التقارب السعودي ـ الروسي يضع حدًا للتمدد الإيراني

التقارب السعودي ـ الروسي يضع حدًا للتمدد الإيراني!

التقارب السعودي ـ الروسي يضع حدًا للتمدد الإيراني!

 السعودية اليوم -

التقارب السعودي ـ الروسي يضع حدًا للتمدد الإيراني

هدى الحسيني

الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، ولقاؤه الرئيس فلاديمير بوتين في مدينة سانت بطرسبرغ، دليل على توجيه السياسة الخارجية والأمنية السعودية في مسار جديد تماما عما كانت عليه في العقود السبعة الماضية من تحالف خالص مع الولايات المتحدة.
لا تسأل أحدا في الشرق أو الغرب إلا ويقول لك إن همّ الرئيس الأميركي باراك أوباما هو تحقيق اتفاق مع إيران حتى لو اقتضى ذلك التدخل من قبل الخارجية الأميركية لإيقاف الدعم الطفيف الذي كانت تقدمه إلى منظمات خيرية كما فعلت مع منظمة «هيّا بنا» التي كانت تعمل مع الشيعة في لبنان، على خط لا يلتقي مع توجهات حزب الله، الإيراني الولاء، في الشؤون الصحية والبيئية والثقافية.
وإذا كانت الإدارة الأميركية مستعدة أن تخنق منظمات إنسانية من أجل إرضاء النظام الإيراني، فحري إذن بالدول الأخرى أن تفكر بأن مصالحها لم تعد تلتقي مع مصالح الولايات المتحدة، في وقت تتعمق الأزمات في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تنجز الاتفاق مع إيران وتتجه نحو محور أكثر جاذبية هو آسيا.
رأت المملكة السعودية أن الاتفاق النووي «الموعود» بين واشنطن وطهران، مقدمة لبدء حقبة جديدة في الشرق الأوسط، تتميز بوفاق أعمق بين العاصمتين حول السياسات الإقليمية، لهذا ارتأت السعودية أن تتمدد هي الأخرى، اقتصادا واستثمارا وتعاونا.
لا يمكن أن تكون سوريا بعيدة عن المواضيع التي جرى بحثها. وكان بوتين في مؤتمر سانت بيترسبرغ أجاب بوضوح عن موقفه من سوريا حيث قال: «إذا انهار النظام السوري، ستصبح سوريا مثل ليبيا. ووجه حديثه إلى الأميركيين بقوله: انظروا ما تفعلونه أنتم في العراق، تساعدون القوات العراقية التي دحرها تنظيم داعش ثلاث مرات، وصار يمتلك أسلحة تفوق ما عند الجيش العراقي.
بالطبع جاء بحجج، وهذه تتم معالجتها، إذ لا يمكن أن يقول إنه قرر التخلي عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد. يريد معالجة الأمور، طرح كل المشكلات وكأنه يقول: «الغوا أسباب تلك المشكلات، كي نتخلى عن الأسد، وهذه هي الشروط التي معها نتخذ هذا القرار».
من المؤكد أن السعودية لا تريد أن تصبح سوريا مثل ليبيا، هي وروسيا تريدان بروز قوة جديدة بمقدورها أن توفر لاحقا الاستقرار في سوريا.
اتخذت السعودية فرصة الانفتاح على روسيا، لأن الدعم الذي تقدمه روسيا للأسد، يمنع أي تقدم في إيجاد حل، بل على العكس، فإن مياه المستنقع السوري تزداد سمومها.
روسيا وقفت أيضا إلى جانب السعودية في اليمن، فاليمن لا تهم موسكو إنما ما يهمها هو الأسد. وكأن السعوديين شعروا بأن الأميركيين لا يريدونهم تحقيق انتصار فعلي في اليمن عندما اقترحوا جنيف بدل الرياض لعقد مؤتمر يمني. طهران رفضت عقده في الرياض، وعندما يقترح بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة شيئا، فهذا يعني أن أميركا وراء الاقتراح. ثم إن الأميركيين منعوا سفينة إيرانية من الاقتراب من ميناء الحديدة، حتى لا يتم إغراقها، ويستمرون دائما في الحديث عن سياسة تشمل كل الأطراف، حتى الذين تسببوا في المشكلات، كما حدث في مصر (الإخوان المسلمون) وفي اليمن (الحوثيون).
فيما خَص روسيا رأت السعودية أنها تقف مع حلفائها في السراء والضراء، وبالتالي يمكن أن توفر للمملكة كل ما يمكن أن توفره لها الولايات المتحدة، إنما من دون المشكلات التي تواكب الشروط الأميركية، والأهم أن الروس هم اللاعبون الأساسيون في سوريا، ويريد السعوديون تحويل هذا اللاعب إلى مصلحتهم. إنها بداية صداقة كبيرة، طبعا لن يتحقق كل شيء بسرعة، هذه علاقة بين دول، من هنا كان قول بوتين، بعد يوم من انتهاء زيارة الأمير السعودي، إن روسيا لا تريد أن تتحول سوريا إلى ليبيا، دعا بوتين المملكة، بطريقة غير مباشرة، إلى العمل معا لإيجاد حل مستقر، وكانت روسيا قالت أخيرًا: «لنتفق على علوي آخر»، وهذا يعني أنها غير متمسكة بالأسد، وإنما تريد أيضا حماية الأقليات.
أنتج هذا اللقاء اتفاق تعاون على تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. وذكرت شركة «روساتوم» أن الاتفاق - الأول في تاريخ العلاقات بين روسيا والسعودية - يشمل بناء وتشغيل الطاقة النووية.
ويُذكر أن السعودية قامت في شهر مارس (آذار) الماضي مع الأرجنتين بإنشاء شركة مشتركة تحت اسم «انفانيا» لتطوير التكنولوجيا النووية في السعودية، وكانت وقعت أيضا في ذلك الشهر، مذكرة تفاهم مع كوريا الجنوبية تسمح ببناء مفاعلات ذكية في المملكة، وقد بدأ المهندسون الكوريون في الوصول إلى المملكة، كما أن شركة «أرامكو» تقوم بتنفيذ مشاريع مشتركة مع كوريا الجنوبية. وعلى الرغم من أن البرنامج النووي السعودي لم يبدأ بعد، فإن المملكة تخطط من الآن لبناء 16 مفاعلا على مدى السنوات العشرين المقبلة.
من جهتها، تريد روسيا بحث أسعار النفط، وبدورها تحتاج السعودية أن تنسق مع أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة، خصوصا أنها مع أميركا لا يمكن أن تنسق بثقة، إنما مع روسيا فالتنسيق ممكن، ولأن السعودية تريد تنظيم الأسعار لأنها تدرك أن روسيا تستطيع أن تساعد في مجالات النفط والغاز في إيران التي أسرعت يوم الاثنين الماضي في الإعلان عن أنها وقعت على صفقة ضخمة من النفط والغاز مع روسيا.
ثم إن روسيا تنظر بريبة إلى تحسن العلاقات الأميركية - الإيرانية، ولا تستبعد أن تسعى إيران إلى تكامل وثيق مع الغرب نظرا إلى احتياجاتها الضرورية للتكنولوجيا ولتدعيم اقتصادها. ولا يتردد الفريق الموالي للغرب في إيران، من الكشف علنا عن ذلك، كما جاء في مقال يوم الخميس الماضي في صحيفة «طهران تايمز» التي تعكس تفكير مقرري السياسة الخارجية؛ حيث جاء: «إن المفاوضات حول البرنامج النووي أدت إلى قيام خط اتصال مباشر ما بين طهران وواشنطن، وهذا قد يؤدي إلى إمكانية مفاوضات مباشرة بين العاصمتين حول قضايا كثيرة أخرى، منها الصراع المحتدم في أفغانستان، واليمن، وسوريا، والعراق، مع جهود مشتركة لمكافحة التطرّف والإرهاب. كما أن روسيا لا ترغب في أن ترى إيران تنافسها في أسواق الطاقة في أوروبا، وهذا ما تروج له أوروبا وأميركا».
الوضع كله قائم على أمر محدد وهو أن إيران تعرف أن روسيا تقف إلى جانبها، بينما السعودية لا تثق بأن الولايات المتحدة على الحال ذاته. وطالما أن السعودية لا تثق بحليفها الذي هو بدوره الآن إلى جانب إيران، فإن عليها أن تجد طريقا لها في هذا الوضع المتفجر. الحل مع روسيا هو استثمار ما يمكن أن يخدم به البلدان بعضهما البعض، وتقارب العلاقات الروسية - السعودية يساعد موسكو على التحكم أكثر في علاقتها مع إيران، التي لم تكن تلك الجارة السهلة.
في الوقت ذاته تحتاج روسيا إلى السعودية اقتصاديا في هذا الظرف المحرج (وقّعت الدولتان اتفاقا لاستثمارات مشتركة بقيمة 10 مليارات دولار)، ثم إن السعودية قوة أساسية وفاعلة في تحجيم التطرّف لدى الطرف السُّني، وهي حليفة ضرورية لمحاربة هذه الظاهرة، كما أن روسيا في حاجة ماسة إلى حليف سني قوي مثل السعودية نظرا لسكانها من المسلمين.
هذا التطور في السياسة الخارجية السعودية لا ينطلق من مصالح آنية أو محدودة. المنطقة كما هو واضح مقبلة على تغيير كبير. وفيما تكرر الولايات المتحدة أن الحرب ضد «داعش» ستكون طويلة ومعقدة، نرى أن الأكراد يلحقون الهزائم بـ«داعش» بمساعدة إقليمية وأميركية. التحالفات سوف تتغير جذريا، وهي ستساعد في قيام «كردستان الكبرى» التي سوف تتشكل من ثلث العراق وأجزاء من سوريا وتركيا وإيران.. إن الحديث عن إعادة النظر في رسم حدود سايكس - بيكو بدأ يتحقق، وسيكون أول أهدافه وقف التمدد الإيراني في المنطقة.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقارب السعودي ـ الروسي يضع حدًا للتمدد الإيراني التقارب السعودي ـ الروسي يضع حدًا للتمدد الإيراني



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 21:03 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

عرض فيلم الرعب "الحفرة" للمرة الأولى على الفضائيات

GMT 15:02 2012 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"ويسترن ديجيتال" تطلق قرصًا صلبًا بسعة 4 تيرابايت في الإمارات

GMT 00:56 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

تحذير من شرب الشاي مباشرة بعد صب الماء المغلي عليه

GMT 19:07 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق "ليلة مقتل الحاوي" في مركز الهالة الثقافي

GMT 16:32 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حارس مرمى نادى الزمالك محمود جنش يحتفل بالهالوين

GMT 14:20 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

قصي الفوز يستقيل من رئاسة الاتحاد السعودي

GMT 01:00 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

مذيع تركي بارز يُعلن استقالته بعد تهديد من أردوغان

GMT 01:50 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الروسي بوتين يحوّل حلم فتاة كفيفة إلى واقع

GMT 07:52 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

فان ديك يؤكّد أن أندية أوروبا تخشى الصدام مع "ليفربول"

GMT 02:19 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

تطوير "شبكية عين" من خلايا جذعية داخل المختبر

GMT 14:20 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

آل الشيخ يُعلن تولي سامي الجابر 3 مناصب كبرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab