بقلم : عمرو الشوبكي
ردت القوات الأمريكية على قيام تنظيم داعش بقتل ثلاثة أمريكيين فى تدمر السورية، واستهدفت مواقع التنظيم الإرهابى فى أنحاء متفرقة من سوريا وخاصة فى الجنوب، وأعلنت القيادة الوسطى الأمريكية «سنتكوم» أنها «ضربت أكثر من ٧٠ هدفا بواسطة طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية ضد مواقع يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية». كما شاركت طائرات أردنية مقاتلة من طراز «إف-١٦» فى الهجوم.
والحقيقة أن هذا النوع من الهجمات عادة ما تكون أضراره أكثر من فوائده لأنه مهما تحدثت أمريكا عن أن لديها معلومات استخباراتية تحدد لها أماكن اختفاء عناصر التنظيم وإن الأهداف التى ضربتها دقيقة فإن من المؤكد إن هناك مدنيين سيسقطون وأن أغلب عناصر التنظيم سينجحون فى الاختباء، حتى لو نجحت هذه الغارات فى استهداف البعض.
والحقيقة إن رد الفعل الانتقامى لقوة عظمى مثل أمريكا عادة ما يخلق بدوره ردا انتقاميا آخر من أنصار التنظيم ويسهل من انتقال المتعاطفين معه أو بعض أهالى أعضائه إلى ممارسة العنف والإرهاب بغرض الانتقام لمن سقطوا جراء الغارات الأمريكية وليس بالضرورة عن إيمان وقناعة بأيديولوجية «داعش».
علينا أن نعى أن خيار الإرهاب فى الربع قرن الأخير لم يعد فقط أو أساسا خيارا عقائديا بمعنى أن يقوم الشخص بالاعتماد فقط على تفسيرات متشددة لبعض النصوص الدينية ويقرر على ضوئها ممارسة الإرهاب كما جرى مع تنظيمات التطرف العنيف العقائدية فى مصر مثل الجهاد والجماعة الإسلامية وغيرهما، أو مع بنية تنظيم القاعدة الصلبة على مستوى العالم، إنما أصبح يتشكل أساسا من إحباطات الواقع سواء كانت اجتماعية أو مادية أو سياسية أوالرغبة فى الثأر والانتقام نتيجة صلف غربى أو أمريكى أو قهر نظامه المحلى، فيلتحف فى اللحظات الأخيرة بالتفسيرات الدينية المتطرفة والشعارات الداعشية لتبرير خيار العنف والإرهاب الذى تشكل أساسا من سياق ودوافع انتقامية.
رغم اختلاف ظروف الضربات الأمريكية على جنوب سوريا عما جرى فى أفغانستان والعراق إلا أن العامل المشترك بينهم يقول إن التدخل الأمريكى المسلح والانتقامى من أجل مكافحة الإرهاب تحول إلى عامل رئيسى وراء انتشاره، ودخلت المنطقة فى مآس انتهت بأن حلفاء أمريكا الذين جلبتهم مع غزوها إلى أفغانستان والعراق سقطوا تباعا ولم تستطع أن تهندس أى بديل ناجح فى هذه البلدان.
يقينا الحكم الجديد فى سوريا يواجه تحديات كثيرة جعلته يناور ويتحرك بذكاء فى محاولة لتحييد خصوم كثيرين يتربصون به، وتمسك بتحالفه مع أمريكا وقبل أن يكون شريكا فى التحالف الدولى لمحاربة داعش وهى كلها جوانب تعزز من مكانته فى المنظومة الدولية ولكن الانخراط الكامل فى النشاط العسكرى الأمريكى على الأراضى السورية حتى لو كان تحت راية محاربة الإرهاب سيخصم من رصيد الإدارة السورية وسيعقد من موقفها.