المتحف كـ«مكان جريمة» كولونيالية
السودان يسجل أكثر من 3 ملايين إصابة سنوية بالملاريا وسط أزمات إنسانية وكوليرا متفشية انفجار سيارة محملة بالذخيرة على الطريق الدولي حلب - دمشق قرب بلدة خان السبل في إدلب أوكرانيا تنفذ أول هجوم بطائرات مسيرة على منصة نفط روسية في بحر قزوين إستقالة مفاجئة لحكومة بلغاريا بعد إحتجاجات حاشدة في العاصمة صوفيا تشعل الساحة السياسية حلف الناتو يُحذر من حرب كبرى مع روسيا ويدعو أوروبا للاستعداد الفوري قصف إسرائيلي دموي على جباليا شمال قطاع غزة يرفع حصيلة الشهداء ويعيد المشهد الميداني للاشتعال النمسا تحظر الحجاب على الطالبات دون الرابعة عشرة وسط جدل سياسي وحقوقي إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى اكثر من إلى 70 ألفا و373 شهيداً مع تواصل الانتهاكات وصعوبة وصول فرق الإنقاذ محكمة باكستانية تصدر حكماً بالسجن 14 عاماً على الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات تحذير من ارتفاع نشاط الإنفلونزا ومنظمة الصحة العالمية تؤكد تطور السلالات واستمرار فعالية اللقاحات
أخر الأخبار

المتحف كـ«مكان جريمة» كولونيالية

المتحف كـ«مكان جريمة» كولونيالية

 السعودية اليوم -

المتحف كـ«مكان جريمة» كولونيالية

لحسن حداد
بقلم : لحسن حداد

مفارقةُ متاحفِ الدول الغربية ذات الماضي الاستعماري أنَّها ليست فضاءاتٍ محايدة، بل تُشكّل دليلاً مادياً على العنف الكولونيالي الذي مارسته القوى الاستعماريةُ لعقودٍ وقرون في دول الجنوب؛ حيث استُخرجت الخيرات من باطن الأرض، واقتُلعت الرموز والمنتجات الثقافية من جذورها، أو ما سُمّي لاحقاً «العيّنات العلمية»، لعرضها في الغرب. وهو ما يدلّ على أنَّ المتاحف هي فعلاً «مشاهد لجرائم تاريخية»، كما تشير إلى ذلك سوزان تالمان في مقالٍ، نُشر في مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» (عدد ديسمبر/ كانون الأول 2025).

فالمتاحف، وفقاً لتالمان، ومن خلال طريقة العرض من وراء الزجاج، أو السرديات المصاحبة للمعروضات الثقافية، أو تنظيم الفضاء الداخلي، تنخرط في إعادة إنتاج قراءة مُحدَّدة للتاريخ؛ فهي تُقدّم نفسها كفضاء عرضٍ موضوعيٍّ وكونيٍّ للثقافات، لكنَّها في جوهرها تُخفي علاقات السلطة والعنف الكولونيالي اللذين كانا وراء تجميع هذه «الأشياء» في الأصل.

وراء التنميطات الجميلة والعرض الاستيتيقي «المحايد» تكمن قصص تُظهر كيف أنَّ مجتمعاتٍ أصيلة في أفريقيا وأميركا وآسيا لم تعانِ فقط من العنف المادي الاستعماري، بل أيضاً من عنفٍ ثقافيّ تمثّل في تجريدها من أدواتها التعبيرية، وعرض تلك الأدوات في مدن المتروبول الأوروبية بوصفها شواهدَ على «ثقافة الآخر»؛ بعراقته، وفطرته الفنية، و«بدائيته» الميثولوجية.

لم يكن الفعل الكولونيالي مقتصراً على استغلال الثروات وترحيلها إلى الغرب، بل مثَّل أيضاً عنفاً ثقافياً تمثَّل في اقتلاع الأصول الثقافية من بيئاتها، وعرضها في الغرب وكأنَّها دليلٌ بريءٌ ومحايد على ثقافة «الآخر»، من دون الإشارة إلى العنف الرمزي والمادي الذي كان وراء نقلها، وتنحيفها، وتحويلها إلى «تحفٍ صامتةٍ بريئة». فالمتحف الغربي هو، إذن، فعلٌ «ثقافيّ» يُخفي مسار الجريمة ويطمس بداياتها. وهكذا تمارس المتاحف عنفاً مركباً: جريمة اقتلاع التراث من بيئته الأصلية، وجريمة طمس التاريخ العنيف لعملية «الاقتناء».

لقد أصبحَ «منتدى هومبولت» في برلين - بما يضمه من متحفٍ للإثنولوجيا - موضوعَ نقاشٍ حادّ داخل الأوساط الثقافية الألمانية، ممّا وضعه في قلب الجدل حول كيفية تدبير «الغنائم الثقافية» لأوروبا الكولونيالية. وترى تالمان أنَّ أزمة المتاحف اليوم هي أزمة بنيوية منظومية، وليست محلية تخص منتدى هومبولت وحده؛ فهذا الأخير يقدّم نفسه كفضاءٍ مُنحازٍ لـ«الإنسية الكونية»، لكنه يحاول، بشكلٍ يائس، طمسَ التاريخ الكولونيالي الألماني، والعنف الماديّ والثقافيّ الذي رافقه.

تستشهد تالمان بأعمال بينيديكت سافوا وغوتس آلي اللذين فتحا النقاش، خلال السنوات الأخيرة، حول «مكان الجريمة المتحفي» والعنف الاستعماري. فقد انتقدت سافوا ما سمّته «العمى المتعمَّد» للمتاحف الأوروبية تجاه مصادر وطريقة جمع كثيرٍ من معروضاتها؛ إذ بنت هذه المتاحف مكانتها على نهبٍ كولونياليّ قوامه السيطرةُ وسرقةُ تحفِ الشعوب المستعمَرة وتعبيراتها المادية. لذلك تدعو سافوا - في أبحاثها، ومنها مقال «ما لا تخبرك به متاحفنا» لوموند الدبلوماسي بالألمانية، 2017) وكتابها «نضال أفريقيا من أجل تراثها الفني» (2021) - إلى شفافيةٍ مطلقة تشمل البحث في المصادر، والاعتراف القانوني بما وقع من حيفٍ كولونيالي، وإرجاع الكنوز الثقافية، وإعادة صياغة السرديات بالتعاون مع دول المنشأ.

أمّا غوتس آلي، فقد أبرز في كتابه بالألمانية «السفينة العجيبة» (2021) كيف أنّ جمع التحف «الإثنوغرافية» في ناميبيا وتنزانيا وغيرهما رافقته عملياتُ قتلٍ وتهجيرٍ وتمسُّحٍ قسري وتدميرُ مجتمعاتٍ بأكملها. لذلك فإنَّ نقده لمنتدى هومبولت وادّعاءاته «الإنسية» يُظهر أنَّ الإرث الكولونيالي ليس مجرّد ماضٍ، بل حاضرٌ مستمرّ ينظّم علاقاتِ السلطة داخل المتاحف الأوروبية. وهو يتحدّى أوروبا بأن تعترف بالاستمرارية بين العنف الاستعماري، وذلك التراثِ الذي يُعرَض اليوم بعد تنقيته وتبييضه.

إنَّ النقاشَ الألمانيَّ الراهن يضع المجتمعاتِ الأوروبية أمام لحظةِ حقيقةٍ تاريخية: كيفيّةِ جبرِ الضررِ الاستعماري، والعنفِ الماديّ والثقافيّ، وعملياتِ النهبِ والسلبِ، عبرَ تعبئةِ المؤرخين والنقّاد والمفكرين وأصواتِ الشتاتِ الأفريقيّ لمساءلةِ الذاكرة. غير أنَّ هذا النقاش يُحدث توتّراً بين الحاجة إلى الاعتراف والإرجاع، من جهة، والخوفِ من خلقِ سوابقَ قانونيةٍ دوليةٍ، من جهةٍ أخرى.

ويبقى السؤال الجوهري: من يروي السردياتِ المصاحِبةَ لتحفِ دولِ الجنوبِ المعروضةِ في المتاحف الأوروبية؟ لا يمكن للمتاحف وحدها أن تستمرّ في ذلك، بل يجب تأسيس مقاربةٍ ما بعد كولونياليةٍ تشاركية، تتقاسم فيها الأطرافُ المعنيّة — دولُ المنشأ والمتاحفُ الأوروبية — إعادةَ كتابةِ تاريخِ تلك التحف، والعنفِ الذي رافق جمعَها، وشروطِ إرجاعها وإمكاناتِه، مع تصوّر صيغٍ للعرض المشترك. إنّ كتابةَ هذا التاريخ يجب أن تكون عملاً نقدياً مشتركاً، مبنياً على الحقائق لا على طمسِها من أجل «إنسيةٍ كونية» مُصطنَعة ومحايدة. عندها فقط يمكن أن يتحوّل المتحف إلى فضاءٍ لجبرِ الضرر، بدلاً من إخفائه تحت شعاراتِ الحيادِ والكونية.

 

arabstoday

GMT 19:01 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:00 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 18:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 18:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 18:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 18:54 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

GMT 18:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 18:51 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا... «أطلس» يُحجّم ومونرو يُقدّم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتحف كـ«مكان جريمة» كولونيالية المتحف كـ«مكان جريمة» كولونيالية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

هاني سلامة يعود إلى السينما بعمل جديد بعد غياب 14 عاما
 السعودية اليوم - هاني سلامة يعود إلى السينما بعمل جديد بعد غياب 14 عاما

GMT 06:16 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 02:39 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

السفير آل جابر يلتقي بمسؤولي برنامج الأغذية العالمي

GMT 06:06 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 01:45 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

طرق تناول اللحوم والطيور في الدعوات الرسمية

GMT 07:31 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

عبدالله الفهد يشيد بأداء سامي الجابر مع "الشباب"

GMT 21:53 2017 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

وائل عقيل يؤكّد أنّ الفوز على إيران ليس صعبًا

GMT 15:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الحمل الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 22:30 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

"سناب شات" يتهم ترامب بتشجيع العنف العنصري

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 20:22 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

تأجيل استئناف أحمد عز في قضية نفقة توأم زينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon