«عاصفة الحزم» شلت الطموحات الإيرانية في اليمن

«عاصفة الحزم» شلت الطموحات الإيرانية في اليمن

«عاصفة الحزم» شلت الطموحات الإيرانية في اليمن

 السعودية اليوم -

«عاصفة الحزم» شلت الطموحات الإيرانية في اليمن

هدى الحسيني

مفاجأة قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ببراعة. لم يكن أحد يعتقد أن المملكة العربية السعودية «الصبورة» ستتحرك، خصوصا أن تاريخ قرارات الجامعة العربية غير مقنع، لكنّ تحالفا من 10 دول تشكل في أسبوعين، تعاونت وتتشارك في القتال، يحكي عن شرق أوسط جديد.

قبل هذه المفاجأة، كان الشرق الأوسط يتفكك وينهار وكأن الكل في حالة استسلام، ليتبين فجأة أن العالم العربي - السنّي مثل حاملة طائرات، يدور ببطء ثم يتحرك.

الآن هناك شرق أوسط جديد يعمل معا وقادر على القتال والمواجهة معا. يساعده رأي عام عربي أقلقته جدا الطموحات الإيرانية المتمادية بالغطرسة، واستعداد الولايات المتحدة للانسحاب من المنطقة، لذلك يمكن القول إن العاهل السعودي نجح في جمع كل الأطراف، وإجبار أميركا على الوقوف مع توجهه، فهو نجح حتى في سحب دول كانت، كما يقال، في الجيب الأميركي وضمها إلى تحالفه، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير.

أيضا، يمكن القول إن هذا التحالف هو بداية نهاية نفوذ الرئيس باراك أوباما السياسي في العالم، إذ صار هناك من يقف في وجه تلك السياسة، وكانت جرت محادثة هاتفية لمدة ساعة بين أوباما والرئيس التركي رجب طيب إردوغان خرج بعدها الأخير ليتهم إيران بمحاولة الهيمنة على الشرق الأوسط.

منذ «انغماسه» في الرغبة في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، تصرف الرئيس الأميركي وكأنه على استعداد لأن يمنحها الشرق الأوسط كله مقابل توقيعها، لذلك بدت الغارات الجوية على الحوثيين في اليمن، حلفاء إيران، والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكأنها غارات على سياسة أوباما و«كرمه» في تقديم الشرق الأوسط، ومع هذا، وهنا الفارق الكبير في الرؤية، قررت 3 ميليشيات شيعية في العراق مدعومة من إيران الانسحاب من القتال لاستعادة «تكريت» كي لا تكون جنبا إلى جنب مع الأميركيين.

البعض وصف أحداث اليمن بأنها معركة بين السنّة والشيعة تخوضها السعودية وإيران، وهذا غير صحيح، لأن العالم السنّي كان يتفرج - وقد وصفه أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي بـ«التنابل» - في حين كانت إيران تشن الهجوم تلو الهجوم.

ولأن الاستفزاز جاء من إيران، فإن اللوم بالتالي ليس متساويا كما يدّعي البعض. اندفعت إيران في سوريا والعراق واليمن ولم تكتفِ بشماله، رفضت جماعاتها مبدأ الحوار وأصرّ الحوثيون على الوصول إلى عدن. بعد القصف انطلقت أصوات تطالب بـ«ذلك» الحوار، وقال محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني إن إيران مستعدة لتقديم كل التسهيلات لحوار سياسي في اليمن. وقال لي معلق سياسي سعودي: «مشكورة إيران على اقتراحها، خصوصا عندما تدخل علينا غدا».

الآن والغارات قد بدأت يجب أن تستمر لإتعاب إيران بمعركة مفتوحة، وبالتالي إدخالها في حرب استنزاف طويلة الأمد، وهي تجري الآن في اليمن والعراق وسوريا؛ ذلك أن إيران أضعف مما تظهر، وتفضل دائما المواجهة بميليشيات «غذتها» لزمن الحاجة.

لم يصرح أحد من المسؤولين الإيرانيين بأي شيء له معنى، حتى جماعات إيران أطلقت تهديدات وانفعالات، لكن الأيادي ظلت مربوطة. إيران الآن في موقف لا تحسد عليه، فإذا تراجعت تتعرض لهزيمة كبرى، لأنه بعد اليمن قد يكون العراق هو التالي، ومن ثم سوريا.

في الشرق الأوسط عندما يبدأ الانحدار فلا قعر له. من ناحية أخرى لا تستطيع إيران الاستمرار هكذا لأنها ستُستنزف وهذا ما لا تريده، ثم إن السعودية والدول المتحالفة معها أقوى في عدة أصعدة: ماليا وجوّيا وأسلحة وعتادا.

في إحدى خطبه قال السيد نصر الله ذات مرة: «إن معسكر المقاومة واحد». في المقابل يبرز الآن معسكر آخر هو المعسكر العربي - السنّي والمطلوب أن يبقى واحدا، ليس فقط في مواجهة إيران، بل أيضا في مواجهة سياسة الإدارة الأميركية، ومواجهة روسيا والصين، عندما تكون هذه المجموعة موحدة تبرز قوتها. أيضا، كما أقدم الطرف العربي على مفاجأة فعليه أن ينتظر مفاجأة. يجب عدم الاستهانة بالعدو. صحيح أن المفاجأة أربكت إيران، إنما يجب التفكير بأن هناك لقاءات تعقد واتصالات تجري تحضيرا لمفاجأة، ليس مهمّا أن الوضع كما يبدو يسير كما هو مخطط له، إنما يجب أيضا التحسب من المفاجآت.

في اليوم التالي لعملية «عاصفة الحزم» سربت إيران خبرا مفاده أن قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» توجه إلى صنعاء (عادت ونفته بعد يومين). هي تعرف أن في الشرق الأوسط لا أسرى يؤخذون. فإذا وقع طرف كثرت السكاكين. أرادات تحفيز الهمم. تعرف كيف يتغير توجه السكاكين، يوما معك ويوما عليك. من هنا أهمية استنزاف إيران لكن بالاكتفاء بالغارات الجوية، وليس بإرسال قوات برية. ثم إن إدخال قوات برية يعني التورط في مستنقع، فهل هذه القوات جاهزة؟ وهل هي قادرة على إتمام العملية؟
الغارات الجوية تتعب وتستنزف الطرف الآخر، ثم إن العالم أيّد الغارات الجوية. فها هي الولايات المتحدة تعتمد على سلاح الجو في حربها ضد «داعش»، وأيضا قاتلت تنظيم «القاعدة» بالطائرات من دون طيار.

أرادت إيران من اليمن التحكم بباب المندب («صرنا سلاطين الخليج»، قال محمد صادق الحسيني) بعدما قالت طهران إنها صارت تتحكم بأربع عواصم عربية: بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء.

التحكم بباب المندب يضع السعودية ومصر والسودان في خطر استراتيجي كبير، كما أرادت التحكم بالنفط والتجارة المتجهة إلى أوروبا. اللافت أن أوباما لم يعترض على الدور الإيراني في اليمن، فهو قال مرة: «يمكن لإيران أن تكون قوة إقليمية ناجحة جدا».

سياسة أوباما أساءت لعلاقات أميركا مع حلفائها في المنطقة إلى درجة بدأت الدول العربية تتخوف من أن تسرب إدارة أوباما معلومات أمنية إلى إيران كجزء من جهودها للتقارب مع النظام، لهذا صدمت الإدارة من عملية التحالف التي تقودها السعودية في اليمن، إذ تم إعلامها لحظة بدء العملية فقط. ثم هناك شكوك لدى هذه الدول بأن إدارة أوباما وعن قصد تخلت عنها مقابل حصولها على اتفاق مع إيران من شأنه أن يطلق العنان للطموحات الإيرانية من أجل السيطرة على المنطقة، وكانت الإدارة تعتقد حتى اللحظة الأخيرة أن اللغة الخطابية المتطرفة هدفها الاستهلاك المحلي.

اليمن مشكلة أميركية أيضا، فالبواخر الأميركية يجب أن تعبر باب المندب، وتكفي تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز. المؤسسة العسكرية الأميركية لا تقبل بالوجود الإيراني في باب المندب، وعبرت عن رفضها لذلك، بل ساهمت في توفير كل المعلومات الاستخباراتية عن قدرات وتجهيزات الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح، كما أنها تشارك في الدفاع عن خليج عدن ومضيق باب المندب كما قال الجنرال لويد أوستن قائد القيادة الأميركية المركزية.

في كلمته في الثامن من الشهر الماضي، قال علي يونسي مستشار الرئيس المعتدل حسن روحاني: «يجب على السعودية ألا تتخوف من تحركات إيران، لأن السعوديين عاجزون عن الدفاع عن شعوب المنطقة».

من هنا، كانت المفاجأة على إيران صاعقة، حتى المرشد الأعلى علي خامنئي لم يتكلم، واكتفى قادة الحرس الثوري بتصريحات مؤيديهم.

«الحاملة» العربية بطيئة لكنها تحركت، وسيكتشف العرب أن الأميركيين مع القوي، لذلك عليهم استثمار هذه البداية. أظهرت إيران قوة ومثابرة فسارت معها واشنطن، كانت تريد إعطاءها دور شرطي المنطقة بعدما رأت التفكك العربي. الآن تغير الواقع السياسي، وعلى القوة العربية إثبات وجودها. حل مشكلة سوريا بيدها، وحل مشكلة العراق أيضا، إلى درجة يجب أن يقرر العراقيون مع من يقفون، مع العرب أم مع إيران، وهكذا لا يبقى استنزاف إيران في اليمن. إن عدم التورط بقوات برية ضروري، القصف من البحر والجو يكفي، إضافة إلى الحصار على اليمن، ثم إن لدى السعودية القوة كي تستمر. في القمة العربية قال الملك سلمان: «عاصفة الحزم مستمرة». وفي القمة العربية قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: «تحيا الأمة العربية».
كم من الزمن مضى ولم نسمع هذه العبارة!

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عاصفة الحزم» شلت الطموحات الإيرانية في اليمن «عاصفة الحزم» شلت الطموحات الإيرانية في اليمن



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 05:53 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

احتجاج في نيويورك ضد فرقة أوركسترا إسرائيل

GMT 22:41 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

7 معلومات يجب معرفتها عن تحديث أيفون المقبل

GMT 02:04 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح كبير للسباق التأهيلي الدولي لمسافة 120 كم في سيح السلم

GMT 12:39 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

إعدام 7 أشخاص في الكويت بينهم فرد من الأسرة الحاكمة و3 نساء

GMT 18:06 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

الأخطاء الـ 5 الأكثر شيوعًا بين متعلمي اللغات

GMT 02:50 2017 الأربعاء ,29 آذار/ مارس

محمد بدار يوضح أهمية علم النفس الإيجابي

GMT 11:13 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab