«الست» منى زكي أسطورة إلا قليلًا
أخر الأخبار

«الست» منى زكي.. أسطورة إلا قليلًا!

«الست» منى زكي.. أسطورة إلا قليلًا!

 السعودية اليوم -

«الست» منى زكي أسطورة إلا قليلًا

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

بين دمعة فخر وشجن وأنت ترى أم كلثوم وهى ترفع اسم مصر فى باريس معتزة بوطنها، وبين دمعة اعتزاز وفراق والملايين فى القاهرة يبكون على رحيلها، عشت ملحمة (الست).

نقطة انطلاق موحية وساخنة أمسك بها بحرفية المخرج مروان حامد، عندما دفع الجمهور لكى يطل معه على (الست) من مسرح (الأولمبيا) فى باريس نوفمبر 67، اللقطات الوثائقية أكدت أن أم كلثوم تجمع حول صوتها العرب والأجانب، الملوك والأمراء والسميعة من كل جنس ولون ودين، شاهدنا يهودا فى المسرح من عشاق الست.

وجهت أم كلثوم الحصيلة التى تقدر الآن بنحو 4 مليارات جنيه لدعم الجيش المصرى، تابعنا كيف كانت عاشقة للوطن، تعتز بكرامتها وترفض سوى أن تكون نفسها، عندما اعترض أحد منظمى الحفل على كلمات المذيع وهو يتحدث عن استرداد الأرض من العدو الإسرائيلى _ الدولة الفرنسية سياسيا تقف على الحياد _ قالت أم كلثوم بلهجة قاطعة موجهة كلماتها لأعضاء الفرقة (يالله يا أولاد لموا الآلات) فرضخ لها المسؤول، لمحة واحدة قالت الكثير عن قوة شخصية ووطنية الأيقونة.

سيناريو أحمد مراد يسرد الأحداث الدرامية منذ طفولتها حتى وداعها نقطة الانطلاق والعودة ثلاث مرات هو نقطة الارتكاز حفل باريس.

نتابع كيف أن أحد المعجبين الجزائريين اندفع لتقبيل قدميها فانزلقت وفقدت توازنها، ولكنها بعد لحظات من إغلاق الستار، استطاعت الوقوف مجددا وسط تهليل الجمهور وأكملت وصلتها الغنائية، البناء الدرامى قائم على هذا التأرجح فى الزمن، سرد زجزاجى، بين الماضى والحاضر، يفرض على الجمهور قدرا من اليقظة، من اعظم المشاهد التى حدثت واقعيا ولم يقدمها الفيلم كيف أنها لتخفيف وطأة سقوطها على الجمهور أشارت إلى أحد المتفرجين قائلة وهى تغنى الأطلال (هل رأى الحب سكارى مثله) بدلا من (مثلنا )، وضجت القاعة بالتصفيق، بينما عبد الناصر فى القاهرة يتابع الحدث يريد الاطمئنان على أم كلثوم بقدر ما هو فخورا بها.

كل يقرأ المشهد بنواياه، هناك مثلا من يعتبره دلالة على حفاوة عبد الناصر بأهمية سلاح الفن متجسدا فى أم كلثوم، وهناك من يراه بنظرة متزمتة يكثر تكرارها هذه السنوات، يتناقض مع جلال الرئاسة، لا يعلم كثر أن عبد الناصر كان يتابع الإذاعة والتليفزيون ويكتب ملاحظاته يوميا، فما بالكم بغناء أم كلثوم بعد الهزيمة على أكبر مسارح باريس.

كل منا لديه صورة ذهنية عن أم كلثوم، استمدها من نبرة صوتها، أو من ملامحها، قد يكون قد قرأ مثلا كتابا عنها أو استمع إلى ملحن أو عازف أو شاعر فى ذكراها، أو شاهد مسلسل أم كلثوم، معتقدا أن تلك هى يقينا (الست) كما كتبها محفوظ عبد الرحمن وأخرجتها إنعام محمد على، محفوظ حسم الخط الدرامى من البداية انه سيقدم أم كلثوم الملاك محفظا على ثوبها الأبيض الناصح، المضحية بالنفس والنفيس، رغم أن هناك إحداثا موثقة تقدمها فى لحظات ضعف إنسانية، تغضب وتنتقم وتساوم على أجرها، شاهدناها فى الفيلم مثل البشر فى تعاملها مع الحياة، حكى لى مثلا عازف الكونترباس عباس فؤاد واسم الشهرة (عظمة) كيف أنها منعته من السفر لإحياء حفل فى الكويت، لأنها تريده معها فى حفل بالفرقة وعندما سألت محفوظ عبد الرحمن لماذا أغفلت تلك الحكاية؟ أجابنى خشيت أن يقرأ الناس الواقعة باعتبارها تنال منها، فهى تستغل علاقتها بالدولة لتحقيق مآرب شخصية، محفوظ لم يشكك لحظة فى صدق الواقعة، ولكنه كان يخشى من أن تصبح سلاحا ضد الست.

إنها أكثر فنانة تروى عنها حكايات (مضروبة) كل من يريد أن يؤكد اقترابه من (الهرم الرابع) يخترع قصة عنها، المأزق هو أننا نصدق بعضا مما يروى، طالما توافق مع خيالنا أقصد الصورة الذهنية التى تربينا عليها.

تكتشف عند قراءة الشاشة أن الكاتب أحمد مراد والمخرج مروان حامد قررا تقديم أم كلثوم الإنسانة ولقب (الست) الذى حظيت به يحمل فى عمقه هذا المعنى، اللقب اختصر كل بنات حواء فى هذا التوصيف الذى حظيت به أم كلثوم بكل ما يحمله من تقدير.

هناك من وجد أن كل مشهد يحمل لمحة سلبية فهو يريد النيل منها، على الجانب الأخر هناك من قرأ أى موقف إيجابى لها نوع من التعظيم يتجاوز الحقيقة، المفروض أن نطل على الفيلم _ أى فيلم_ من خلال المفتاح الذى يقدمه لنا صُناعه وكأنه بمثابة شفرة ( الأبجدية ).

قطعا لا يقدم مراد حالة تاريخية وثائقية، ولهذا لجأ لتلك الإشارة التى تسبق العرض انه مستوحى من حياة أم كلثوم، وهو ما سيطرح سؤالا قبل وبعد الفيلم، هناك العديد من الأعمال الأدبية صارت تقدم هذا الطرح وهو أن تلتقط الشخصية ثم تضيف إليها أحداثا غير واقعية، وفى العادة يختلط الأمر عند المتلقى، الفيلم ساعتين ونصف الساعة من المستحيل أن يقدم كل الشخصيات الفاعلة فى تاريخ أم كلثوم، ولكنه توجه بالكاميرا إلى الإنسان، حتى فى خوفها من السلطة ممثلة فى جمال عبد الناصر فلقد ذاقت بالفعل كيف أن الفنان من الممكن بقرار من ظابط يمحو تاريخه وهو ما حدث معها وعبد الوهاب فى بداية الثورة بحجة غنائهما للعهد البائد، وأعادهما عبد الناصر.

أم كلثوم قدمت أغان وطنية حبا وقناعة ولكنها على الجانب الآخر عندما يطلب منها الغناء الوطنى تستجيب على الفور، وليست أم كلثوم فقط عبد الوهاب وعبد الحليم أيضا، روى لى الموسيقار كمال الطويل كيف أنه منع من السفر حتى يلحن (صورة) لعبد الحليم بأوامر من شمس بدران وزير (الدفاع) التى كان يطلق عليها (الحربية) فى ذلك الزمن.

فى الفيلم قدموا نشيدا وطنيا مبدعا وملهما (مصر التى فى خاطرى وفى فمى) كتبه احمد رامى ولحنه رياض السنباطى، بغد الثورة، هذا النشيد تحديدا خرج كدفقة صادقة لا يمكن أن يأتى من خوف أو قهر، ولكن هناك قطعا أغان اخرى لأم كلثوم تم تسجيلها إجبارا لضيق الزمن.

هناك مساحة من الخلط فى التاريخ مثل أن الدولة أبعدت أم كلثوم عن نقابة الموسيقيين فى بداية الثورة كنوع من الانتقام وجاءوا بعبد الوهاب، وهى معلومة يعوزها الدقة، عبد الوهاب كان أيضا فى نفس القفص متهما بالغناء للملك، كما أن أم كلثوم استمرت نقيبة نحو عامين بعد ثورة 52. مثلا بيان 23 يوليو كان فى الصباح الباكر وأذاعه أنور السادات بينما يقدمون أم كلثوم وهى تقدم بروفة مسائية لأغنيتها اكتشفت لأول مرة أن هناك ثورة؟

علاقة أم كلثوم بابيها، البعض قرأ فى الفيلم إدانة لوالدها ( سيد رجب )، هل لديكم أدنى شك أن الأب الذى يصطحب معه طفلة فى الأفراح وهى فى السادسة عن عمرها، وتتحمل قدماها هذه الرحلات القاسية، يريد استغلالها لتدر عليه أموالا، ورغم ذلك فأنت تدرك أنها ظلت مدينة له بكل شىء، وهو ما قدمه أيضا الفيلم، مثل وداعها له بعد الرحيل، ثم وهى تتخيل رؤيته فى كل حفلاتها بعد رحيله.

أروع مشهد أداه سيد رجب باقتدار وهو غير قادر على المشاركة بالعزف على (الدف) مواكبا للتخت الذى بدأت أم كلثوم التعامل معه.

حاول الفيلم أن يقدم الإنسان داخل أم كلثوم، إلا أنه فى النهاية حرص على الاحتفاظ بالصورة الذهنية حتى فى عتابها على عازف الناى سيد سالم لتأخره عن البروفة، إلا أنها صالحته أيضا بعد ذلك، كل خلافات أم كلثوم مع الشيخ زكريا أحمد ثم رياض السنباطى وعدد من العازفين كانت مادية ومعلنة ووصل بعضها لساحات القضاء وشاهدنا مقاطعة من الشيخ زكريا لها دامت نحو 12 عاما، ورياض السنباطى نحو 4 سنوات، وأجرى معه الشاعر الكبير مأمون الشناوى حوارا اتهمها مباشرة بالتقتير.

واقعة اقتحام السفاح محمود أمين الذى قدمه نجيب محفوظ باسم سعيد مهران فى ( اللص والكلاب ) صحيحة، البعض اعتبرها محشورة للإثارة، أحمد مراد التقطها من الأرشيف لتأكيد الوحدة، والسفاح فعلا كان يعشق الفرقعة الإعلامية ولهذا سطا مع سبق الإصرار على فيلا أم كلثوم.

الموسيقى شكلت حالة موازية للشريط، لمحة تعبيرية وليست تطريبية، البعض يريدها موسيقى غنائية تتوافق مع زمن وحالة أم كلثوم، إلا أن التعبير الموسيقى الموازى وجهة نظر أراها تحمل منطقها الفنى، فقط كانت هناك مشاهد بحاجة إلى همس الموسيقى بينما كان التعبير صارخا، الديكور والمكياج، إبداع فى التفاصيل، تصوير عبد السلام موسى ومونتاج أحمد حافظ أبطال خلف الكاميرا.

أداء رائع عمرو سعد ومحمد فراج وسيد رجب ونيللى كريم وكريم عبد العزيز وأحمد حلمى، وتبقى منى زكى التى قدمت أصعب وأهم أدوارها، منى فنانة استثنائية فى إحساسها، تتلقى ضربات متلاحقة قبل وأثناء عرض أعمالها، ولكنها تواجه كل ذلك بعمق حضورها على الشاشة.

أم كلثوم فى (الست) أسطورة إلا قليلا، فى هذا القليل سيظل هناك مساحة من التشابك بين الواقع والخيال، من لديه صورة ذهنية يطل على ( الست ) باعتبارها ملاكا، سيخدش الشريط شىء من إحساسه، متجاهلا أن يقرأ الفيلم بزاوية رؤية مروان حامد!

arabstoday

GMT 13:40 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 13:37 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 13:33 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 13:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 13:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 13:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

GMT 13:24 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 13:21 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

واجب العزاء بلا كاميرات أو محمول!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الست» منى زكي أسطورة إلا قليلًا «الست» منى زكي أسطورة إلا قليلًا



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أورسولا فون دير لاين تؤكد ضرورة تولي أوروبا مسؤولية أمنها
 السعودية اليوم - أورسولا فون دير لاين تؤكد ضرورة تولي أوروبا مسؤولية أمنها

GMT 14:41 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ساناي تاكايتشي تُشدد على بناء علاقات مستقرة مع بكين
 السعودية اليوم - ساناي تاكايتشي تُشدد على بناء علاقات مستقرة مع بكين

GMT 07:46 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 10:00 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

أسعار النفط تتراجع وسط توقعات بزيادة الامدادات

GMT 20:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

منتجع فاخر وسط سهول توسكانا في إيطاليا

GMT 15:46 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إينيس دي سانتو تطلق تصاميمها لفساتين الزفاف ٢٠١٨

GMT 07:11 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

عباس يؤكّد إبعاد رموز النظام المعزول لتفكيك “الدولة”

GMT 19:19 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

عبد العزيز الفيصل رئيسًا للأولمبية السعودية

GMT 00:02 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

انطلاق بطولة العيد الوطني لسباقات القدرة في البحرين

GMT 22:46 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

مستحضرات التجميل أثناء الرياضة تتسبب بضرر للبشرة

GMT 21:32 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"كروم 70" يدعم وضع صورة داخل صورة في ماك وويندوز ولينكس

GMT 23:30 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

بورش ستطلق كروس أوفر كهربائية في عام 2022

GMT 23:43 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

برهم صالح يدعو إلى تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أمطار على مركزي الزيته وعلقان بمحافظة حقل

GMT 15:58 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

10 مراكز متقدمة للسويداء في بطولة الجمهورية للرماية

GMT 14:37 2018 الإثنين ,20 آب / أغسطس

مقتل جندي أميركي إثر تحطم طائرة في العراق

GMT 23:02 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

أفضل مطاعم حلال في باتومي في جورجيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon