الدين ومعاركنا الفكرية 1  2

الدين ومعاركنا الفكرية (1 - 2)

الدين ومعاركنا الفكرية (1 - 2)

 السعودية اليوم -

الدين ومعاركنا الفكرية 1  2

عمار علي حسن

مَن يمعن النظر فى المعارك الفكرية التى شهدتها مصر على مدار القرن العشرين يخرج بنتيجة عريضة، تلخص المشهد العام للنزال الفكرى الذى شحذ الهمم وأجلى العقول وألهب الحناجر وأوغر الصدور، وهى أن التحديات التى طرحها أصحاب الأفكار «غير المألوفة» كانت دوماً أكبر من الاستجابات التى جاد بها من تصدوا لتلك الأفكار ومنتجيها، ليس لأن أتباع الفريق الأول أقوى حجة وأنصع برهاناً وأثبت مراساً وأسلس عرضاً، بل لأن أغلب أنصار الفريق الثانى لم يحسنوا اختيار أداة النزال، مما قاد فى النهاية إلى ترك هذه المعارك من دون حسم، وجعل توابعها تتجدد من آن لآخر، حتى مع حلول القرن الحادى والعشرين، وجعل كثيرين يشعرون بأننا نحرث البحر أو نتحرك فى المكان نفسه.

وتحت هذه النتيجة الكلية هناك استنتاجات فرعية، لا تخطئها عين بصيرة، ولا يهملها عقل فهيم، يمكن سردها على النحو التالى:

1- كل المحاولات التى رمت إلى مواجهة الفكر بغير الفكر انتهت إلى عكس ما قصد أصحابها، فالكتب التى حوربت إما باتهام أصحابها بالكفر والمروق أو الخيانة والعمالة، وكانت الدوافع السياسية أكبر من العناصر الفكرية فى التصدى لها، باتت أكثر شهرة وأوسع رواجاً وبدا أصحابها «أبطالاً» حتى فى نظر بعض العوام، وحصدوا من المكانة ما لم يكن بوسعهم أن يبلغوا لو ظهر من يفند أفكارهم، وكثير منها متهافت الصنعة ضعيف البنيان عن طريق الرأى العلمى، الذى يستخدم أدوات البحث الحديثة، وينطلق من اقتناع تام بأن الطريق أمام البحث المنهجى يجب أن يكون عريضاً، خالياً من أى عثرات.

2- إن الحكم على كثير من الأفكار التى دارت حولها تلك المعارك، لم يخل أحياناً، من التربص الذى صنعته الضغائن الشخصية، والسعى إلى تصفية الحسابات، والانتصار للمصالح الضيقة، حتى لو كان هذا على حساب الحق والحقيقة.

3- إن التعامل مع نوايا من أثاروا تلك المعارك الفكرية على أنها «خبيثة» على الدوام، مسألة تفتقد إلى الدقة، وتحتاج إلى مراجعة تامة، وتتطلب تفاديها مستقبلاً، فبعض هؤلاء وقع ضحية لنقص المعلومات وتشويهها أو التأويلات الخاطئة للنصوص، أو التسرع فى إصدار الأحكام، وبعضهم أراد أن يدافع عن الإسلام فراح يجتهد، وكان يجب التعامل مع ما أنتجه على أنه «اجتهاد خاطئ» وليس مؤامرة لتشويه الإسلام أو النيل من الهوية المصرية. وبعضهم كان يرمى إلى منع آخرين من استغلال الإسلام فى تحصيل مكانة سياسية أو مكاسب مادية، وبعضهم أراد أن يلقى حجراً فى بحيرة الفقه الراكدة ليمنعها من التعفن، بفعل الفجوة الزمنية الواسعة بين تخرج الأحكام وحركة الواقع المعيش، وهناك من كان به علة من نقص، فأراد أن يلفت الانتباه إليه فتجرأ على العقيدة، وصدم الناس فى دينهم، واتبع مبدأ «خالف تعرف»، طارحاً أفكاراً غريبة لا دليل عليها، وليس بوسعها أن تصمد أمام أى حجة.

4- كثير من أصحاب هذه الآراء حادوا عنها، بعضهم انقلب عليها مائة وثمانين درجة، مثل خالد محمد خالد، الذى ألف كتاباً بعنوان «دين ودولة» تراجع فيه تماماً عما جاء فى كتابه «من هنا نبدأ» من اقتناع بفصل الدين عن الدولة، وبعضهم راح يعدل جزئياً فى أفكاره مثل طه حسين، الذى أعاد طبع «فى الشعر الجاهلى» بعد أن حذف منه ما أغضب الناس، لكنه لم يفعل الشىء نفسه حيال كتابه الآخر «مستقبل الثقافة فى مصر»، الذى كانت نقطة الشد والجذب فيه تدور حول «الهوية» وليست «العقيدة»، أما منصور فهمى فصدمه ما قوبل به من «استهجان اجتماعى» فراح يعيد قراءة المراجع التى اعتمد عليها فى أطروحته للدكتواره عن «المرأة فى الإسلام» فاكتشف أنه لم يتأن فى الإحاطة بكل ما جاء به النص الإسلامى من قرآن وسنة، وما أنتجه الفقهاء فى هذا الشأن، فلما أحاط علماً بكل ما يتعلق بموضوع بحثه، غيّر أفكاره، وتحول إلى الدفاع عن الإسلام، لكن هذا لم يمنعه أن يظل حتى آخر أيام عمره غاضباً من عدم توافر حرية الفكر وحق الاجتهاد. وهناك من أصر على موقفه حتى آخر أيام حياته، مثل الشيخ على عبدالرازق، الذى بدا واثقاً مما انتهى إليه فى كتابه الصغير الأثير «الإسلام وأصول الحكم».

ومعنى هذا أن الجدل الفكرى، ومقارعة الحجة بالحجة، وتوافر شروط النقد الذاتى، كفيل بتعديل ما اعوج من فكر، وتقويم ما شذ من رأى. أما الإرهاب الفكرى، ورمى الناس بالفسوق والخيانة، قد يؤدى إلى عناد حتى ولو فى الباطل، بل يساعد ضعاف النفوس على تحقيق ما يسعون إليه من شهرة أو مال.

arabstoday

GMT 18:30 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف أوكرانيا ورحلة المخاطر المحسوبة

GMT 18:24 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

من باريس إلى الصين

GMT 18:21 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

المشهد من موسكو

GMT 18:14 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

طارق السويدان وزمان «الإخوان»

GMT 18:03 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أم كلثوم و«الست» منى زكي!

GMT 18:02 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

«أم كلثوم» فى «البحر الأحمر»!!

GMT 17:57 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

جائزة الفيفا فى النفاق

GMT 17:55 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

الإخوان والاغتيال الثانى للنقراشى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين ومعاركنا الفكرية 1  2 الدين ومعاركنا الفكرية 1  2



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 06:20 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:15 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:02 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 06:47 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار ومواصفات سيارة "رينو كادجار" 2019

GMT 10:57 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمير عسير يستقبل رئيس المجلس البلدي في النماص

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 00:11 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

ليون غوريتسكا يُحدّد موعد حسم مستقبله مع فريق "شالكه"

GMT 11:10 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

تغريدة أوباما هي الأكثر إنتشارًا في 2012

GMT 21:07 2015 الخميس ,19 شباط / فبراير

اللجنة القضائية تتسلم أوراق سما المصري

GMT 21:47 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

زيت الياسمين لتنعيم البشرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon