لكل زمن نسائه

لكل زمن نسائه

لكل زمن نسائه

 السعودية اليوم -

لكل زمن نسائه

يسرى مصطفى

"أوراق الشجرة تسقط تباعا"، جملة تتردد على مسامعنا دوما في كل مرة يعلن فيها عن وفاة أحد رجالات السياسة أو الاجتماع أو الاقتصاد أو الثقافة أو الفن في المغرب. إلا إنني اخترت ونحن نودع سنة حافلة بالأحداث والتغييرات المتسارعة، أن أتكلم عن نساء بلدي، اللواتي رحلن هذه السنة تباعًا، والأقل حظًا من نظرائهم الرجال عند فتح كتاب الأعلام والمشاهير. نساء أمينات بالدرجة الأولى، وأخص بالذكر صاحبة السمو الملكي الأميرة للاأمينة، الأميرة الأكثر بساطة وتواضعًا، التي آثرت العيش بعيدًا عن الأضواء، وعشقت الصيد والفروسية والكولف، وتبنت قضية المعاقين في وطنها، فكانت رمزا للصبر والتعطاء، وهذا ليس بالأمر الغريب عن أميرة ولدت في المنفى في عز ثورة الملك والشعب. الأمينة الثانية، هي الزميلة الصحافية أمينة الحراق، إحدى قيدومات وكالة المغرب العربي للأنباء، التي لم تنصفها ذاكرة الصحافة المغربية، والتي غلبت عشقها لمهنة المتاعب على الفن التشكيلي، الذي أسرها منذ نعومة أظافرها، فكشفت لوحاتها الجميلة عن روح طفولية، ما زالت مسكونة بذاكرة تطوان، حيث رأت النور أول مرة. أما الأمينة الثالثة، فهي أمينة الفيلالي، الطفلة التي شغلت الرأي العام الوطني بقضية انتحارها، بعيد تزويجها لمغتصبها، لتعيد إلى الواجهة قضية تزويج القاصرات وإفلات المغتصبين من العقاب. سنة 2012 أخذت معها كذلك، الأنثروبولوجية زكية زوانات، المتخصصة في التصوف المغربي، وصاحبة كتاب "مملكة الأولياء" أحد مؤلفاتها المهمة، حول امتدادات الإرث التصوفي في العالم، والذي قدمته لجلالة الملك محمد السادس. كما أن تيار الرحيل جرف معه أيضا، المناضلة الحقوقية أسية الوديع، التي ناضلت بشراسة من أجل أنسنة السجون المغربية، وفي سبيل إعادة إدماج السجناء في المجتمع، فاستحقت لقب "ماما أسية". ولا ننسى الزميلة لطيفة بوسعدن، حمامة نادرة من الحمام، الذي أحسن الهديل في شجرة الصحافة المغربية، صاحبة الرصيد الإنساني الطافح، الموسوم بالعطاء ونكران الذات. هي إعلامية تألقت في الحوار والتحليل السياسيين، وأسهمت في نضالات المرأة المغربية من أجل التقدم والتحرر. الآن، وقد اقتعدن كرسي الغياب، يستطيع الجميع تأملهن بشكل أصفى، هناك حيث يجلسن شامخات إلى جوار ثريا السقاط، وفاطمة الفهرية، ورجاء بلمليح، ومليكة مستظرف، وخربوشة، وزينب النفزاوية.. وذلك الصف الطويل من منتجات المعرفة، ومبدعات الفن، وجالبات الحق، ومستقصيات الخبر، والباحثات عن الحرية والمساواة. بيد أنني لن أتأسف على غدر الزمان، ولن أرثي أيقونات وطني، فأوراق الشجرة تسقط تباعًا فعلاً، لكن مادام أصل الشجرة ثابت في الأرض وفرعها في السماء، فحتما ستنبت أوراق خضراء يانعة، تبعث البهجة في النفوس، وتقضي وطرها من الحياة قبل أن ترحل وتترك مكانها لغيرها.. هكذا ستكمل بنات الحياة المسير ويواصلن النضال، كل من موقعها، معلمة، وطبيبة، وباحثة، وسياسية، وربة بيت، وحقوقية، وصحافية، وفنانة.. فكما لكل زمن رجالاته، لكل زمن نسائه أيضا.

alsaudiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لكل زمن نسائه لكل زمن نسائه



GMT 14:02 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

الفالنتين والأوهام التي تنهي العلاقات

GMT 11:23 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عنف الطفولة يتحول جحيم السيكوباتية

GMT 11:44 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الهولوجرام والسحر في العصر الحديث

GMT 01:41 2019 السبت ,24 آب / أغسطس

المعنفات وبيوت الرعاية وخطوات الإصلاح

GMT 17:56 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

عالم الأمومة المفخخ

GMT 11:05 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

أجيال

إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 21:03 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

عرض فيلم الرعب "الحفرة" للمرة الأولى على الفضائيات

GMT 15:02 2012 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"ويسترن ديجيتال" تطلق قرصًا صلبًا بسعة 4 تيرابايت في الإمارات

GMT 00:56 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

تحذير من شرب الشاي مباشرة بعد صب الماء المغلي عليه

GMT 19:07 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق "ليلة مقتل الحاوي" في مركز الهالة الثقافي

GMT 16:32 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حارس مرمى نادى الزمالك محمود جنش يحتفل بالهالوين

GMT 14:20 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

قصي الفوز يستقيل من رئاسة الاتحاد السعودي

GMT 01:00 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

مذيع تركي بارز يُعلن استقالته بعد تهديد من أردوغان

GMT 01:50 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الروسي بوتين يحوّل حلم فتاة كفيفة إلى واقع

GMT 07:52 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

فان ديك يؤكّد أن أندية أوروبا تخشى الصدام مع "ليفربول"

GMT 02:19 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

تطوير "شبكية عين" من خلايا جذعية داخل المختبر

GMT 14:20 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

آل الشيخ يُعلن تولي سامي الجابر 3 مناصب كبرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab