تعتبر الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تسعى الدول لتوسيع استخدامها لتلبية احتياجاتها الكهربائية بشكل مستدام. ومع ذلك، تواجه محطات الطاقة الشمسية تحديات كبيرة بسبب تقلبات الإنتاج الناتجة عن الظروف الجوية المتغيرة، مثل مرور الغيوم أو التغيرات المفاجئة في الإشعاع الشمسي.
مستشعرات متزامنة
وفي هذا السياق، طوّر فريق البحث في جامعة قرطبة الإسبانية نظام مراقبة مبتكر يعرف باسم «Big Brother»، يعتمد على شبكة من المستشعرات المتزامنة لجمع بيانات الطاقة والظروف الجوية بدقة عالية وفي وقت شبه لحظي. ويهدف النظام إلى تحسين فهم أداء محطات الطاقة الشمسية، والتنبؤ بانخفاضات الإنتاج قبل حدوثها، وضمان استقرار الشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى دعم القرارات الاقتصادية المتعلقة بتسعير الطاقة، وفق النتائج المنشورة في عدد 17 نوفمبر (تشرين الثاني) من دورية (IEEE Sensors Journal).
وتجمع شبكة من المستشعرات المتزامنة بيانات الطاقة، بما في ذلك التيار والجهد والتردد، بالإضافة إلى بيانات الإشعاع الشمسي، بمعدل تسجيل كل عشر أجزاء من الثانية، مما يوفر رؤية دقيقة لكيفية عمل المحطات في الزمن الحقيقي.
تم اختبار النظام في مراقبة محطتين للطاقة الشمسية تفصل بينهما مسافة 4.1 كيلومتر، ونجح في تسجيل بيانات دقيقة ومزامنة تصل دقتها إلى مستوى الملّي ثانية.
وبفضل توزيع المستشعرات والتزامن بينها، أصبح بالإمكان التنبؤ بانخفاضات أو زيادات إنتاج الطاقة قبل حدوثها، مما يساعد في إدارة الشبكة الكهربائية بكفاءة أكبر. كما تتيح المراقبة اللحظية التدخل السريع عند حدوث أي اضطرابات، وبالتالي تقليل تأثيرها على استقرار الشبكة.
دقة غير مسبوقة
يقول الدكتور فيكتور بالاريس لوبيز، الباحث المشارك في الدراسة من جامعة قرطبة، إن «النظام يركز على مراقبة محطات الطاقة الشمسية بدقة عالية لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، مع القدرة على التحرك بسرعة للتعامل مع أي تأثيرات قد تؤثر على استقرار الشبكة الكهربائية».
وأضاف لوبيز لـ«الشرق الأوسط»: النظام الجديد يوفر قدرة غير مسبوقة على جمع البيانات ومزامنتها بين محطات متعددة، مما يؤدي إلى توليد نحو 2 إلى 3 غيغابايت من البيانات شهرياً، وتمكّن هذه البيانات الدقيقة من متابعة أداء المحطات بشكل لحظي، والتنبؤ بالتغيرات المحتملة، وحتى تعديل مزادات تحديد أسعار الطاقة لتكون أكثر واقعية.
وأشار إلى أن النظام يسمح بقياس الفولتية (فرق الجهد الكهربائي) والتيار وتردد الشبكة بدقة عالية، مع مزامنة القياسات بين محطات الطاقة الشمسية حتى مستوى الملّي ثانية، مما يمكّن من رصد التغيرات اللحظية وتحليلها بدقة، سواء كانت ناجمة عن تقلبات الطقس أو اضطرابات الشبكة نفسها.
وأوضح أن النظام يسجل البيانات عالية الدقة، مما يتيح تحديد مصدر أي اضطراب كهربائي، سواء كان محلياً داخل محطة معينة أو ناتجاً عن الشبكة، ومتابعة الأحداث قصيرة المدى، مثل انخفاض الفولتية أو تغييرات التيار الناتجة عن مرور الغيوم، مع إمكانية اتخاذ إجراءات تصحيحية فورية. كما يساعد النظام أيضاً على تنسيق عدة محطات شمسية أو مصادر طاقة موزعة دون التأثير على استقرار الشبكة، مما يعزز دمج الطاقة المتجددة ويخفف التقلبات الناتجة عن الإنتاج المتغير.
أما عن الفروق مع الأنظمة التقليدية، فأوضح لوبيز أن أدوات المراقبة التقليدية غالباً ما تعمل بشكل منفصل، لكل منها إطار عمل وسرعة نقل ودقة توقيت مختلفة، مما يصعّب تحليل البيانات بشكل متزامن. ويجمع النظام الجديد، كل البيانات في تدفق واحد متزامن، مما يسهل المقارنة والتحليل، مع مزامنة دقيقة بين نقاط متعددة دون الاعتماد على الحوسبة السحابية، متجنباً مشكلات التأخير المرتبطة بها.
كما يسمح النظام بتحليل البيانات المخزنة مباشرة وربط الأحداث المختلفة، مع تقديم قياسات دقيقة للتغيرات قصيرة المدى، مثل تقلبات الفولتية أو تأثير الغيوم، وهي قدرة غير متاحة عادة في الأنظمة التقليدية.
ونوه لوبيز بأن النظام يمكنه تخزين البيانات لفترات تصل إلى خمس سنوات، مع إمكانية الوصول إليها لإجراء تحليلات طويلة المدى ودراسات مقارنة، مما يساعد المهندسين على تحسين أداء الشبكة وتخطيط الصيانة المستقبلية بكفاءة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
دراسة من جامعة جنوب أستراليا تقدم حلولًا لإطالة عمر الألواح الشمسية
خلية شمسية جديدة تقلل من المخاطر البيئية المرتبطة بالرصاص
أرسل تعليقك