التحرش والتوحش

التحرش والتوحش

التحرش والتوحش

 السعودية اليوم -

التحرش والتوحش

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطاالله

وصلت ظاهرة التحرش، ذلك التوحش الجماعي الهستيري، إلى السودان. ربما كانت قد حدثت من قبل ولم نعرف بها إلى أن وقعت ضحيتها إحدى نجوم البلد. لكن هذه الظاهرة المرضية تكتسح بلداناً كثيرة في العالم الثالث، منها مصر والهند. أتابع الأخبار القضائية ونصوص المحاكمات في مصر، خائفاً دائماً من دلالتها الاجتماعية. وأجد - بلا مفاجأة طبعاً - أنَّ ثمة قاسماً مشتركاً في محاكمات القتل الزوجي وسقوط العشاق من الطابق السابع، هرباً من الزوج العائد إلى منزله في ساعة غير متوقعة. أو في محاكمات نجوم «التيك توك» وعالمهم الغريب، أو في حكايات «تفاريح» الحشيش، وهو مصطلح لا يمكن أن يصدر إلا... عن حشاش.
القاسم المشترك في هذه القصص اليومية أنها تقع في المناطق الفقيرة وفي الأسر الفقيرة. ولست أذكر من قال إن سبب تعثر ذوي البشرة الملونة في أميركا، ليس عنصرية الرجل الأبيض، بل غياب الأب الأسمر عن عائلته.
تلاحظ فوراً أن عالم «التيك توك» والتحرش والانفلات الأسري غير المسبوق، إما غياب ربّ العائلة الفقير، أو تواطؤه مع ابنة أو زوجة توفر الدخل للجميع. أهم من أبرز هذا التواطؤ الانحلالي كان يوسف إدريس في قصته البركانية «بيت من لحم».
هذا لا يعني إطلاقاً أن الموسرين أكثر أخلاقاً أو محافظةً من أرقاء الحال، لكنهم أكثر قدرة على إخفاء المحن العائلية. أو أكثر تسامحاً واتقاءً للفضيحة. ولذا فإن هذا المجتمع البائس، الذي تخرج منه كل يوم، حكاية من حكايات التسيب العائلي الغريب على المجتمع المصري، أو حادث من حوادث التحرش الجماعي في الأمكنة العامة، هو واحد في مصر والهند ولبنان وأحياء الصفيح في نيويورك أو شيكاغو، ينمو في الفقر والأحياء الشعبية المزدحمة، وانهزام الحاجة أمام القيمة، والعوز أمام القواعد والأصول.
أخطر قنبلة موقوتة، يقول العالم البريطاني الراحل ستفن هوكنغ، هي القنبلة السكانية. إنها تفقد الشعوب والدول توازنها الاجتماعي. وتؤدي دائماً إلى نشوء طبقة هامشية مهمشة من الناس. وعندما يطغى الفقر يُذل شعوباً عظيمة، كما حدث في ألمانيا بعد الحرب، أو في فرنسا خلالها، عندما أصبحت المرأة تبيع نفسها أحياناً لجنود الاحتلال.
أكثر ما أخافني عندما بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار الكبير، هو أثره على الحياة الاجتماعية. العائلات التي لم تعد تملك الأقساط المدرسية لأبنائها، وآلاف الآباء الذين سوف يفقدون أعمالهم. مائة ألف وظيفة في القطاع السياحي وحده. يفسِّخ الفقر المجتمعات ويذل القيم. وللمرة الأولى رجل - أو رجال - ينقبون في القمامة عن طعامهم. وللمرة الأولى أصبحنا نرى رجالاً ونساءً وشباباً يفترشون الأرصفة. وقد ارتفعت نسبة الذين على خط الفقر من 20 في المائة، إلى 55 في المائة، أي أكثر من نصف الشعب. ستة ملايين إنسان فوق عشرة آلاف كيلو متر مربع. وبلد بلا إدارة وبلا أفق ولا إحساس. مروّع المشهد التالي.

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش والتوحش التحرش والتوحش



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 21:43 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

"الإعلاميين" تنعى الاذاعية فوزية المولد

GMT 10:28 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"بي إم دبليو" تطلق سيارات جديدة في روسيا

GMT 11:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مهاجمان من الدوري الإسباني على رادار "برشلونة"

GMT 22:00 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

لعبة Clash Royale تحقق أرباح 2 مليار دولار

GMT 01:52 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

جولف GTI خارقة تحمل محركين وقود بقوة 1600 حصان

GMT 04:26 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

الإمارات والصين.. شراكة استراتيجية

GMT 00:02 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دبي تطلق أضخم مشروع لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة

GMT 09:08 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

التجارب الحياتية تصقل الإنسان وتجعله أقوى نفسيًا

GMT 23:40 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

إطلالة مميزة بالجدائل الملونة لمظهر متجدد دائمًا

GMT 07:34 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تختنق بالضباب الدخاني ومواطنوها يهربون إلى الخارج

GMT 22:24 2013 الخميس ,07 آذار/ مارس

الاسم: خليل الزبن

GMT 04:06 2020 الأحد ,23 شباط / فبراير

اتيكيت مقابله العريس للمرة الأولى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab