الشيخ نواف رحيل عروبي أصيل

الشيخ نواف... رحيل عروبي أصيل

الشيخ نواف... رحيل عروبي أصيل

 السعودية اليوم -

الشيخ نواف رحيل عروبي أصيل

بقلم - إميل أمين

 

خسرت الكويت والعالم العربي برحيل الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح رجلاً عروبياً من طراز رفيع، وقائداً وطنياً، لمع نجمه في أحلك الأوقات التي مرت بالكويت الشقيق، حين تقلد منصب وزير الدفاع، وقت الغزو الصدامي للكويت عام 1990.

الذين خبروا الراحل الكبير عن قرب رأوا فيه مثالاً للأبوة والحكمة من جهة، وسياسياً خبيراً قديراً من جهة تالية، مع ما عرف عنه من «الهدوء المتكلم»، فكان أبلغ من أصحاب الخطابات الزاعقة، وأصحاب الرايات الفاقعة.

خلال سنوات حكمه ظل أميناً ووفياً لوصية سلفه الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، والتي ائتمنه فيها على خدمة الناس، لا خدمة الكرسي، وأعلمه من خلالها أن الوظيفة والمنصب والمسؤولية كلها مؤقتة، في حين أن الرصيد الحقيقي، هو العمل والإنجاز... «كلما عملت من أجل الناس، ارتفع شأنك».

ليس سراً القول إن الشيخ نواف طيب الله ثراه، عمل بمثابة حاضنة قوامها الحكمة، ووقودها المودات، لا بين أهل بلده الكويتيين فحسب، بل بين سائر المنطقة العربية، في اليسر والعسر.

يعرف القاصي والداني الشيخ نواف، بأنه «راعي السلام بين العرب»، وقد استحق هذا التقدير بالفعل، في ظل الدور الكبير التصالحي والتسامحي الذي لعبه لإنهاء أزمة الخلافات بين الرباعي العربي ودولة قطر، ولهذا بدت العواصم العربية نهار السبت حزينة من القلب، ومعبرة من روحها عن ألم فقيد نفس كبيرة خلاقة، ولم يكن الأمر مجرد إجراءات بروتوكولية تعلن الحداد رسمياً، وإنما جاءت تعبر نفساً وروحاً عن مكانة الراحل رحمه الله.

رحل الشيخ نواف بعد رحلة طويلة من العمل العام، خدم فيها البلاد والعباد عبر أكثر من 6 عقود، وربما لا يدري النفر الكثير من القراء والمتابعين، أنه كان صاحب الدور الكبير في تكوين التحالف الدولي الذي تصدى للقوات العراقية التي احتلت البلاد على حين غرة في أغسطس 1989.

نجح الأمير الراحل في أن يعبر ببلاده كثيراً من الأزمات، وقد كان عام 2020 موعداً لواحدة منها، حين تراجعت أسعار النفط، ما أدى إلى خفض عدد من الوكالات الدولية المالية، التصنيف الائتماني للكويت، فقد كانت ثقة المستثمرين الدوليين في شخصه، خير ضمانة لبقائهم، بل ولجذب الكثيرين منهم إلى دولة تعد من أهم الدول المصدرة للنفط إلى العالم.

تعزز الأمن والاستقرار الداخليان كذلك في سنوات حكم الأمير نواف، وقد وضع نصب عينيه دوماً تحسين مستوى معيشة المواطن الكويتي، عبر تقديم مزيد من الخدمات الاجتماعية، ما خلّف حالة من الراحة النفسية لدى مواطنيه، وبنفس القدر شعر المقيمون في ظله بطمأنينة ومودات عُرفت بها الكويت عبر عصور طوال.

على المستوى العالمي، بدت واضحة مقدرته غفر الله له على بناء جسور ثقة ومودات مع المراكز العالمية المتقدمة، شرقاً وغرباً، ما عزز من مكانة الكويت على الخريطة العالمية، وعضد من مجالات التعاون مع بقية دول العالم.

كرس الأمير نواف وقتاً وجهداً ومالاً للقضية الفلسطينية، مؤكداً أنها قضية العالم العربي الأولى قولاً وفعلاً، فانتصر للفلسطينيين، ودعمهم طوال الوقت من خلال المشروعات الخيرية والإنسانية، سواء جرى ذلك في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية المحتلة، أو القدس الشريف.

من أنفع وأرفع الصفات التي توافرت في الشيخ نواف الراحل والذي ترك في نفوس الكويتيين ألماً، أنه عرف بكونه السياسي المحنك، القادر على العمل في هدوء بعيد عن الأضواء، والساعي للتوفيق بين المختلفين، لا التفريق بين المجتمعين، وقد كان ديدنه التفكير بعزم والعمل بحزم، ولم يكن لينفك قبل أن يحقق لأهل الكويت مرادهم، ويضمن لهم مزيد من التقدم والازدهار عبر دروب الحياة.

هل يتوجب على أهل هذا البلد العربي الشقيق، الكويت، أن يحزنوا بالفعل لرحيل رجل مثّل طويلاً صمام أمان لبلدهم وللإقليم المشتعل؟

بحكم المشاعر والأحاسيس البشرية، قد يكون هذا أمراً طبيعياً، غير أن أفضل وفاء لذكرى الراحل الكبير، هو السير على درب وطنيته ونموذجه القيادي بالمودات وليس باللوائح والقوانين الجافة، رغم أهميتها.

أمام الكويت اليوم تحديات جسام، ونظن أنه يتوجب على شعبها العمل بجد لتبقى لؤلؤة الخليج، ومنارة للتقدم والرقي، وللمساحات المدنية والليبرالية من غير أن ينتقص هذا من عروبتها وإرثها الحضاري والإنساني.

من يصنع التاريخ الرجال أم الأحداث؟

الجواب محسوم منذ عقود وربما قرون طوال، إنهم الرجال المتميزون، هم من يكتبون سطور التاريخ، قد كان الشيخ نواف واحداً منهم، رحمه الله، وجعل مثواه الجنة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيخ نواف رحيل عروبي أصيل الشيخ نواف رحيل عروبي أصيل



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 21:43 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

"الإعلاميين" تنعى الاذاعية فوزية المولد

GMT 10:28 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"بي إم دبليو" تطلق سيارات جديدة في روسيا

GMT 11:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مهاجمان من الدوري الإسباني على رادار "برشلونة"

GMT 22:00 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

لعبة Clash Royale تحقق أرباح 2 مليار دولار

GMT 01:52 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

جولف GTI خارقة تحمل محركين وقود بقوة 1600 حصان

GMT 04:26 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

الإمارات والصين.. شراكة استراتيجية

GMT 00:02 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دبي تطلق أضخم مشروع لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة

GMT 09:08 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

التجارب الحياتية تصقل الإنسان وتجعله أقوى نفسيًا

GMT 23:40 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

إطلالة مميزة بالجدائل الملونة لمظهر متجدد دائمًا

GMT 07:34 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تختنق بالضباب الدخاني ومواطنوها يهربون إلى الخارج

GMT 22:24 2013 الخميس ,07 آذار/ مارس

الاسم: خليل الزبن

GMT 04:06 2020 الأحد ,23 شباط / فبراير

اتيكيت مقابله العريس للمرة الأولى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab