طقوس المسحّراتي التاريخية بلا روح في ظل كورونا
آخر تحديث GMT18:40:39
 السعودية اليوم -

يوقظ «المحظورين» في مصر بهدوء وقلق

طقوس المسحّراتي التاريخية "بلا روح" في ظل "كورونا"

 السعودية اليوم -

 السعودية اليوم - طقوس المسحّراتي التاريخية "بلا روح" في ظل "كورونا"

المسحراتي
القاهرة ـ العرب اليوم

اعتاد الشاب الثلاثيني علاء منذ 10 سنوات، النزول خلال ليالي شهر رمضان لممارسة طقوس مهنة «المسحراتي»، إلّا أنّ رمضان هذا العام يصفه المسحراتي الثلاثيني بـ«المختلف»، في ظل انتشار فيروس كورونا وفرض حظر التجول خلال ساعات الليل.

على استحياء، يتجول «علاء» في شوارع حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (غرب القاهرة) لإيقاظ سكانه للسحور، إلّا أنّ نداءه الشهير «اصحى يا نايم وحد الدايم»، ودقات طبلته هادئة على غير العادة، في ظل هدوء الشوارع وخلوها من المارة، فيما تأتي خطواته مشوبة بالقلق، تخوفاً من خرق حظر التجول المفروض من جانب الحكومة المصرية، وبالتالي الدخول تحت طائلة القانون.

يقول علاء، لـ«الشرق الأوسط»: «رغم ظروف الفيروس والحظر فإنني مضطر للنزول لممارسة مهنتي، فهي أولاً من باب التعود، ولمواصلة دور أبي الذي ورثت عنه المهنة، إلى جانب أنّه باب رزق لي خلال الشهر، لأنّه لا عمل ثابت لي فأنا (على باب الله)، لذا أنتظر شهر رمضان كل عام للحصول على بعض العطايا من الصائمين».

ويلفت إلى أنه منذ فرض حظر التجول قبل نحو الشهر وهو يفكر هل يتمكن من ممارسة مهنته أم لا، لكنّه قرر النزول في النهاية، ولا يُخفي أنّ طقوسه هذا العام «بلا روح» بسبب عدم وجود الناس بالشوارع الذين كانوا يشعر معهم بـ«الونس»، وكذلك الأطفال، الذين يتعلقون به وينتظرون مروره للسير خلفه بالشوارع والحارات مرددين نداءاته.

بخلاف حي فيصل، وغيره من الأحياء الشّعبية، تفتقد أحياء قاهرية أخرى خلال شهر رمضان هذا العام أحد أهم الملامح الرمضانيّة المتمثلة في شخصية «المسحراتي»، ليخسروا معه أحد أركان الفرحة بقدوم الشهر، بعد أن فضل العديد من «المسحراتية» عدم النزول خوفاً من خرق حظر التجول.

ورغم تقلص دور المسحراتي خلال السنوات الأخيرة، مع التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التنبيه، وقِصر عمله على بعض الأحياء الشعبية في القاهرة، وبعض القرى في المحافظات المختلفة؛ فإنّ كثيرين يفضلون سماع صوته الذي يشق سكون الليل، بل يطالبونه بأنّ يقوم بالنداء على أسمائهم فرداً فرداً.

تاريخياً؛ ظهرت مهنة المسحراتي في مصر خلال عهد الدولة الفاطمية، واستمرت بقوة في العهود اللاحقة، وهو ما جعل الرّحالة والمستشرقين الذين زاروا مصر ونقلوا طقوس أهلها وعاداتهم أن يهتموا بالتأريخ لمهنة المسحراتي كأحد ملامح مصر الرمضانيّة. بما يعني أن اختفاءه من بعض الشوارع هذا العام يعد حدثاً استثنائياً يحدث للمرة الأولى منذ مئات السنين.

ويقول الباحث التاريخي محمد جمال الحويطي، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، إنّ أول من نادى بالتسحير هو «عنبسة بن إسحاق» سنة 238 هـ، وهو حاكم مصر من ولاة الخلافة العباسية تولى حكم مصر في عهد الخليفة المنتصر، حسب ما ذكره المقريزي، وكان يذهب ماشياً من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي الناس بالسحور، وأول من أيقظ الناس على الطبلة هم أهل مصر.

تطورت بعد ذلك فكرة التسحير على يد المصريين، حيث ابتكروا الطبلة التي يمسك بها المسحراتي بيده وممسكاً بالأخرى عصاً أو سوطاً يضرب به الطبلة، وخُصص في كل خطة من خطط أو أحياء مصر رجل يقوم بهذه المهمة مردداً بعض الأشعار الشعبية أو الابتهالات الدينية، وكان يرافق المسحراتي رجل آخر أو أحد أبنائه ليمسك له فانوساً حتى يشاهد الطريق وترى الناس المسحراتي وهو يمشي بالطريق في ليالي رمضان.

ويؤكد الحويطي، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ توقف المسحراتي في رمضان خلال عهود سابقة لم يذكر مباشرة من قبل المؤرخين، لكن في زمن الأوبئة يمكن أن يكون قد حدث ذلك، مع توقف أو هجر مهن بعينها بسبب تفشي الوباء.

ووفق الحويطي فإن وجود المسحراتي في المدن تلاشى واندثر منذ سنوات حتى مع ظهوره في بعض الأحياء، فوجوده يكون على استحياء بغرض الوجود والاستمرار، وذلك لكون من يعملون بهذه المهنة ورثوها من آبائهم، ويحرصون على استمرارها لشهرتهم بها.

مهنة المسحراتي لم تعد ذات أهمية للمجتمع، حسب الحويطي الذي يرى أنّها وجدت لغرض إيقاظ الناس وإعلامهم بقرب آذان الفجر للإمساك عن الطعام والشراب، ومثله مثل مدفع الإفطار في الغرض منه، ففي ذلك الزمان لم تكن هناك وسائل التكنولوجيا المختلفة التي تحل محل المسحراتي، أما حالياً فليس هناك أي ضرورة من وجود المسحراتي، ولا ضرر من عدم وجوده.

لكن المسحراتي سيظل أحد المظاهر التراثية في مصر، وبقاؤه أصبح فقط من الموروثات الشعبية عند الكبار قبل الأطفال، التي لا يكتمل رمضان من دونها، وفق الحويطي.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :  

مسحراتي مسيحي يوقظ المسلمين على سحورهم منذ 14 عامًا

تفاصيل وأسرار يجهلها الكثيرون عن المهنة الرمضانية "المسحراتي"

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طقوس المسحّراتي التاريخية بلا روح في ظل كورونا طقوس المسحّراتي التاريخية بلا روح في ظل كورونا



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 23:33 2017 السبت ,06 أيار / مايو

دراسة تكشف دور الشيح البلدي لمرض السكر

GMT 05:45 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

غانتس يؤكد أن نتنياهو لا يصلح لرئاسة حكومة إسرائيل

GMT 00:53 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

أبرز محطات المشوار الفني لـ وحيد سيف في ذكرى رحيله

GMT 14:37 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

لوكا بوي يودع بطولة المجر المفتوحة للتنس

GMT 06:16 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسهل طرق تنظيف الميكروويف في دقائق معدودة

GMT 15:14 2017 السبت ,28 كانون الثاني / يناير

المطربة شيرين تتألق في إحياء مهرجان "طابا هايتس"

GMT 02:46 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

علماء يحذرون من تسبب أنهار السماء في فيضانات مدمرة

GMT 18:45 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:32 2019 السبت ,27 إبريل / نيسان

تحذيرات من انتشار "الحصبة" في لوس أنجلوس

GMT 06:01 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عبد العاطي يؤكد أن العالم الإسلامي يواجه التحديات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab