … كوادر مثقفة، تعي ما تقول، أنجزت فروضها وواجباتها المنزلية، على درجة عالية من الكفاءة، متمرسة في المحاججة، ومواجهة الفكرة بالفكرة … واثقة من أطروحاتها، ولديها قناعة كبيرة، بأنها على حق، وأن المستقبل لها، مع أنه مضى على تأسيس الحزب أكثر من ستين عاماً، ولم يتمكن من الوصول إلى السلطة في أي بلد من البلدان.

ومع أنه تعذر عليّ أن أجد جملة مشتركة واحدة، مع أطروحات الحزب والحزبيين، إلا أنني أعترف بأنه كان نقاشاً ممتعاً وغنياً وحماسياً، إلى درجة غير مألوفة، وهذا لا يحدث عادة إلا عندما تصطدم الآراء والمواقف، النابعة من صميم عقل صاحبها ووجدانه، إلى حد يكاد يتماهى فيه المرء مع أطروحاته … فأنا مؤمن بكل كلمة قلتها عن الدولة المدنية، وهم مؤمنون بكل كلمة قالوها عن الدولة الإسلامية، وجميعنا دفع في مراحل مختلفة من حياته، أثماناً باهظة، لما آمن ويؤمن به.

الدولة المدنية مرفوضة، شكلاً ومضموناً ومرجعية، والمواطنة بدعة، فالأصل كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، والعقد الاجتماعي لجان جاك روسو، يسقط عند حاكمية الله، والمسيحيون ذميّون … السيادة لله مقابل الأمة مصدر السلطات، والإرادة الجمعية، خرافة ويوتوبيا، والخلافة كانت مصدر نهضة المسلمين واستنهاضهم من قبل، وهي طريق نهتضهم واستنهاضهم من بعد.

ولأنني من المشتغلين بالأحزاب السياسية الأردنية ومعها، طوال الوقت، فلم أستطع أن أمنع نفسي من إجراء بعض المقارنات والمقايسات، بين “صلابة” بنية تنظيم ما زال رسمياً “تحت الأرض” وقدرة كادره وكفاءته من جهة، وبين الحال الذي تعيشه دزينات ثلاثة الأقل، من الأحزاب السياسية “المرخصة” … هنا تجد “المثقف العضوي” المنخرط في كل ثنايا ومنحنيات الحزب وسياساته وبرامجه وإيديولوجيته، وهناك، بالكاد يقوى الكادر الحزبي على تعريف حزبه، بجملة مفيدة واحدة، تميزه عن عشرات الأحزاب التي تشبهه.

والأهم من كل هذا وذاك، أن اللقاء الذي كان مقرراً لساعة أو ساعة نصف، امتد لأكثر من ثلاث ساعات، استكملناه على درجات المجمع، واتسم بكل من الأدب والكياسة على الرغم من اتساع الفجوة، التي بلغت حد المفاصلة في بعض اللحظات والمداخلات … ظل الأدب الجم، هو سيد الموقف، والرغبة في إقناع الطرف الآخر، أو حشره في أضيق الزوايا، خصوصاً أمام الجمهور، هو هدف المتحاورين.

مثلي في اللقاء المذكور، مثل فريق كرة قدم يلعب على غير ملعبه، وبعيداً عن جمهوره، الغالبية الساحقة من الحضور، من لون واحد: التحرير، اتضح ذلك في مداخلاتهم وأسئلتهم وردود أفعالهم وتصفيقاتهم … قلة من الحضور، توزعت على بقية ألوان الطيف، وكنت أجد لديها بعضاَ من الاستجابة والتجاوب … ولولا أنني معتاد على اجتياز “كمائن” من هذا النوع، لكنت غادرت، قبل أن أتحدث أو قبل أن أتمم حديثي… لولا التهذيب التي ميّز مداخلات معظم الحضور، لانتهى الأمر بما لا يحمد عقباه.

جرأة المتحدثين، كانت لافتة، وإن لم تكن مستغربة لرجل مثلي، عرف عدداً منهم في مراحل مختلفة من حياته … حتى أن أحدهم اعترض على وصفي لهم بأنهم حزب “تحت الأرض”، وقال إننا الحزب الذي يحلق عالياً، فوق الأرض وليس تحتها، وفي هذا المجال، لم تتميز جرأتهم بازدواجية المعايير، كما البعض ممن نعرف وتعرفون، فقد انتقدوا النظام والمعارضات والحركات الإسلامية والعلمانية، وكل من يخالفهم الرأي، بالسوية ذاتها تقريباً.

بعد اللقاء، صرت على قناعة أكبر من أي وقت، بأن التعددية السياسية والفكرية الأردنية، تكاد تدور حصرياً في دائرة واحدة، دائرة ما يسمى بالإسلام السياسي، فهي تراوح ما بين الإخوان والسلفيين والتحريريين، وفصائل وجماعات أخرى أقل شأناً … أما بقية التيارات السياسية والفكرية، فقد تحولت إلى “بقايا صور” خرجت من كتب التاريخ، إن لم نقل خرجت من التاريخ نفسه.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار مع حزب التحرير حوار مع حزب التحرير



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 السعودية اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 10:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:53 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 06:44 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

اجعلي منزلك ينطق بجمال وأناقة اللون الأزرق

GMT 14:14 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

الخطيب يوضّح سبب زيارة وفد الأولمبية للأهلي

GMT 11:41 2017 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أول طائرة سعودية - أوكرانية تحلّق في سماء كييف

GMT 14:09 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

ميسي ونيمار يعودان مبكرًا إلى برشلونة

GMT 08:41 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

اهتمامات الصحف المصرية

GMT 08:57 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مقاتلة تسحق منافستها بعد رقصة رائعة

GMT 21:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

حفتر يعلن 'الجهاد والنفير العام' في ليبيا

GMT 11:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

موقعة الأهلي والزمالك خارج مصر رسميًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon