في الانفجار

في الانفجار

في الانفجار

 السعودية اليوم -

في الانفجار

سمير عطا الله
سمير عطا الله

في السادسة من بعد ظهر الثلاثاء، انتهيت من تسجيل مقابلة لتلفزيون «النهار» مع الزميلة موناليزا فريحة، في مبنى الجريدة المطلّ على مرفأ بيروت. خرجت موناليزا من الاستوديو، ووقفتُ مستعداً، لكنني سمعت صوت انفجار خفيف قادم من جهة المرفأ، فجلست من جديد. وبعد ثوانٍ حدث انفجار آخر. واهتزّ بنا المبنى، وأصمّ الدويُّ الآذان، وتساقطت السقوف الخشبية، وامتلأت الغرفة بنثرات الزجاج المكسور، وخيِّل إليَّ أن الانفجار في قلب المبنى ويستهدف «النهار». واستسلمت لفكرة انفجار ثالث يرمد المكان. وعادت موناليزا إلى الغرفة مذعورة تبحث عنّي، شاعرةً بعُقدة ذنب لأنها كانت السبب في وجودي تلك اللحظة. ورحنا نبحث معاً عن أبواب الخروج، لكنها تساقطت جميعاً وسدّت الرواق. وأخيراً، اهتدينا إلى مخرج الطوارئ. وكانت الدرجات مغطاة بالزجاج. وهناك آثار دماء كثيرة لأناس سبقونا إلى الخروج. وسمعت رجالاً يقولون إن الانفجار وقع في مقر الرئيس سعد الحريري.

وبحثت في الساحة عن سائقي بفزع، لأنه لم يكن قرب السيارة المحطَّمة كلياً. كلّمته بالهاتف فقال إنه مصاب بجروح بسيطة وهلع، ومتجه إلى المستشفى. امتلأت الساحة بالسيارات الهاربة في كل الاتجاهات. عبثاً حاولت أن أستوقف إحداها. وأخيراً توقف شاب شهم وفتح باب سيارته، قائلاً إنه ذاهب إلى طرابلس. شكرته وطلبت منه أن يضعني عند أول نقطة أستطيع فيها انتظار سيارة تاكسي. عند تقاطع «برج حمود» جلست أنتظر سيارة أجرة أرسلها لي ابني. كان التقاطع أشبه ببوابات الجحيم. سيارات وزمامير، وسيارات إسعاف، وشاحنات إطفاء، وجرحى مدماة وجوههم، وأطفال مع أمهاتهم. وقال أحد المارة إن منطقة النبعة المقابلة أصبحت كلها بلا سقوف. مرت ساعتان وأنا جالس على الرصيف والسائق يبلغني أن الزحام يمنعه من الوصول.
في «قلب الحدث» لم أكن أعرف ماذا حدث حقاً. أما الذين يشاهدون التلفزيون فكانوا يرون صوراً آتية من هيروشيما، أو من برج التجارة في نيويورك. وأخيراً وصل السائق وبدأنا رحلة بين السيارات التي سطحتها قوة الانفجار والطرق المغطاة بالزجاج والشرفات المتساقطة.

عندما وصلت إلى المنزل طالعني باب كاراج المبنى وقد التوى. وجلست أتابع الأخبار، فرأيت مبنى «النهار» مهشماً برمّته محطماً. وقال وزير الصحة إن القتلى بالعشرات والجرحى بالآلاف والمشردين لا وقت لإحصائهم. وشيئاً فشيئاً أصبحت أستوعب في أيِّ كارثة كنت. ورحت أستعيد كيف اهتزّ مبنى «النهار» كأنه يُقذف بألف مدفع. وكما ضعنا في المكاتب، أصبحنا الآن نسمع عن استغاثات ومفقودين وعائلات تبحث عن ضائعيها في المستشفيات. والمستشفيات لم تعد قادرة على استقبال الجرحى مثل يوم الحشر. وأنين في كل مكان، صامت أو موجع. وصورة الانهيار تكبّر نفسها. وبيروت تُعلَن «مدينة منكوبة» كأن باقي لبنان سعيد غير منكوب، وكعادتها أدت السلطة كل ما عليها: إعلان الحداد، مرفقاً بلجنة تحقيق وبيان من رئيس الحكومة كامل التحريك. ومثل الحكومة، كامل الأوصاف.

 

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الانفجار في الانفجار



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:46 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"التعاون" يفتقد 3 نجوم قبل مواجهة "الهلال"

GMT 21:28 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الأهلي يتكفل بتذاكر مباراة الشباب

GMT 13:09 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلتون تتوقع تثبيت سعر الفائدة في اجتماع البنك المركزي

GMT 02:34 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن سلمان يستأنف جولته العربية بموريتانيا والجزائر

GMT 19:28 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مدافع"بايرن ميونخ" يشكر لوف على استبعاده من قائمة ألمانيا

GMT 11:24 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجار يحقق البرونزية الثانية لمصر في "أولمبياد الشباب"

GMT 18:09 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

سائق السيارة يمكنه الرد على المكالمات من خلال "البلوتوث"

GMT 06:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تعمل على Galaxy S9 Mini بشاشة أصغر من 5 بوصة

GMT 09:31 2014 السبت ,26 تموز / يوليو

وفاة 3 أشخاص في حادث مروري في هجرة عريعرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab