ربع قرن على أوسلو

ربع قرن على أوسلو

ربع قرن على أوسلو

 السعودية اليوم -

ربع قرن على أوسلو

بقلم :عريب الرنتاوي

يندرج بعض ما يقال في هجاء اتفاق أوسلو في باب «الحكمة بأثر الرجعي» ... هذا لا يعني أن ليس هناك من انتقد الاتفاق مذ أن عرف به، لكن كثيراً من النقد الموجه للاتفاق اليوم، مستوحى من قاعدة أن «الفشل يتيم وأن للنجاح مائة أب» ... أوسلو فشل في نقل الحركة الوطنية الفلسطينية من المقاومة إلى الدولة، واليوم ينبري أكثر المستفيدين من الاتفاق، للهجوم عليه.

بعض الفلسطينيين، «الثوريين والمجاهدين منهم بخاصة»، الذين لم يتوقفوا عن هجاء الاتفاق ومبرميه، لاذوا إلى تبرير أقنعوا به أنفسهم: نتعامل مع نتائج أوسلو ومؤسساته وما قد يوفره من فرص، من دون أن نكف عن التنصل منه والتبرؤ من نتائجه الكارثية ... بعضهم ظن واهماً بأنه عاد ليقاوم لا ليساوم، لم تتح له إسرائيل الفرصة لا للمقاومة ولا للمساومة، كانت ذراعها الإجرامية أسرع من الجميع... ألوف مؤلفة من هؤلاء عادوا إلى الضفة الغربية والقطاع، وتولوا مناصب في السلطة وتقاضوا الرواتب والتقاعدات المجزية، وشاركوا في الانتخابات ووصلوا إلى البرلمان وشاركوا في الحكومة ومؤسساتها المختلفة، بيد أنهم مع ذلك يتوقفوا عن نقد الاتفاق وتجريمه، وهم اليوم، بعد مرور ربع قرن عليه، يصرخون فرحين: ألم نقل لكم؟

بعض الفشل الذي مُني به أوسلو، نابع من داخله، من مبناه ومعناه، نواقص الاتفاق كثيرة، والأداء التفاوضي الفلسطيني الذي أفضى إليه، كان حافلاً بالمثالب وقلة الخبرة والاستعداد والحزم والعزم، لكن بعض أسباب فشل أوسلو كمسيرة ومسار، عائد لأسباب تقع خارجه، لعل أهمها: التحولات داخل المجتمع الإسرائيلي وانتقال هذا المجتمع وخريطته السياسية صوب التطرف الديني والقومي على نحو منهجي منظم .... التحولات داخل المجتمع الفلسطيني وتنامي ظاهرة الإسلام السياسي – المسلح، ودخول الحركة الوطنية في مرحلة انقسام غير مسبوقة، وتآكل «الصيغة» التي تكرست منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.... التحولات على الساحة العربية من ضعف النظام الرسمي العربي وتهتكه، تفسخ مجتمعاتنا العربية وتفشي هوياتها الثانوية القاتلة، غرق المنطقة بالانتفاضات والثورات والحروب، اشتعال حروب المحاور الإقليمية، وتحول كثير من الساحات العربية إلى ميادين لحروب الوكالة... التحولات على الساحة الدولية، وأهمها صعود اليمين المتطرف، والشعبوي، وصولاً إلى مجيء إدارة ترامب.

قد يقول قائل، أو بالأحرى «متطيّر» أن هذه الظواهر ترتبط بالاتفاق المشؤوم وهي ترتبت عليه، وأنه لولا أوسلو لما حصل الانقسام ولما أدار العرب ظهورهم للقضية الفلسطينية ولما تغطرست إسرائيل وتمادت في عنتها ... وفي ظني أن تلك المقاربة، ليست صحيحة على الإطلاق، فكل حزمة من هذه الظواهر أسبابها وديناميتها الخاصة بها، وأن أثر إبرام الاتفاق عليها محدود للغاية.

وأجدني متفقاً مع بعض المقاربات التي تفترض أن الحركة الوطنية الفلسطينية تأخرت كثيرا في التنبه للآفاق المسدودة التي وصل إليها الاتفاق، من دون أن تبادر إلى اجتراح استراتيجيات بديلة، وأن وهم تحول السلطة إلى دولة، أو الركون إلى السلطة القائمة، وربما الاكتفاء بها بوصفها الدولة المنشودة، قد ضاعف النتائج الكارثية لانسداد مسار أوسلو ... هذا صحيح، ونتائجه تتضح اليوم في ضوء تداعيات وترجمات صفقة القرن، وفي ظني أن الحركة الوطنية الفلسطينية التي نعرف على امتداد الخمسين عاماً الفائتة، قد بلغت سن الشيخوخة والترهل، ولم تعد قادرة على اجتراح البدائل وتدشين البدايات الجديدة.

اتفاق أوسلو، نقل حركة فتح، العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية، من حركة تحرر مقاومة إلى سلطة ... هذا ما يُجمع عليه، أو يتوافق بشأنه كثيرون ... لكن المسكوت عنه، أن الاتفاق ذاته، نقل فصائل أخرى عديدة، معارضة للاتفاق، من موقع المقاومة إلى موقع المعارضة، معارضة السلطة، والسلطة حصراً في معظم المراحل.

وللمفارقة، فإن أكبر منتقدي الاتفاق وأشدهم معارضة له، حركة حماس، كانت أكبر المستفيدين منه ... تحت ظلال السلطة تنامى نفوذ الحركة وتمأسس، وبموجب الاتفاق وتداعياته، انتقلت الحركة إلى موقع السلطة في قطاع غزة على أقل تقدير ... بعض معارضي الاتفاق انتقلوا من المقاومة إلى السلطة كذلك، وها هم اليوم، يدفعون ثمن وصولهم إليها والبقاء على رأسها، برغم الأكلاف السياسية والمعنوية والمادية الهائلة لهذا التحول، إنهم يعيدون انتاج «سيرة فتح» وإن بشروط أصعب وأثمانٍ أعلى.

في السجال حول أوسلو، أغلب ما يكتب ويقال، محكوم بدوافع حزبية وفصائلية، وليس نابعاً من تقييم موضوعي ... أغلبه ينطلق من اتهام الآخر وتبرئة الذات ... مع أن كل من انخرط في أوسلو وترتيباته وانتخاباته ومؤسساته، كان ضالعاً في المسؤولية عن هذه التجربة، بهذا القدر أو ذاك.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 03:49 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الموجة الجديدة من الحراك العربي

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

GMT 11:46 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

تدخلات غير مقبولة!

GMT 11:41 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

اقرأوا وجه الرجل!

GMT 11:34 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مزوار: اذكروا أمواتكم بخير !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربع قرن على أوسلو ربع قرن على أوسلو



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 06:20 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:15 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:02 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:47 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار ومواصفات سيارة "رينو كادجار" 2019

GMT 10:57 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمير عسير يستقبل رئيس المجلس البلدي في النماص

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 00:11 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

ليون غوريتسكا يُحدّد موعد حسم مستقبله مع فريق "شالكه"

GMT 11:10 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

تغريدة أوباما هي الأكثر إنتشارًا في 2012

GMT 21:07 2015 الخميس ,19 شباط / فبراير

اللجنة القضائية تتسلم أوراق سما المصري

GMT 21:47 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

زيت الياسمين لتنعيم البشرة

GMT 22:26 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

وفاة رجل الأعمال السعودي صالح كامل

GMT 22:30 2020 الأربعاء ,13 أيار / مايو

فولكسفاجن تتخذ قرارا صادما يعصف بإنتاجها

GMT 09:03 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مسكات عروس كريستال بسيطة صغيرة الحجم من دون ورود

GMT 22:27 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

MG6.. سيارة صينية بتصميم إنجليزي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon