حراك الكيانات الشيعية العراقية

حراك الكيانات الشيعية العراقية

حراك الكيانات الشيعية العراقية

 السعودية اليوم -

حراك الكيانات الشيعية العراقية

بقلم : عريب الرنتاوي

لم يعد الحديث عن “مكون شيعي” في العراق جائزاً من دون تحفظ، فما أصاب “المكون السنّي” من انقسامات عصفت به خلال السنوات التي أعقبت سقوط بغداد، يكاد يعصف اليوم بـ “المكون الشيعي”، الذي اعتاد التوزع على ثلاثة كيانات أساسية: الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى، فضلاً بالطبع عن بعض الكيانات الأقل وزناً وتأثيراً ... وداخل كل كيان من هذه الكيانات، تجري اليوم عمليات مراجعة واصطفاف وانشقاق يتعين مراقبتها لفهم مستقبل هذه البلاد التي ابتليت بآفتين خطيرتين: الإرهاب والفساد المستشري في الإدارة والطبقة السياسية على حد سواء.

زيارة مقتدى الصدر للسعودية، تتوج جملة من التحولات في مواقف التيار الصدري، لم تؤسس لهذه التحولات، بيد أنها توجتها، وهي مواقف تقترب من التعبير عن المدرسة “العروبية” في الشيعية السياسية والدينية في العراق والإقليم ... وهو أمر يعبر عن ميل تيار وازن من الشيعة للإبقاء على مسافة من “مدرسة ولاية الفقيه” الإيرانية، ويتطلع لإعادة التوازن والاتزان للعلاقات العراقية – الإيرانية من خلال الانفتاح على الجوار القومي والإقليمي للعراق.

الزيارة لافتة في توقيتها كذلك، فهي تأتي في ذروة احتدام الحرب على اليمن، كجزء من الانقسام الأعمق والأوسع إقليمياً بين معسكرين، واحد تقوده السعودية وآخر تقوده إيران ... وربما لهذا السبب بالذات، استُقبلت الزيارة بترحيب واسع من السعودية وحلفائها، وانتقادات متفاوتة من داخل إيران وفي أوساط حلفائها ... البعض نظر للمسألة بوصفها “إنزالاً خلف الخطوط الدفاعية لإيران”، كما لو أن الزعيم الشيعي العراقي قد نقل بندقيته من كتف إلى كتف، أو كما لم من قام الزيارة هو “عقاب صقر” وليس مقتدى الصدر ... والبعض الآخر، أدرجها في عداد الحرب على “محور المقاومة والممانعة”، ومن ضمن مخطط مدروس ومعد سلفاً لهذه الغاية.

أما السؤال حول أهداف السعودية من مسعاها هذا، فظل بدوره عرضة لتباين التقديرات والتأويلات ... منهم من رأى أنها مدخل لدرء شبهة “الطائفية” عن الخطاب السعودية، ومنهم من رأى فيها محاولة للعب على التناقضات العراقية، واختراق المنزل الشيعي من داخله، ومنهم من أدرجها في سياق الاستعداد – ربما – لاستدارة في المقاربات السعودية حيال عدد من ملفات المنطقة، ومن بينها العلاقة مع إيران، بعد الاستعصاء اليمني وتراجع دور اللاعب السعودي في الملفين السوري والعراقي إثر التدخل الأمريكي – الروسي المباشر في الأزمتين معاً

في ظني أن زيارة الصدر للرياض، تأتي من ضمن تفاعلات أوسع، تجري علناً وخلف الأنظار داخل “المكون الشيعي” بمختلف كياناته ... فالدعوة أقدم الأحزاب وأوسعها تمثيلاً داخل البرلمان العراقي، يُقاد اليوم برأسين: حيدر العبادي على رأس الحكومة، ونوري المالكي على رأس الحشد الشعبي ومن موقعه في الحزب وكنائب لرئيس الجمهورية ... الأول، أولى بالرعاية الأمريكية وأكثر انفتاحاً على البعد العربي، والثاني، بات ركناً ركيناً من “محور المقاومة” بتقربه الشديد من إيران وانفتاحه على دمشق والضاحية الجنوبية، وقيامه بدور الأب الروحي للحشد الشعبي.
كذا الحال بالنسبة للمجلس الأعلى الذي يواجه تحدي انشقاق رئيسه عمار الحكيم عنه، وتوجهه لتأسيس حزب جديد، بمرجعية مدنية لا دينية، وطنية لا طائفية، أقله كما يقال، وبالضد من مواقف وتوجهات كثرة من أقطاب الحزب وآبائه المؤسسين، وبالتضاد – ربما – مع الإرث الروحي - التاريخي لعائلة الحكيم.

هذه التحولات، تثير حفيظة إيران وقلقها، فإن استمرت الحال على هذا المنوال، فإن النفوذ الإيراني في العراق سيصبح مهدداً في أدواته، ولذلك استحقت هذه الأطراف أشد الحملات الانتقادية من قبل طهران وحلفائها، واستقبلت بحفاوة بالغة ومبالغ فيها، لدى عواصم المحور الإقليمي الآخر ... والأرجح أن إيران ستعمل على تعزيز أذرعتها وأدوات نفوذها الأخرى في العراق بدءاً بالحشد والأجنحة الأقرب إليها في المعادلة الشيعية العراقية في قادمات الأيام.

كثيرة هي محركات الرياح الجديدة التي تضرب في الكيانات الشيعية العراقية، منها التزاحم والتدافع على السلطة والنفوذ والقيادة (واستتباعاً الثروة)، منها ضيق العراقيين، بمن فيها الشيعة، من “التغول” الإيراني على المشهد العراقي، وهو ضيق له سنده التاريخي والعقيدي في اختلاف مدارس التشيع العربي والفارسي، ومنها الإحساس باستحالة استمرار حال العراق على هذا المنوال، سيما بعد أن آلت تجربة التفرد بالحكم إلى تفاقم النزعات الانفصالية لدى الكرد والسنّة على حد سواء، مدعومين بأطراف عربية وإقليمية ودولية... ومنها تنامي حركات الاحتجاج المدني والشبابي التي عبرت عن نفسها بالتظاهرات والاعتصامات المنددة بفساد الطبقة السياسية وفشل الأحزاب الدينية وبؤس نظام المحاصصة الطائفية وانهيار الخدمات وتدني مستوى الأداء والكفاءة وتراجع الاقتصاد.

لا ندري أين ستنتهي هذه التحركات ولا كيف، لكن من أخطر ما يمكن أن يواجه الترويكا الشيعية المؤلفة من العبادي، الصدر والحكيم، هو الذهاب بعيداً في الرهان على واشنطن أو التقرب منها، أو الغوص في أوحال “عروبة جديدة”، تضع إسرائيل في مصاف الصديق وإيران في لائحة الأعداء.

الإعلاء من قيمة السيادة والاستقلال والوطنية العراقية أمرٌ بالغ الأهمية في مواجهة الاستتباع والاستباحة و”التطيف” و”التمذهب”، حتى وإن تم ذلك في مواجهة إيران وتركيا ... الانفتاح على العرب والعروبة أمرٌ بالغ الضرورة، ولكن بعيداً عن مدرسة “الحلف الشرق أوسطي الجديد” والعروبة المتساوقة مع إسرائيل وإدارة ترامب ... الخطاب المدني في مواجهة الخطاب الديني الذي أثبت فشله في إدارة الدولة وتدبير شؤون الحكم ... وحدة العراق الفيدرالي القائمة على التنوع والتعدد، في مواجهة نزعات الهيمنة والتفرد والاستئصال والإقصاء... الكيانات الشيعية العراقية أمام تحدي مواجهة هذا الاختبار، بل ويمكن الجزم بأن مختلف الكيانات والمكونات العراقية تجابه التحدي ذاته، سيما مع دخول العراق مرحلة ما بعد داعش.

arabstoday

GMT 08:40 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

بايدن وابن سلمان .. العقدة والمنشار

GMT 13:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إيران وحلفاؤها: بين «الناتو الشيعي» و»الجسر المتداعي»

GMT 11:14 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إلى الذين سيجتـمـعـون في القاهرة...بمَ نبدأ؟

GMT 08:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

أية دوافع وراء التصعيد «النووي» الإيراني»؟

GMT 09:47 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيفعله بايدن بيديه الطليقتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حراك الكيانات الشيعية العراقية حراك الكيانات الشيعية العراقية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 10:08 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

منتجات الألبان كاملة الدسم قد تقلل خطر الإصابة بالخرف
 السعودية اليوم - منتجات الألبان كاملة الدسم قد تقلل خطر الإصابة بالخرف

GMT 06:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

طريقة عمل ستيك مشوي مع خضار سوتيه

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

رئيس نادي الفيحاء السعودي يوضح طموح الفريق

GMT 22:03 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن تفاصيل اجتماع أمين سر القادسية مع صوماليا

GMT 22:39 2016 السبت ,13 شباط / فبراير

حولي منزلك إلى مكان مليء بالحب في عيد العشاق

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 17:13 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

"ديلى ميل" تؤكد أن محمد صلاح لن يعتزل اللعب الدولي

GMT 14:24 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

الفنان سعد الصغير يحل ضيفًا على برنامج "وشوشة"

GMT 07:25 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الذهب قرب أقل سعر في 3 أسابيع مع صعود الدولار

GMT 01:10 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

استوحي إطلالتكِ بالبدلة من مدونات الموضة المحجبات

GMT 09:49 2018 السبت ,22 أيلول / سبتمبر

"فياريال" يُهنئ الدوسري بتصدّر الدوري السعودي

GMT 12:27 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

أمطار غزيرة على محافظة ظهران الجنوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon