العدالة الاجتماعية أو بيت الداء

العدالة الاجتماعية أو بيت الداء

العدالة الاجتماعية أو بيت الداء

 السعودية اليوم -

العدالة الاجتماعية أو بيت الداء

د. آمال موسى
بقلم - د. آمال موسى

إن الحديث عن العدالة الاجتماعية هو حديث عن كل المشاكل دفعة واحدة، لأن انعدامها أو ضعف تحققها ينتجان شتى أنواع الأزمات والظواهر الخطيرة. كل مشكلة يمكن تفسيرها بغياب العدالة الاجتماعية وكل تقدم وتنمية حقيقية يفسران بالضرورة بنجاح ملموس في مسار تحقق العدالة الاجتماعية.

على مستوى العالم تبدو العدالة الاجتماعية مُعنفة وغائبة، حيث إن الدول القوية تحتكر الثروة وتسطو على ثروات الدول الضعيفة، وشعوب الدول القوية لها الحق في التمتع بحقوق الإنسان والأخرى الفقيرة، سواء التي لم تبدأ بعد السير في طريق النمو أو التي قطعت في هذا الطريق بعض الخطوات غارقة في مشاكل التمييز، وما زالت في طور محاولة الاستجابة للبعد الاجتماعي للتنمية دون أبعاد الثقافة والاقتصاد والسياسة.

لندع العالم على جهة فهو شاسع ومتشعب وأكبر من كل محاولة إحاطة أو وصف لحال العدالة الاجتماعية فيه.

يحتفل العالم الخميس المقبل باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت اعتبار العشرين من شهر فبراير (شباط) من كل عام يوماً عالمياً للعدالة الاجتماعية وذلك منذ عام 2007.
وكما نلاحظ، فإن تاريخ هذا اليوم العالمي حديث جداً، مقارنة بقدم مفهوم العدالة الاجتماعية نفسه، بل وبتأثير اللاعدالة في تاريخ الشعوب والإنسانية جمعاء منذ فجر التاريخ، إذ إن الخلل في العدالة الاجتماعية ظل خاصية تطبع المجتمعات بشكل متفاوت جداً.

كيف حال العدالة الاجتماعية في المجتمعات العربية اليوم؟

يحق لنا أن نطرح هذا السؤال باستمرار، بل إن طرحه يمثل أداة قياس ناجعة نقيس بها المتحقَق والمنشود مع محاولة قراءة الخلل كمياً ونوعياً.

فالمقصود بالعدالة في السياق الاجتماعي ليس الإبحار فيما هو طوباوي، وإنما وصف واقع هذه العدالة، إذ إن العدالة الاجتماعية هي التوزيع العادل لكل من الثروة والفرص والامتيازات، وتعرفها الأمم المتحدة أيضاً بأنها المساواة في الحقوق. وهكذا يتضح لنا إلى أي حد يسهل وصف العدالة الاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات، ذلك أن أرقام الفقر والبطالة وواقع الحقوق ومؤشرات التمييز من عدمه ونسبة محتكري الثروة وكيفية توزيعها... كل هذه التفاصيل هي بنود كبرى وأساسية في تحديد واقع العدالة الاجتماعية.

من جهة ثانية، نعتقد أنّها مهمة جداً، فإن مفهوم العدالة الاجتماعية في الستينات والسبعينات ليس هو نفسه اليوم. عرف المفهوم على صعيد الخطاب تغييراً نوعياً يعكس تفاعلاً إيجابياً مع التحولات ذات الصلة بالتحديث وتنامي الفردانية. فالمعنى الذي كان غالباً على العدالة الاجتماعية هو الشق المادي منها وكان كل النقد مركزاً حول كيفية توزيع الثروة داخل المجتمع ورصد التفاوت في عملية التوزيع، بل إن الاحتكام إلى مفهوم العدالة الاجتماعية هو احتكام إلى وجاهة التحليل المادي في تفسير الظواهر الاجتماعية وفهمها. ونعتقد أن البعد المادي في مفهوم العدالة الاجتماعية يظل الأقوى بالنظر إلى ما ينتج عن التفاوت في توزيع الثروة من أزمات اجتماعية وحدها تبقى الأكثر قوة في تفسير الاحتجاجات وحتى الثورات. لقد أصبحت العدالة الاجتماعية اليوم تعني الثروة والحقوق والسلطة، والمساواة ليست في الثروة فقط، بل في الحرية، والقضاء على أشكال التمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق. أي أننا أمام المستوى الثقافي الحقوقي من العدالة

الاجتماعية. مع العلم أن هذا المعنى تابع مفهوم العدالة الاجتماعية منذ نشأة فكرة المفهوم أساساً، ولكن الانتباه إليه تزامن مع الاهتمام بالفرد وبقيم المواطنة التي ترفض أي تمييز بين المواطنين. ولعل مفهوميّ البنى التحتية والبنى الفوقية أكثر من يدعم عراقة المعنى الثقافي في مفهوم العدالة الاجتماعية، حيث إن من يهيمن على وسائل الإنتاج ويمتلكها يفرض ثقافته ورؤيته للعالم. لذلك فإن العدالة الاجتماعية هي ضرب لظاهرة الهيمنة المادية والرمزية.

لا نستطيع أن ننكر أن مجتمعاتنا اليوم قطعت خطوات في مجال العدالة الثقافية ولكنها ما زالت دون المطلوب، وهو ما يفسر التوترات الاجتماعية على أساس الجنس والمذهبية. والملاحظ أن التفاعل مع حقوق الفرد وحرياته الفردية والعامة في حالة حراك يختلف إيقاعه من مجتمع إلى آخر، وهو حراك لا يكتفي في الحقيقة بالإرادة السياسية، بل يقوم على إرادة اجتماعية قوية في التغيير وتحمل أوجاعه.

غير أن العدالة الاجتماعية بالمعنى المادي الاقتصادي ظلت مشكلة أساسية في غالبية مجتمعاتنا العربية، حيث التخبط بين نماذج تنموية غير مدروسة، وحيث الفقر والبطالة ما زال يهيمن على واقع الشباب العربي، الأمر الذي جعل المحبط منه لقمة سهلة تلتقطها شبكات الإرهاب.

هناك فكرة مهمة تضمنها إعلان كوبنهاغن في اختتام أعمال مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية عام 1995 وتقول بوجود علاقة تبادلية بين العدالة الاجتماعية والأمن والسلام؛ لذلك فإن المجتمع الذي يعاني من الحيف الاجتماعي والتوزيع الظالم للثروة هو مجتمع غير آمن، وسيظل مهدداً لأن الفئات المحرومة هي بمثابة قنابل موقوتة.

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدالة الاجتماعية أو بيت الداء العدالة الاجتماعية أو بيت الداء



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 16:25 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

هيفاء وهبي تتصالح من أختها رولا يموت

GMT 10:55 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

إصابة 4 ضباط إسرائيليين إثر حادث سير شمال فلسطين

GMT 18:41 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

جي بي غبور أوتو تفوز بمسابقة شيري للمهارات الفنية في الصين

GMT 03:29 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبدالجليل "سعيد" بتجربة "سوق الجمعة" وراضٍ عنها

GMT 22:06 2014 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور الدجاج بالكولا

GMT 14:12 2015 الأربعاء ,18 شباط / فبراير

إدارة أزمة الرهائن

GMT 06:00 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أفضل 25 لعبة لـ"آي فون" و"آي باد"

GMT 08:11 2020 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

هكذا ودعت سوزان مبارك رئيس مصر الأسبق

GMT 15:43 2019 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عقب تحرشها بالرجال في جدة فتاة الفيديو الشهير باكية "أنا آسفة"

GMT 13:00 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

برايان هوك يطالب بفرض عقوبات على جميع أنشطة إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab