الحدود النفطية مع إسرائيل تختبر الدولة والدويلة في لبنان

"الحدود النفطية" مع إسرائيل تختبر الدولة والدويلة في لبنان

"الحدود النفطية" مع إسرائيل تختبر الدولة والدويلة في لبنان

 السعودية اليوم -

الحدود النفطية مع إسرائيل تختبر الدولة والدويلة في لبنان

بقلم - علي الأمين

وقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للمرة الأولى في تاريخ نشأة حزب الله خلف الدولة اللبنانية، ففي الملف الخلافي بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية بين البلدين، قال نصرالله في خطابه الأخير (16 فبراير) إنه يقف خلف المجلس الأعلى للدفاع في موقفه من التمسك بحقوق لبنان البحرية، بما يتضمنه ذلك من حقوق من حقول الغاز التي تدعي إسرائيل أن لها حصة فيها، انطلاقا من خط الحدود المزعوم من قبلها، ويرفضه لبنان.

الوقوف خلف الموقف الرسمي في قضية تتصل بتهديدات إسرائيلية تمس سيادة لبنان، يجدر التوقف عنده، لأن حزب الله لم يُول في يوم من الأيام أي اهتمام لمواقف الحكومة اللبنانية في شأن أي تهديد إسرائيلي، بل إن الخط البياني لمواقف حزب الله من إسرائيل كان يقوم على أن الحزب ليس معنيا بالموقف الرسمي في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، فهو يقرر ما يراه مناسبا في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، من دون أن يكون ملزما بالتنسيق أو أخذ الإذن من أي مرجعية في الدولة اللبنانية.

تمترس الحزب دائما بمعادلة ابتدعها منذ سنوات، هي “الجيش والشعب والمقاومة”. هذه المعادلة هو من رفعها من دون أن تتضمن أي قواعد تنظيمية، بما يعني أنه، كمقاومة، يقوم بما يراه هو مناسبا فيما الشعب والجيش أو الدولة، لا يمكنهم القيام من الناحية العملية بأي خطوة لا يكون حزب الله مشاركا في اتخاذها إن لم نقل مقررا لطبيعتها.

لكن ما يفرض السؤال اليوم هو لماذا أعلن نصرالله أنه حيال أي اعتداء إسرائيلي فإن حزبه سيكون رهن إشارة المجلس الأعلى للدفاع اللبناني؟ ولم يقل كعادته في السنوات السابقة إن أي عدوان إسرائيلي سترد عليه المقاومة من دون أن تستأذن أحدا. لماذا يبدي اليوم نصرالله اهتماما بإذن الدولة، بل لماذا لم يشكك كعادته بهذه الدولة التي طالما وصفها بأنها عاجزة وضعيفة؟ هل أصبحت اليوم قوية بما يكفي ليطمئن حزب الله إلى سياستها وإلى حرصها على أرضها وبحرها وشعبها؟ وهل يشكل هذا الموقف إيذانا بقبول حزب الله الانخراط ضمن استراتيجية دفاعية تجعل سلاحه تحت إمرة الدولة اللبنانية التي يشكل حزب الله أحد مكوناتها، إن لم نقل المقرر الفعلي في قراراتها السيادية.

الأرجح أن حزب الله لا يفكر في هذه الطريقة، فسلاحه ومنظومته الأمنية ليسا منذورين للدفاع عن لبنان أو عن الدولة اللبنانية، بل هما لمهمة أكثر قداسة، فهذا السلاح له حسابات أخرى، وإن كان يدرجها حزب الله تحت مظلة المقاومة، تلك المظلة المطاطة في تمددها وفي تفسيرها، فالمقاومة تعني محور المقاومة، أي تعني أنها في خـدمة مقتضيات هذا المحور الذي تقوده إيران، وحزب الله لا يجد غضاضة في أن يدرج في مهمات هذه المقاومة، أن تكون مهماتها القتال في أي مكان في العالم، سواء كان قتالها محل إجماع لبناني أو بغطاء رسمي لبناني أو لا، وقد قالها نصرالله في أكثر من مناسبة سنكون حيث يجب أن نكون، أي أن مهمة هذه المقاومة تتجاوز الحدود اللبنانية ومعايير السيادة، فضلا عن كونها غير معنية بأي اعتبارات تتصل بوظيفة الدولة وواجباتها على الصعيد الدولي والإقليمي.

هذا يعيدنا إلى السؤال الأول مجددا، ما غاية نصرالله من إعلان وقوفه خلف الدولة اللبنانية وليس أمامها في نزاعها الحدودي مع إسرائيل؟ فإذا كان حزب الله لا يزال يرفض عمليا بلورة الاستراتيجية الدفاعية اللبنانية، ولا يزال متمسكا بعلاقته العضوية مع إيران وهو مستمر في وجوده العسكري وفي قتاله على الأراضي السورية، فإن ذلك يحيل موقف حزب الله المشار إليه، إلى أسباب تكتيكية تتطلبها المرحلة، ولا تعكس تحولا في سياسة حزب الله تجاه التسليم بمرجعية الدولة في القضايا السيادية. ففي خطاب نصرالله الأخير تفادى إطلاق أي موقف تصعيدي ضد إسرائيل، ولم يتخفف في خطابه من دور المرشد للمسؤولين اللبنانيين، علما وأن مراكز القرار في الدولة اللبنانية لا يخطر ببالها أن تقرر في شأن سيادي من دون موافقة حزب الله، وعلما وأن رئيس الجمهورية وهو رئيس مجلس الدفاع الأعلى هو محل ثقة نصرالله، ولا يخطر ببال أحد أن رئيس الجمهورية يمكن أن يقدم على أي قرار في هذا الشأن من دون استشارة قيادة حزب الله، هذا من دون أن نشير إلى بقية أعضاء مجلس الدفاع الذين سلموا بمرجعية حزب الله لأي خطوة يمكن أن يبادر لبنان إليها، وهذا ما يدركه الإسرائيليون جيدا كما خبره الأميركيون في أكثر من محطة.

لا يخفى أن الوساطة الأميركية بشأن الحدود المائية بين لبنان وإسرائيل، تزامنت مع اتهامات إسرائيلية لإيران بإرسالها طائرة من دون طيار باتجاه إسرائيل من الأراضي السورية قبل أسبوعين، وتزامن ذلك مع نفي إيراني لهذا الاتهام وعن أي دور لها في إسقاط طائرة أف 16 إسرائيلية قيل إن الجيش السوري أسقطها في أعقاب إسقاط إسرائيل للطائرة التي زعمت أنها إيرانية. ويأتي موقف نصرالله بعد استهداف إسرائيل لأكثر من عشرة مواقع قالت إنها إيرانية وسورية داخل الأراضي السورية، من دون أن ترد لا إيران ولا الجيش السوري، فيما أعلنت السفارة الروسية في تل أبيب أنها تقف مع إسرائيل في وجه أي عدوان تتعرض له.

استعراض القوة أمام المسؤولين اللبنانيين الذي مارسه نصرالله، حول كيفية تمسكهم بحقوق لبنان أمام الأطماع الإسرائيلية، لم يقابله أي موقف رافض للوساطة الأميركية التي وصفها بأنها تتبنى الموقف الإسرائيلي، ولم يوجه أي تهديد مباشر لإسرائيل بأن يقول مثلا إن منصات استخراج الغاز ستكون عرضة لصواريخنا إذا منعت إسرائيل لبنان من استثمار ما يعتبره حقوقا نفطية في البحر.

وقف نصرالله خلف الدولة هذه المرة، لكنه فعليا وقف خلف نفسه. الدولة التي صارت تحت سلطة حزب الله، باتت تضيّق على الحزب هامش المناورة. معادلة الدولة- الدويلة فقدت الكثير من مقوماتها، وبات من الصعب إقناع أحد في العالم أن في لبنان مشروعين متصارعين، واحد ذو خلفية عربية وآخر ذو خلفية إيرانية. واحد يمثل الدولة، وآخر يمثل الدويلة، وما نفاه نصرالله بشدة عن سعيه لنيل الأكثرية في مجلس النواب في الانتخابات النيابية المقبلة، لن يغير من واقع الحال شيئا، إذ يكفي لإظهار حقيقة سقوط الدولة في حضن الدويلة، أن اللبنانيين اليوم يستعدون للانتخابات النيابية من دون سياسة، وبلا قضية تتصل بالسيادة أو الحرية أو رفض السلاح خارج الدولة، وفي غياب أي شعار سياسي بعدما صارت السياسة محفظة في جبة نصرالله، والانتخابات مساحة تنافس على عضوية مجلس بلدية لبنان، وليس تنافسا على عضوية برلمان الدولة في لبنان.

في ملف النفط أيضا إيران العنوان الذي يجب أن يتجه إليه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لبتّه لا الرئاسة اللبنانية التي زارها قبل أيام وألزمته بالانتظار وحيدا لعشر دقائق، قبل أن يستقبله رئيس لا يملك أوراق اللعبة مع إسرائيل، تلك التي صارت في يد المرشد في طهران لا في بلدية لبنان.

المصدر : جريدة العرب

arabstoday

GMT 09:22 2020 الإثنين ,17 شباط / فبراير

"الحزب" يُهان في امتحان.. تمرير "حكومته"!

GMT 07:51 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

لبنان داخل أنفاق حزب الله

GMT 06:47 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

GMT 05:27 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

التمرد على الاصطفاف الطائفي في العراق يقلق سليماني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحدود النفطية مع إسرائيل تختبر الدولة والدويلة في لبنان الحدود النفطية مع إسرائيل تختبر الدولة والدويلة في لبنان



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 05:53 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

احتجاج في نيويورك ضد فرقة أوركسترا إسرائيل

GMT 22:41 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

7 معلومات يجب معرفتها عن تحديث أيفون المقبل

GMT 02:04 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح كبير للسباق التأهيلي الدولي لمسافة 120 كم في سيح السلم

GMT 12:39 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

إعدام 7 أشخاص في الكويت بينهم فرد من الأسرة الحاكمة و3 نساء

GMT 18:06 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

الأخطاء الـ 5 الأكثر شيوعًا بين متعلمي اللغات

GMT 02:50 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

محمد بدار يوضح أهمية علم النفس الإيجابي

GMT 11:13 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 22:49 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

"هينيسي" تتحدى "بوغاتي" بشاحن توربيني مزدوج في "شيفروليه" 2020

GMT 00:43 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على أضخم 5 قوات جوية في منطقة الشرق الأوسط

GMT 06:37 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صدور "مصريات عربية" للكاتبة رضوى زكي قريبًا

GMT 08:38 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة

GMT 15:18 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تطبيق للهواتف والكمبيوترات يساعدك على تنظيم مواعيدك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab