ثورة «الإرهابيين» في طرابلس

ثورة «الإرهابيين» في طرابلس!

ثورة «الإرهابيين» في طرابلس!

 السعودية اليوم -

ثورة «الإرهابيين» في طرابلس

جوزف طوق

يجتمع الإرهابيون كل يوم في طرابلس، يرصّون الصفوف بالآلاف منذ 18 يوماً مدجّجين بالأسلحة والعتاد، وأدمغتهم مغسولة بالأفكار التدميرية والتكفيرية، يحتشدون في ساحة النور فيَشلّون المدينة باعتصامهم، يحملون مكبّرات الصوت ويعبّرون أمام اللبنانيين والعالم أجمع عن فكرهم الذي اعتدنا على نبذه وحتى كرهه ومحاربته... يجتمع الإرهابيون في طرابلس كل يوم ليكشفوا للناظرين عن وجه شيطانهم الذي غَذّاه الإعلام والأفكار النمطية والأحكام المسبقة.

يأتي صيّاد السمك من المينا، وبائع الخضار من سوق التبّانة، ويأتي معلّم المغربية والفول وحلاوة الشميسي من السوق العتيق، والحرفي من سوق النحّاسين، ويأتي بائع الصابون البلدي من سوق البازركان، وينضمّ إليهم الحلونجي من ساحة التلّ، والصائغ والتاجر من شارع عزمي، وينزل إبن جبل محسن إلى ساحة الاعتصام عن طريق سوق القمح والحارة البرّانية، ويمرّ آخرون بجانب القلعة أو فوق نهر أبو علي، ويتوافد جيرانهم من شارع الراهبات وشارع الكنايس... وعندما يكتمل العدد، يشتعل الإرهاب أمام عدسات الكاميرات وتليفونات المتحمّسين.

يا طرابلس... ماذا فعلت يا طرابلس؟

تلذّذنا لسنوات بجَلدك ورجمك وقتلك ودفنك، إستثمرنا كثيراً من طاقتنا ومواردنا لخنقك وإفقارك وتجويعك، وتباهت كرافاتاتنا بوحشيتك وتخلّفك...

يا طرابلس... كيف تغلّبت على جلّاديك؟ كيف انتفضت على واقعك؟! كيف قمت من الموت؟ كيف انبعثت من الأعماق؟!... وبأيّ قدرة اعتليت المنابر والشاشات والنظرات؟ وأي سحر فيك جعلك نابضة في قلوب اللبنانيين في الجنوب والشمال والبقاع وبيروت؟!

طرابلس، أخبرينا ما سرّ الحياة فيك، بربّك أخبرينا كيف تُبعَث مدينة وكيف يُبعَث شعب من الموت قبل يوم القيامة؟

يشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول تظاهرات واحتجاجات على كامل أراضيه، فلم تكد أي منطقة تنأى بنفسها عن الغضب الشعبي، ولكن كل المناطق في مَيل وطرابلس في ميل آخر، ليس لخصوصيتها أو فرادتها، وإنما فقط بسبب قدرة شعبها الذي ثار مع اللبنانيين على واقعه، وأضاف إلى ثورته انتقاماً... إنتقاماً من كل تلك الأيام التي ظلمته بعتمة لياليها وفقر نهاراتها، إنتقاماً من فصول الطبيعة التي لم ترحمها من مطر أو شمس، إنتقاماً من الأعياد التي مرّت كالأحزان، وانتقاماً من كل مسبّب لهذه الحال التي فُرضت على المدينة بسياسة التجويع والتخوين والتخويف، فانصاعت عاصمة الشمال بإرادة كرامتها وليس تحت نير ذلّها.

نسمع الأغاني الثورية في كل المناطق، وعندما نسمعها في طرابلس نجد نكهتها مختلفة. نرى نفس العلم اللبناني والشعارات في كل المناطق، وعندما نراها في طرابلس تكتسب عمقاً آخر. يحلّ نفس الظلام على كلّ المناطق، ولكن عندما يغمر سماء طرابلس، تُنيره الأصوات الصادحة والأضواء المتمايلة بتزامن مع وجع أهل المدينة.

أضاعت طرابلس السلفي والعلوي والماروني والسنّي والشيعي والارثوذكسي والعلماني، أضاعتهم في الساحات يتّكئون على أكتاف بعضهم البعض ويمسكون يداً بيد ثوب الثورة التي تتراقص بينهم. أضاعت طرابلس هويات أهلها ومذاهبهم، ووجدتهم شعباً واحداً صارخاً في برية الفساد.

أضاعت طرابلس أهلها لتجدهم مجتمعين وموحّدين في ساحة النور... وجدتهم هناك يثبتون للبنانيين أنّ تلك الساحة التي تتوسّطها كلمة «الله» هي للجميع، في بلد كلّ فريق يريد الله على مقاس طائفيته ومشاريعه.

تركت طرابلس قلاع بعلبك وجبيل وقرطاج وتدمر وبترا ومدناً لبنانية وعربية للمهرجانات، ونصّبت نفسها قلعة للثورة وعاصمة للحياة والسلام. وأثبتت أنها مدينة الإرهاب، بعدما أرهبت مدن الساحل والجبل والداخل، وبعدما أرهبت صوَر الثوّار فيها عواصم العالم ووسائل إعلامه بتنظيمهم وسلميتهم، وبجمال اللوحات التي يرسمونها برقصات أصواتهم وأيديهم.

يمكن يا طرابلس نحن ما منقدر ننقل نفوسنا إليك، ولكن تأكّدي أننا نقلنا عقولنا وقلوبنا... واعرفي أنك نقلت أخلاقك وكرامتك وعنفوانك إلى منزل كل لبناني ولبنانية.

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة «الإرهابيين» في طرابلس ثورة «الإرهابيين» في طرابلس



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 06:52 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

"اهتزاز" تواصل عروضها على مسرح مركز الهناجر

GMT 15:50 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

كوفاتش يوضّح أهمية خوض مباراة كل 3 أيام

GMT 04:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

Essential PH-1 يبدأ فى تلقى Android 9 Pie

GMT 09:15 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

طرح قصر عازف الغيتار "كيرك هاميت" في سان فرانسيسكو للبيع

GMT 11:33 2013 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع التضخم في مصر 1.7%

GMT 23:36 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

الكويت تحبط عملية تهريب مخدرات في عرض البحر

GMT 11:30 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 14:27 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

رينو تكشف عن أسعار ومواصفات "Kadjar" موديل 2019

GMT 21:19 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

اهتمامات الصحف الباكستانية الصادره الثلاثاء

GMT 22:45 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ماسك اللبن من أفضل الطرق الطبيعية لتكثيف الحواجب

GMT 20:53 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

٥ أفكار للتجديد من المايوه القديم إلى آخر عصري وجذاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab