لبنان و«حزب الله» وحافة الهاوية
المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية حماس تتهم الإحتلال الإسرائيلي بقتل ثلاثة أسرى وتطالب بتحرك دولي عاجل لكشف مصير المختفين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات داخل السجون إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70ألفاً و125 شهيداً أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 رئيس الاتحاد الكويتي للإنتاج الفني يُعلن أن صحة حياة الفهد غير مستقرة إسرائيل تقتل مئات التماسيح في مزرعة بالأغوار خشية استخدامها في هجوم تخريبي وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد مقتل ياسر أبو شباب في رفح السلطات اليونانية تعلن حالة تأهب قصوى مع منخفض بايرون وتسع مناطق بما فيها أثينا تتابع الوضع ضربة إسرائيلية بطائرة مسيرة واشتباكات واسعة في ريف دمشق تتسبب في قتلى وجرحى وتصعيد ميداني
أخر الأخبار

لبنان و«حزب الله» وحافة الهاوية

لبنان و«حزب الله» وحافة الهاوية

 السعودية اليوم -

لبنان و«حزب الله» وحافة الهاوية

هدى الحسيني
بقلم : هدى الحسيني

في الجنوب اللبناني، وفي عمق الأماكن التي خبرت عقوداً من المواجهات، ينهمك «حزب الله» في عملية إعادة بناء دقيقة تشبه جراحة معقّدة تُجرى بصمت، وتؤجل نتائجها إلى حين. فبعد الحرب التي امتدت منذ عام 2023، وتزامنت مع صراع غزة، وجد الحزب نفسه أمام خسائر غير مسبوقة: قياداته العسكرية تلقت ضربات مؤلمة، ترسانته تعرّضت للتآكل، ومنشآته قُصفت، حتى وصل الأمر إلى اغتيال أمينه العام، وتفكيك جزء واسع من بنيته القيادية. ورغم هذا المشهد الذي بدا كأنه يُنهي مرحلة كاملة من تاريخه المسلّح، بدأ الحزب ينهض تدريجياً نحو نقطة جديدة من توازن القوة، مستفيداً من خبرته الطويلة في العمل تحت الضغط، ومن الدعم الإيراني الذي لم يتوقف رغم انهيار الأوضاع الاقتصادية في طهران نفسها.

المدخل الأول لإعادة البناء كان المال، فهو العمود الفقري لكل هيكل عسكري معقّد. خلال الأشهر الأخيرة، أصدرت واشنطن سلسلة عقوبات على شبكات مالية متخصصة في تحويل الأموال الإيرانية إلى خزائن الحزب عبر النظام النقدي اللبناني المترهل، حيث تُستخدم شركات صرافة، ومكاتب تحويل، ومراكز تجارية واجهة لتمرير ملايين الدولارات. هذه الأموال تُستخدم في دفع رواتب المقاتلين، وإعادة بناء المنشآت، وتمويل مصانع صغيرة للذخائر، والطائرات المسيّرة. ورغم تشديد الضغوط، فإن الحزب يعتمد على شبكة واسعة من داعمين، ومهربين، وتجار في أفريقيا، وأميركا الجنوبية يرفدونه بعملات صعبة، ما يسمح له بإعادة تشغيل ما انقطع من خطوط الإمداد.

أما المسار العسكري، فهو الجبهة الأكثر خطورة. فالحزب الذي خسر آلاف المقاتلين، خصوصاً من وحداته المتقدمة، يعمل اليوم على إعادة هيكلة قواته بما يضمن استمرار قدرته على تشكيل تهديد منخفض الوتيرة، من دون الانجرار إلى حرب كبرى. وقد بات واضحاً أن التركيز الأمني والعسكري يذهب باتجاه «وحدة بدر»، المتمركزة شمال نهر الليطاني، والتي جرى تعزيزها بعناصر من القوات النخبوية التي كانت مكلفة بعمليات اختراق الحدود. هذه الوحدة، بإعادة تدريبها، وتجهيزها، تحولت إلى حجر الأساس في استراتيجية «التهديد الدائم»، حيث يمكن للحزب أن يُبقي إسرائيل في حالة توتر من دون أن يطلق شرارة لمواجهة شاملة.

وإلى جانب إعادة التموضع، توسّع الحزب في إنشاء ورش تصنيع سرّية داخل الضاحية الجنوبية، والبقاع. هذه الورش تُعيد تجميع المسيّرات الإيرانية، وتطوّر صواريخ قصيرة المدى، وتعدّل ذخائر قديمة لتصبح أكثر دقة، مستخدمةً شرائح إلكترونية مهربة، ومكوّنات تصل عبر طرق لا تخضع للرقابة المباشرة. وتشير التقديرات إلى وجود عشرات الورش التي تعمل بأسلوب متفرق صعب الاستهداف. ورغم أن الحزب لم يستعد سوى جزء يسير من ترسانته السابقة، فإن طبيعة السلاح الجديد أكثر ملاءمة لمفهوم «المشاغلة الذكية»: مسيّرات خفيفة يمكنها الاستطلاع، والتحليق لساعات، وصواريخ مخبّأة بين الحقول، أو الأبنية المدنية، ما يجعل اكتشافها وترصدها تحدياً كبيراً لأي خطة عسكرية مضادة.

ويمتد شريان الدعم الإيراني على خطٍّ مترامي الأطراف، يبدأ من طهران، وينتهي في القرى الجنوبية اللبنانية، مروراً بالعراق، وسوريا. ورغم الضربات الإسرائيلية التي استهدفت القوافل، ومستودعات التخزين، والخطوط البرية، لا تزال طهران قادرة على نقل المواد الحساسة عبر البحر. تتخذ السفن الإيرانية مظهر الشحن المدني، بينما تخفي حمولات تتضمن محركات مسيّرات، ومواد متفجرة، وأنظمة توجيه. وفي مرافئ سوريا، تُفرغ البضائع، ثم تُنقل بواسطة شاحنات صغيرة عبر طرق جبلية تصعب مراقبتها. هذا المسار، وإن تعرّض لضربات، إلا أنه لم يُقطع، بل أُعيد تشكيله بذكاء ليتجنب الضربات الجوية، ويستفيد من ضعف رقابة الدولتين اللبنانية والسورية على حد سواء.

ومن زاوية الاستراتيجية الداخلية، لا يزال الحزب يعتمد على قاعدته الاجتماعية التي تُشكّل ركيزة قدرته على الاستمرار. فمع تفاقم الانهيار الاقتصادي، يجد جزء واسع من المجتمع الشيعي في الخدمات التي يقدمها الحزب متنفساً من عجز الدولة: عيادات مجانية، وشبكات تعليم، ومساعدات غذائية، وحتى طرقات تُشقّ بتمويل خارجي لتسهيل الحركة نحو مواقع عسكرية. هذه البنية الاجتماعية تضمن بقاء البيئة الحاضنة متماسكة، وتُعيد إنتاج الولاء الذي يحتاجه الحزب، خصوصاً في مرحلة إعادة بناء قدراته بعد الخسائر الثقيلة.

على المستوى السياسي، تبدو الحكومة اللبنانية التي تشكلت بقيادة جديدة عاجزة عن فرض أي تغيير فعلي. فالحزب لا يزال اللاعب الأقوى، والقادر على تعطيل التعيينات، أو إحداث فراغ متعمد إذا شعر بأن موقعه مهدد. والجيش اللبناني، رغم الدعم الدولي المتزايد، لا يمتلك القدرة العملية على الوصول إلى مخازن السلاح الموجودة داخل ممتلكات خاصة، أو بين المنازل. وهذا يعني أن أي مشروع لنزع السلاح أو ضبطه يظل نظرياً، بينما الواقع يذهب نحو استمرار ازدواجية السلاح، والدولة.

وتراقب إسرائيل هذا المشهد بحساسية شديدة، إذ ترى في إعادة بناء «حزب الله» تهديداً استراتيجياً طويل الأمد. لذلك صعّدت من عملياتها الجوية، مستهدفة شحنات السلاح، ومراكز التطوير، والورش التي تُعيد تأهيل المسيّرات. لكنّ نتائج هذا الضغط ليست حاسمة، لأن الحزب بات يتقن قواعد التخفي، ويعمل عبر وحدات صغيرة موزعة جغرافياً، ما يصعّب على إسرائيل توجيه ضربة تُطيح بقدرته على المدى الطويل.

وتكمن خطورة هذه المرحلة في أن المنطقة تقف على عتبة «اشتباك متدرج»، لا هو حرب، ولا هو سلام. ضربات محدودة، وطائرات مسيّرة تجسسية، وإصابات موضعية، وردود مدروسة. هذا النمط يتيح للحزب اختبار قدرات إسرائيل، ويسمح لإيران بإرسال إشارات قوة من دون دفع ثمن مواجهة شاملة. وفي المقابل، تدرك إسرائيل أن تجاهل هذا التراكم قد يؤدي لاحقاً إلى مفاجآت غير محسوبة.

خلاصة المشهد أن «حزب الله»، رغم الضربات التي أصابته، يمارس عملية إعادة بناء منظمة تقوم على ثلاث ركائز: التمويل السري، والتصنيع المحلي، وإعادة تشكيل بناه العسكرية. وبينما تعيش الدولة اللبنانية في فراغ مزمن، يستعيد الحزب تدريجياً جزءاً من قوته، مستفيداً من هشاشة الداخل، ومن الدعم الإيراني المستمر. وهكذا، يتشكل واقع جديد يتعايش فيه الضعف السياسي مع القوة العسكرية، وتستمر معه المنطقة في حلقة توتر مفتوحة، قابلة للاشتعال في أي لحظة، وقابلة في الوقت ذاته لأن تبقى معلّقة على حافة الهاوية لسنوات إضافية.

arabstoday

GMT 14:39 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 14:35 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 14:33 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 14:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 14:28 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 14:26 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

GMT 14:23 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 14:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان و«حزب الله» وحافة الهاوية لبنان و«حزب الله» وحافة الهاوية



أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ السعودية اليوم

GMT 16:53 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
 السعودية اليوم - تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 11:41 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 21:54 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

انقطاع الهاتف والإنترنت في كوبا لمدة 90 دقيقة

GMT 21:55 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

مجموعة من آخر صيحات الموضة في دهانات الشقق

GMT 08:30 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة لعام 2024

GMT 12:10 2023 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار للطاولات الجانبية التابعة للأسرة في غرف النوم

GMT 12:04 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

قمة G7 ستعقد في إنجلترا خلال 11 - 13 يونيو

GMT 05:22 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

متابعة خسوف شبه ظل القمر افتراضيًا في مصر

GMT 04:53 2020 الأربعاء ,29 إبريل / نيسان

وزير الأوقاف المصري يكشف عن حقيقة فتح المساجد

GMT 07:26 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

تتقدم بخطى ثابتة

GMT 12:25 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تحتل موقع مناسب خلال هذا الشهر

GMT 13:50 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

محمد عبد الشافي يغيب عن الأهلي في مباراة الفتح

GMT 09:26 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

الاقتصاد التركي يختتم 2018 بتراجع كبير لأهم محركاته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon