محجور وحياتك محجور ولآخر الأسبوع أنا محجور

"محجور وحياتك محجور ولآخر الأسبوع أنا محجور!"

"محجور وحياتك محجور ولآخر الأسبوع أنا محجور!"

 السعودية اليوم -

محجور وحياتك محجور ولآخر الأسبوع أنا محجور

بقلم - عماد الدين أديب

دق جرس الموبايل، ووجدت رقم هاتف غريباً لا أعرفه، ورددت، فسمعت صوت شاب شعرت من نبراته أنه غاضب، مرتبك، لا يعرف كيف يبدأ المكالمة، وتصورت أن ارتباكه يرجع إلى أنه أخطأ فى الاتصال برقم لا يقصده، حتى بادرنى: «أنت الأستاذ (فلان)؟»، فأكدت له أنه اتصل بالرقم الصحيح، ودار بيننا الحوار التالى:

الشاب: أنا آسف يا أستاذ، أنت لا تعرفنى، واعذر لى تطفلى عليك.

العبد لله: لا أبداً، أهلاً بك، هل يمكن أن أعرف من المتصل الكريم؟

الشاب: أنا محمود، طالب فى الجامعة الأمريكية قسم اجتماع.

العبد لله: أهلاً بك، كيف يمكن أن أساعدك؟

الشاب: أنا بصراحة فى ضيق شديد وأكاد أنفجر!

العبد لله: خير يا عزيزى، ما المشكلة؟

الشاب: أنا سأموت ضيقاً من الاحتجاز فى البيت، لم أتعود طوال حياتى على البقاء طوال هذه المدة فى المنزل.

العبد لله: آه، فهمت مشكلتك، ولكن اسمح لى أن أقول لك إن ما تعانى منه يعانى منه أكثر من 3.5 مليار إنسان وإنسانة فى أكثر من مائتى دولة على ظهر كوكب الأرض.

الشاب: أنا لا يعنينى ما يعانى منه غيرى، أنا لم أعتد على ذلك.

العبد لله: عليك أن تتكيف وتتأقلم.

الشاب: أنا لا أفهم لماذا يفعلون بنا ذلك، نحن بشر ولسنا حيوانات يتم احتجازها فى أقفاص.

العبد لله: أنت تصور الموضوع بشكل تراجيدى، مأساوى، مبالغ فيه.

الشاب: حسناً، هل يمكن أن تشرح لى الحكمة من الاحتجاز فى المنزل؟

العبد لله: هذا لسلامتك أولاً، لسلامة أسرتك ثانياً، وجيرانك ثالثاً، وكل من تتعامل معهم رابعاً، وقبل هذا وذاك هذا لصالح وطنك.

الشاب: كيف يكون العزل لصالح كل هؤلاء؟

العبد لله: هناك فيروس خبيث غامض على مراكز الأبحاث وعلى الأطباء أصاب حتى الآن أكثر من 2 مليون مواطن ومواطنة حول العالم، وأدى إلى وفاة عشرات الآلاف، ويكفى أن الولايات المتحدة فقدت 2200 ضحية أمس الأول فقط!

لا مصل له، ولا علاج أكيد مثبت معملياً حتى الآن، لذلك يصبح الحل المنطقى والوحيد المتاح هو «التباعد الاجتماعى والعزل» منعاً لضحايا أكبر وخسائر بشرية ومادية لا نهائية.

الشاب: وحتى لا نموت من الفيروس يمكن أن نموت من الملل والضجر وفقدان التعامل والتعاطى مع من نحب.

العبد لله: كل شىء فى نظام هذا الكون هناك الأهم، فالأقل أهمية، وحتى فى فعل الخير هناك أولويات، وهناك ما يُقدَّم وما يُؤخَّر.

الشاب: وما هذه الأولوية؟

العبد لله: صحتك، سلامتك، سلامة من تحب، الحفاظ على الوطن، الحفاظ على الجنس البشرى.

الشاب: اليوم لا ينتهى، الساعات تمر ببطء شديد.

العبد لله: حاول أن تستفيد بوقتك من خلال عمل برنامج مفيد.

الشاب: أنا أفعل كل شىء؛ أقرأ، أذاكر المنهج الدراسى، أمارس رياضة منزلية، أشاهد التليفزيون، أساعد والدتى فى الطهو، أشاغب إخوتى الصغار، أجرى عشرات المحادثات الهاتفية، ألعب «الجيمز» الإلكترونية، لا يوجد شىء لا أفعله.

العبد لله: جميل جداً! ألا يكفى ذلك لتمضية يومك؟

الشاب: أبداً يا أستاذ كل ذلك ينتهى فى ساعات محدودة وتبقى بقية ساعات اليوم ثقيلة، بطيئة، مملة، قاتلة.

العبد لله: إنها فرصة تاريخية كل تتأمل حياتك، وإنجازاتك، ومستقبلك الشخصى والعلمى، وتعيد تقييم الكثير مما فعلت ومما يجب أن تفعل.

الشاب: لم أتعود على الوحدة أو على الجلوس مع الذات، ذلك يقتلنى قتلاً! أنا أعشق الشلة والمقهى والنادى والرياضة والتسكع مع الأصدقاء.

العبد لله: لقد أفسدتك سهولة الحياة ومتعها، كما أفسدتنا جميعاً.

الشاب: كيف؟

العبد لله: كنا نفعل كل هذا الأشياء بشكل روتينى معتاد دون أن نشعر بقيمتها ونأخذها كأنها شىء مكتسب لا قيمة له.

الشاب: والآن؟

العبد لله: علينا أن نشكر الله على نعمه التى لا تعد ولا تحصى، وحينما نعود إلى حياتنا الطبيعية يتعين علينا أن نثمِّن كل هذه النعم.

الشاب (متسائلاً): كل هذه النعم؟

العبد لله: السلام، والسلامة، والأسرة، والأصدقاء، والناس، والحياة، كلها نعم لا تعد ولا تحصى.

الشاب: وما قيمة كل هذه الأشياء؟

العبد لله: افترض جدلاً أن كل ما ذكرته لك وأكثر لا يساوى شيئاً، ولكن يكفى شىء واحد يساوى الأرض كلها وما عليها.

الشاب: وما هذا الشىء؟

العبد لله: الصحة يا عزيزى!

صمت الشاب طويلاً، وكأنه يفكر بعمق فيما قلت، وشكرنى وانتهت المحادثة، ولكن من يعرف هل انتهى شعوره بالملل والضجر مثله مثل ملايين البشر فى هذا العالم؟

ساعتها تذكرت دعاء سيدنا يونس وهو فى بطن الحوت: «لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين».

arabstoday

GMT 09:20 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار المتزوجين

GMT 09:15 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

أخبار من ايران وغيرها

GMT 05:49 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

«قيصر» يقتحم أبوابكم!

GMT 04:28 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

3 سنوات قطيعة

GMT 04:19 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

مسكين صانع السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محجور وحياتك محجور ولآخر الأسبوع أنا محجور محجور وحياتك محجور ولآخر الأسبوع أنا محجور



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 03:43 2018 الإثنين ,16 تموز / يوليو

تعرفي على ما يناسب شخصيتك من العطور

GMT 08:37 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

شخص يضحي بأخيه ليقتل بدلًا منه على يد زوج عشيقته

GMT 07:34 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

تأجيل فتح معبر رفح بسبب الأوضاع الأمنية في مصر

GMT 22:57 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

بيكهام يبدو وسيمًا في ملابس داخلية للعلامة "H & M"

GMT 01:21 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

موجة برد قارس تجتاح جنوب غرب باكستان

GMT 19:17 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

لعبة "فيدجت سبينر" قد تهدد صحة الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab