الدَرسُ الأول المُعلم مَلِكٌ والتلميذُ جميل
المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية حماس تتهم الإحتلال الإسرائيلي بقتل ثلاثة أسرى وتطالب بتحرك دولي عاجل لكشف مصير المختفين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات داخل السجون إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70ألفاً و125 شهيداً أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني يُعلن أن صحة حياة الفهد غير مستقرة إسرائيل تقتل مئات التماسيح في مزرعة بالأغوار خشية استخدامها في هجوم تخريبي وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد مقتل ياسر أبو شباب في رفح السلطات اليونانية تعلن حالة تأهب قصوى مع منخفض بايرون وتسع مناطق بما فيها أثينا تتابع الوضع ضربة إسرائيلية بطائرة مسيرة واشتباكات واسعة في ريف دمشق تتسبب في قتلى وجرحى وتصعيد ميداني
أخر الأخبار

الدَرسُ الأول... المُعلم مَلِكٌ... والتلميذُ جميل!

الدَرسُ الأول... المُعلم مَلِكٌ... والتلميذُ جميل!

 السعودية اليوم -

الدَرسُ الأول المُعلم مَلِكٌ والتلميذُ جميل

بقلم - تركي الدخيل

وقد تحملُ لك الأقدارُ ما تَجْفَلُ مِنهُ إِذا أَطَلَّ عليك، فإذا هو عين الخِيرة، فالله ألطفُ بالعبد منه بنفسه.

ما كاد الفتى المُتَّقِد حَمَاسَةً وطموحاً يتخرَّج في كلية الحقوق، في جامعة فؤاد، عام 1950، ضِمنَ ثُلَّةٍ معدودة من طليعة أبناء وطنه الجامعيين، حَتَّى أصدر الأمير فيصل بن عبد العزيز، نائب الملك بالحجاز، وزير الخارجية، قرار تعيينِه في يناير 1951، مُلحَقَاً دبلوماسياً بالخارجية.

بعد عام وثلاثةِ أشهر من تعيين الشاب، أَوكَلَ مستشار الملك عبد العزيز، رئيس الشعبة السياسية بالديوان الملكي، الشيخ يوسف ياسين، إليه مُهِمَّة الترجمة في لقائه وزيرَ الخارجية الأسباني، روبرتو خوزيه أرتاخو، الذي يزور السعودية، ويتحدَّث اللغة الفرنسية، ولم يكن في الديوان الملكي من يتقنُها، ما استدعى تكليف صاحبِنا، جميل الحجيلان، ذي الخمسة والعشرين ربيعاً، بالترجمة.

بعد اللقاء، قال الشيخ ياسين، للحجيلان: جَهِّز نَفسَكَ، للسفر غداً إلى الرياض! وما كاد الشَّاب يرسم على وجهه استفهاماً عن غايةِ السفر، حتى عاجَلَهُ الشيخُ المستشارُ، قائلاً: ستُتَرجِمُ لقاء الملك عبد العزيز والوزير الإسباني. فَنَزَلَ الخَبَرُ على جَمِيلٍ ليَهُزَّ كِيَانَهُ، ويُزَلْزِلَ أَركَانَهُ، ولمَّا رَأَى الشَيْخُ الشَّابَّ قَلِقَ الخَاطِرِ، مَشْغُوْلَ القَلْبِ، مُضْطَرِبَ البَالِ، سَأَلَهُ: أَتَهَابُ المَلِك عبد العزيز، وبينكما ألفُ كيلو متر؟! فَرَد الحجيلان: إني لِمُجَرَّد ذِكرِ الملك ترتعد فرائصي، مَهابةً لجلالته وإجلالاً وتوقيراً. صحيح أنَّ جميلاً استحضر عِظَمَ المُهِمةِ، وثِقَلَ المسؤُولِيَةِ، لِكِّنَ ذلك حَدَثَ لِمَا نَشَأَ عليه، كما غيره من العقيلات، من محبة الملك الذي وَحَّدَ شَتَاتَ بِلادِهُم، وحَوَّلَ خوفَها أمناً، وضعفَها قوةً، وفرقتَها وحدةً؛ إنَّها المحبة التي تُنبِتَ الإعظام، والإجلال، والتوقير.

رَأَيْتُ مَهَابَةً ولِيُوثَ غَابٍ

وَتَاجَ المُلكِ يَلْتَهِبُ التِهَابَا

الشيخ يوسف ياسين، ذو الـ63 عاماً، حينَها، كان قضى مع الملك عبد العزيز ثلاثةَ عقودٍ، أَهّلَتْهُ ليكونَ بَصِيرَاً بطبائعِ المؤسس، فهو المستشار المُقَرَّبُ للملك.

وبمَا لياسين من دَالَّةٍ على جميل، أَلَانَ لَهُ أَعطَافَ رَحمَتِهِ، فأَمسَكَ بِيَدِهِ، وسَارَ مَعَهُ، مُشَجِّعَاً ومُحَفِّزَاً، مُرَدِّدَاً على مَسَامِعِهِ بَيْتَ أَبي القَاسِمِ الشَّابِّي:

وَمَنْ يَتَهَيَّبْ صُعُودَ الجِبَالِ

يَعِشْ أَبَدَ الدَهْرِ بَيْنَ الحُفَرْ

إِنَّهُ بيت، يجلو وَجَلَ النُّفُوسِ، ويَصعَدُ بالهِمَمِ إلى القِمَمِ، وأَتَسَاءَلُ: هل اخْتَارَ ياسين بيتاً للشَّابِّي تَحدِيدَاً، لِأَنَّهُ تُوُفِيَ عن خمسةٍ وعشرين ربيعاً، كَعُمرِ جميل الحجيلان، حينذاك؟!

وضِمنَ تهيئة المترجم جميل، لمُهِمةِ الغَدِ المُهِمة، قال الشيخ يوسف يَاسين: إِنَّ من عَادَة المَلِك عبد العزيز، أَنَّهُ إذا أَخَذَتهُ الحَماسَةُ في الحَدِيثِ، استَشْهَدَ بِقَولٍ أَثِيْرٍ عليه، وقد اتَخَذَهُ مِنهَاجَاً له وطَريقَةً، وهُو: «الَحَزم أبو الَعزم أبو الظفرَات، والتَرْك أبو الفَرك أبو الحَسَرَات».

وشرَحَ الشيخ يوسف ياسين المقولة؛ فمن كان حازماً في أمُوره، عازِماً على تنفيذ ما تقتضيه المصلحة، كسب النتيجة ظَفَراً وفَوزاً، ومن تَسَاهَلَ أو تَكَاسَلَ، وتَرَكَ ما يجب عليه فعله، جَنَى الخسارة، فَرَاحَ يَفْرُكُ يَدَيهِ نَدَمَاً، وتَقَلَّبَ في الحَسَرَاتِ المُؤذِيَاتِ. وأَكَدَ المستشار على ضرورة أن يُتَرجِمَ جميل العِبَارَةَ كاملةً، بتفصيلِ معانيها، دون إخلال أو اختزال.

لا شَكَ أنَّ الأَرَقَ كَان شَرِيكَ جميل الحجيلان تلك الليلة، وليس السَهَر، فالأرَقُ: ما استَدعَاكَ، والسَهَرُ: هو مَا اسَتَدعَيتَهُ، وَهُو تَفريقٌ ذكيٌ، ذَكَرَهُ الكَفَوِيُّ، في (الكُلِّيّات).

الذينَ عرَفُوا جميل، في أي مرحلة من عمره المهني، كما يُقِرُون بدَمَاثَةِ أَخلاقِهِ، يُؤكدون ِصَرَامَتَهُ، وجِدِيتَهُ، وَحَدَبَهُ على وَاجِبَاتِهِ، وَهوَ ما تَعَلمَهُ مِن حَيَاةِ أسلافِهِ، العقيلات، ومما وَاجَهَ من صِعَابِ في مستهلِ حياته، وما اضطَلَعَ بهِ مِن مَسؤُولياتِ، ثقيلَةَ الأحمَالِ، لَكِّنها عَرَكَتهُ، وصَاغَتهُ في عِدادِ الرِجَال.عَلى أَنَّ لِي عَزمَاً إِذا رُمتُ مَطلَبَاً

رَأَيتُ السَمَا أَدنَى إِلَيَّ مِنَ الأَرضِ

قَضى جميل لَيْلَتَهُ تلك، يُحَضِّرُ للتَرجَمَةِ، فاستوعَبَ المَثَلَ المذكور، وَحَبَّرَهُ، وبَذَلَ الوسْعَ في إِحَاطَةِ مَعَانِيهِ باللغة الفرنسية، كما جَهَّزَ مَا يَتَوَقَّع أن يشمل اللقاء، من موضوعاتٍ.

صَنَعَ جميل بِصَبرٍ عَادَاته الصارِمَةَ في الصِبا، فَقَطَفَ بسهولة جَنَاها باقي العُمْرِ.نَصَحْتُكَ لا تَأْلَفْ سِوَى العَادَةَ التِي

يَسُرُّكَ مِنهَا مَنْشَأٌ ومَصِيْرُ

فَلَمْ أَرَ كَالعَادَاتِ شَيْئَاً بِنَاؤُهُ

يَسِيْرٌ وأَمَّا هَدْمُهُ فَعَسِيْرُ

في اليوم المرتقب، أشغَلتْ مهابةُ الملك عبد العزيز، المترجمَ الحجيلان عن أن يَفطنَ لأيِّ شَيءٍ سوى الملك العظيم، الذي يَراه لِلمرة الأولى. إنَّهُ قَدَرٌ أَنعَشَ اللهُ بِهِ عَاثِرَ الليالي والأيام، وأحيا به ما أوشكَ على الموت من الآمال. إنَّها الأقدار التي تجفلُ منها، فَيُحيلها اللهُ مَحضَ خَيرٍ.

ويجلس المترجم الذي يَعِي أَنَّهُ أَمَامَ لحظَةٍ تَاريخية بالنسبة له، لَكِّنَهُ يَجِبُ ألا يُفرِط في الإِبحارِ خَلفَ هذا الهَاجِس، فَيَنشَغِلُ بِهِ عَن الغَايَةِ العُليا، وهي القيامُ بالتكليف - التشريف، على أَفضَلِ ما يُمكِنُ، أداءً لواجِبِ وطَنِك، وزَعِيمك عليك. يَعدّ الحجيلان ما سَمِعَهُ، مُباشرة من مليكه الكبير، كانَ أول درسٍ يتلقاه في سياسة بلاده الداخلية والخارجية، وأنعِم وأَكرِم بمُعَلِّمٍ في منزلةٍ لا تُدرَكُ. ولم يُفَوِّت عاهل الجزيرة المناسبة، لينقل ما كانَ الأشقاءُ في الجزائر يرزحون تحتَه من احتلال فرنسا واستبدادها، وطالبَها برفع يدِها عن الشعوب التي تستعمرها، قبل أن ينفجرَ الشعبُ ثورة على الظلم. وأخذته الحماسة والحميّة، فأورد مثله الأثير، مبدياً حرصَه على أن يحسنَ المترجم نقلَ معناه ومبناه، فانبرى المترجمُ الشاب، لنقل تفاصيلِ المثل، باسطاً معناه بما يتواكب مع اللغة الفرنسية، بكل هدوءٍ ورويَّةٍ وتمكّن، وهو ما تنبَّه له الملك عبد العزيز، لكنَّه تأكيداً، سَأَلَ الحجيلان: ترجمتَ يا ولدِي؟! فأجاب: نعم، طال عُمرك.

حَرِصَ المُتَرجِمُ على أن يُخفيَ السعادةَ الغامرةَ في نفسه، إذ كانت أساريرُه ترقُص فرحاً، بما لَمسَهُ من رِضَا الملك على تَرجَمَةِ مَثَلِهِ الأَثِيْر، بِبَسْطٍ، واستِفَاضَةٍ.

انتهى اللقاء، وأُكمِلَت المَهَمَّة، ونَقَشَت أحداث اليوم نفسَها في ذاكِرة الحجيلان، الذي بنَى عليها حَجَرَ أَسَاسِ مَسِيرَةٍ مِهَنِيَّةٍ زَاهِرَةٍ.

منذُ ذلك الحدثِ المفصلي، يمكنُنَا أن نردّدَ مع أبي تمام عن السيرة الجميلة في بداياتها، قوله:

إِنَّ الهِلالَ إِذا رَأَيتَ نُمُوَّهُ

أَيقَنْتَ أَنْ سَيَصِيرُ بَدرَاً كَامِلَا

arabstoday

GMT 14:39 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 14:35 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 14:33 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 14:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 14:28 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدَرسُ الأول المُعلم مَلِكٌ والتلميذُ جميل الدَرسُ الأول المُعلم مَلِكٌ والتلميذُ جميل



أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ السعودية اليوم

GMT 16:53 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
 السعودية اليوم - تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 11:41 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 21:54 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

انقطاع الهاتف والإنترنت في كوبا لمدة 90 دقيقة

GMT 21:55 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

مجموعة من آخر صيحات الموضة في دهانات الشقق

GMT 08:30 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة لعام 2024

GMT 12:10 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار للطاولات الجانبية التابعة للأسرة في غرف النوم

GMT 12:04 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

قمة G7 ستعقد في إنجلترا خلال 11 - 13 يونيو

GMT 05:22 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

متابعة خسوف شبه ظل القمر افتراضيًا في مصر

GMT 04:53 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

وزير الأوقاف المصري يكشف عن حقيقة فتح المساجد

GMT 07:26 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تتقدم بخطى ثابتة

GMT 12:25 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تحتل موقع مناسب خلال هذا الشهر

GMT 13:50 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

محمد عبد الشافي يغيب عن الأهلي في مباراة الفتح

GMT 09:26 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

الاقتصاد التركي يختتم 2018 بتراجع كبير لأهم محركاته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon