رسالة الكاتدرائية

رسالة الكاتدرائية

رسالة الكاتدرائية

 السعودية اليوم -

رسالة الكاتدرائية

عمرو الشوبكي

رسالة الكاتدرائية هذا العام تختلف عن كل عام، فهى المرة الثانية التى يزور فيها رئيس مصرى الكاتدرائية القبطية فى العباسية بعد زيارة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى ستينيات القرن الماضى، ووضع حجر أساسها، ومساهمة الدولة فى بنائها، وهى رسالة محبة وسلام، وجاءت قبل ساعات من عملية باريس الإرهابية التى استهدفت صحيفة «شارلى إبدو» وسقط فيها 12 قتيلاً، ودلت المؤشرات الأولية على تورط العناصر التكفيرية فى تلك الجريمة.

زيارة الرئيس السيسى التى توقعها البعض (ونحن منهم) تقدم أكثر من رسالة، أهمها كسر حسابات مبارك ومواءماته (والتى نتمنى أن تشمل جوانب أخرى)، القائمة أساساً على تغييب أى قيمة عليا لصالح المواءمات الصغيرة، فبقيت مصر أسيرة الحسابات الصغيرة، لذا لم يزر مبارك الكاتدرائية خوفاً من غضب السلفيين والمتشددين، ولأن قيمة المواطنة كانت مجرد شعارات تردد فلم يقم بأفعال تؤكد هذا المعنى ولو بزيارة رمزية لتهنئة المسيحيين بالعيد.

أهمية زيارة الرئيس والاستقبال الحافل الذى تلقاه داخل الكاتدرائية أنها أعطت ضربة قاصمة لكل دعوات عدم تهنئة المسيحيين بالعيد من قِبَل بعض المتطرفين فى بلادنا، وهو تعصب بالمجّان يكرس الجهل والأمية ويعمل على تنميتهما لا مواجهتهما، فهل تهنئة المسلمين للمسيحيين بالعيد تعنى الإيمان بعقيدتهم؟ وهل تهنئة المسيحيين المصريين شركاءهم فى الوطن من المسلمين تعنى أنهم يؤمنون برسالتهم؟ بالتأكيد ليس مطلوباً من أحد أن يؤمن برسالة الآخر، إنما المطلوب منه فقط أن يحترمها، ويجامل أبناءها بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، وزيارة السيسى كرست تلك المعانى. كيف يأمرنا الإسلام بالحفاظ على دور العبادة المسيحية ويطالبنا بضرورة صون ممتلكاتهم «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، ثم يحرم البعض أن نقول لهم «كل عام وأنتم بخير» بمناسبة عيد القيامة أو غيره من الأعياد؟ كيف يستقيم عقلاً ومنطقاً، قبل أن يكون ديناً أو أخلاقاً، أن تحرم المصريين من أن يقولوا لإخوانهم المسيحيين «كل عام وأنتم بخير» و«عيد سعيد»، وتتمنى لهم الخير والسعادة كما تتمناهما للإنسانية كلها، فما بالنا بشركاء الوطن؟!

المؤكد أن الاستقبال الحافل الذى لاقاه السيسى فى الكاتدرائية يدل على وجود ظهير شعبى عميق فى أوساط المسيحيين المصريين للرئيس، وهو أمر فى صالح المجتمع والدولة المصرية، لأنه خصوصية موضوعية ومدنية وليس نتيجة انحياز السيسى للمسيحيين فى مواجهة المسلمين، كما يروج الإخوان وحلفاؤهم، إلا أنه اختار أن يتعاطف مع الحلقة الأضعف فى المجتمع، والتى دفعت الثمن الأكبر من أجل إسقاط حكم الإخوان لصالح الوطن، فحُرق أكثر من 70 كنيسة، وقُتل عشرات المسيحيين على الهوية الدينية، وهو أمر أدى إلى انحياز المسيحيين للدولة الوطنية والجيش الوطنى، باعتباره الحامى الوحيد لهم فى ظل قوى إرهابية تستهدفهم داخل الحدود وخارجها.

شعبية السيسى كاسحة وسط المسيحيين، وهو أمر استُثمر هذه المرة لصالح إرساء قيم المواطنة والمساواة، وطالما أن كل البدائل لحكمه هى إما جماعات تكفيرية أو إخوانية أو هتيفة ثوار بعد الثورة، فلن يعطى المسيحيون ثقتهم إلا لرجل قادم من قلب الدولة.

هؤلاء المسيحيون المصريون الذين تعرضوا للغبن، وعانى كثير منهم من الطائفية والتهميش، هم جزء من حالة مصرية أصيلة تدعم الحكم الجديد، ويصر البعض على ألا يراهم نتيجة فشله وانفصاله (وأحياناً كراهيته) عن الناس، ويرى أن معركته الأساسية معركة وجود وبقاء وليس من أولوياته تغيير قانون التظاهر ولا التشكيك فى المسار الحالى لصالح الإخوان أو غيرهم.

استقبال الرئيس الحافل والصادق فى الكاتدرائية رسالة لابد من تأملها، لأنها تقول ببساطة إن هناك قطاعاً واسعاً من المصريين تختلف أولوياته عن قطاع من السياسيين والنشطاء، فهو يرى أن مصر مهددة من الخارج والداخل، وتتعرض لمؤامرات كثيرة، وأنه مع استمرار الأزمة الاقتصادية تصبح البلاد مهددة بانهيارات حقيقية، وأن المطلوب هو الوقوف خلف الحكم الجديد ودعمه وتحمل الصعاب، لأن البدائل التى طُرحت أمام القطاع الأكبر من الرأى العام كانت أسوأ من الوضع الحالى، سواء تلك التى شهدتها البلاد عقب ثورة 25 يناير فى ظل إدارة المجلس العسكرى، أو تحت حكم الإخوان.

والمؤكد أن هذه الحفاوة الجماهيرية كان مستحيلاً رؤيتها مع حسنى مبارك أو محمد مرسى (كلاهما لم يزر الكاتدرائية ولا مرة)، فهناك من يرى أن وطنية الرئيس استدعت مشاعر مشابهة لدى المصريين ومازال يثق فى إخلاصه ووطنيته ويغمض عينه أحياناً عن أخطاء كثيرة (ولو مؤقتاً)، لأنه اعتبر أنها ثمن للوصول إلى بر الأمان.

رسالة الكاتدرائية مهمة وأصيلة، ويجب أن يبنى عليها الكثير من أجل تكريس دولة القانون والمواطنة والديمقراطية.

arabstoday

GMT 19:25 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

GMT 19:21 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 19:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 14:31 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 14:27 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 14:25 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 14:21 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 14:16 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة الكاتدرائية رسالة الكاتدرائية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 السعودية اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 10:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:53 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 06:44 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

اجعلي منزلك ينطق بجمال وأناقة اللون الأزرق

GMT 14:14 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

الخطيب يوضّح سبب زيارة وفد الأولمبية للأهلي

GMT 11:41 2017 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أول طائرة سعودية - أوكرانية تحلّق في سماء كييف

GMT 14:09 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

ميسي ونيمار يعودان مبكرًا إلى برشلونة

GMT 08:41 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

اهتمامات الصحف المصرية

GMT 08:57 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مقاتلة تسحق منافستها بعد رقصة رائعة

GMT 21:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

حفتر يعلن 'الجهاد والنفير العام' في ليبيا

GMT 11:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

موقعة الأهلي والزمالك خارج مصر رسميًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon