اختطاف جنود أم دولة مخطوفة

اختطاف جنود أم دولة مخطوفة؟

اختطاف جنود أم دولة مخطوفة؟

 السعودية اليوم -

اختطاف جنود أم دولة مخطوفة

مأمون فندي

عندما اختطف حزب الله جنديين إسرائيليين عام 2006 شنت إسرائيل حربا على لبنان استمرت ثلاثة وثلاثين يوما تكلفت المليارات من الدولارات وخلفت الكثير من الدمار والقتل. الشيء نفسه قامت به إسرائيل تجاه حركة حماس في غزة بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اهتمت كل صحف العالم ومحطاته بعملية اختطافه وتدخلت دول وأجهزة مخابرات لفك أسره بما في ذلك الدولة المصرية. وفي يوم الأربعاء الماضي تم اختطاف سبعة جنود مصريين جنوب العريش من قبل جماعات جهادية متمركزة في سيناء حسب التقارير الأولية. أمران مهمان هنا: الأول هو المقارنة بين تصرف جيش مجاور ومنافس في إنقاذ أبنائه مقابل التصرف المصري الذي شهدناه طوال عامين وأكثر. الأمر الثاني هو أن عمليات الاختطاف قد تؤدي إلى حروب كما رأينا في الحالتين الإسرائيليتين. فكيفية تصرف مصر وجيشها بعد هذا الحادث ستشكل منعطفا أساسيا في إعادة رسم ملامح الأمن في مصر وعلاقة الشعب بالجيش وبالدولة. صورة هذه العلاقة الآن لا شك مهزوزة ولا يمكن أن نغطي عين الشمس بغربال ونقول غير ذلك. في رمضان سيكون قد مر عام كامل على ذبح 11 جنديا مصريا بدم بارد في شهر رمضان الماضي. وها هو رمضان يقترب ولا يعرف المصريون من قتل هؤلاء الجنود ولماذا. التحقيقات مستمرة كما تقول أجهزة الدولة المصرية المختلفة والشكوك كثيرة من قبل المواطنين بأن هناك تواطؤا لإهالة التراب على هذه الجريمة. ترى هل لدى مصر ما بعد الثورة تصور للسيطرة على الإقليم المصري بما يؤمن حياة المدنيين والعسكريين أم أننا أمام حالة جديدة من الانزلاق نحو الفوضى التي يتم فيها اختطاف عناصر من الجيش الذي من المفروض أن أمن البلاد منوط به؟ حادث الاختطاف في العريش هو حدث كاشف ليس لاختطاف الجنود وإنما لاختطاف الدولة المصرية برمتها من قوى داخلية من ناحية وتعريض دولة في حالة نقاهة ثورية لأطماع خارجية من دول وحركات ما تحت الدولة وما فوق الدولة. من قبل خطف بعض المتطرفين دبابة مصرية وعبروا بها الحدود تجاه إسرائيل ودمر الجيش الإسرائيلي الدبابة وقتل الخاطفين. فهل ستحمي إسرائيل حدود مصر الشرقية في النهاية؟ وهل سيدفعها هذا إلى تغلغل في سيناء أو رسم شريط أمني داخل الأراضي المصرية لحماية حدودها حسب اتفاق عام 1979 المعروف بكامب ديفيد؟ من اختطف هؤلاء الجنود؟ وأين اختطفوا؟ من يريد أن يستردهم من من؟ وكيف؟ في الإجابة عن هذه الأسئلة تتضح حالة الانكشاف المصري بشقيه الأمني والسياسي واللوجستي مما يغري قوى إقليمية متربصة وحركات مارقة بالطمع ليس في اختطاف جنود أو قتلهم بل في اقتطاع أجزاء من وطن ترهلت فيه فكرة السيادة سواء من خلال معاهدات دولية مقيدة كمعاهدة كامب ديفيد وبروتوكولها العسكري، أو من خلال ترهل أمني جعل الحركات الجهادية تسيطر على جزء من سيناء، أو من خلال عرض إقليم كامل كمنطقة القناة للبيع لمن يدفع أكثر. اختطاف الجنود يكشف أولا طبيعة السيادة المصرية المنقوصة على سيناء، فبمجرد أن تقول إنه تم اختطاف جنود حول العريش لا تحتاج أن تعرف أكثر عن نوعية الجنود المختطفين، فأنت أمام خيارين فقط، إما أن المخطوفين جنود من الأمن المركزي الموجود في المنطقة «ج» الممتدة من العريش شمالا حتى شرم الشيخ جنوبا، فبنص البروتوكول العسكري لاتفاق كامب ديفيد لا يوجد قوات مقاتلة مصرية في المنطقة «ج»، فقط توجد قوات الشرطة المصرية ممثلة بالأمن المركزي المسلح تسليحا خفيفا، وإما من قوات حرس الحدود القابعة في المنطقة «ب» الممتدة من بير العبد شمالا إلى سانت كاترين جنوبا. ومن يستطيع اختطاف جندي مصري في هذه المنطقة يستطيع أيضا أن يختطف جنديا من القوات المتعددة الجنسيات الموجودة أيضا جنوب رفح في موقع الجورة. يمكن أن يختطف جندي فرنسي أو جندي من جزر فيجي أو كولومبي أو مراقب أميركي من فرق المراقبين الدوليين، وبهذا تدخل مصر في أزمة دولية.. فالقوات الدولية الموجودة في سيناء مسلحة وقادرة على الدفاع عن نفسها وعن مواقعها وإذا ما ردت هذه القوات فسندخل في حيص بيص. إذن الموضوع ليس حكاية اختطاف الجنود المصريين بقدر ما يتعلق بنقاط الضعف الخاصة بمدى استكمال السيادة المصرية على هذه المناطق في سيناء. بالطبع هناك قضايا جانبية تخص طريقة معاملة الجيش لأفراده وتعرضهم للخطر، وهذه مسألة لا يجب الخوض فيها، إلا أن الجزء البسيط منها هو أن أي جيش ينقل جنوده ويؤمنهم بطرق سرية وهناك خطط كاملة في هذا الشأن تسمى بـforce protection أو حماية القوات. ما حدث للجنود المصريين في سيناء هو جزء من مشكلة أكبر تخص خللا بالمنظومة الأمنية. قلق المصريين في السابق كان من زاوية اختلال الأمن الخاص بالحياة المدنية ومن قصور كانت تعاني منه وزارة الداخلية بعد الثورة، وكان المتوقع هو إصلاح هذا الخلل. أما أن تنتشر عدوى الخلل الأمني للقوة الوحيدة المكلفة بحماية البلاد وهي الجيش، فهذا مدعاة للقلق ليس للمصريين في الداخل فقط وإنما لكل من له مصلحة في استقرار مصر في الخارج. مشكلة منطقتنا بما فيها مصر هو القصور في فهم الأمن. يتصور البعض أن الأمن هو مجرد أفراد الجيش والشرطة بما لها من عدة وعتاد. الحقيقة غير ذلك تماما. الأمن هو في الأساس أمر سياسي عموده الفقري هو شرعية نظام الحكم وفكرة القبول بين الحاكم والمحكوم التي معها يكون الالتزام بالقانون أمرا طبيعيا. في هذا يكون دور قوات الأمن هو تنفيذ هذا القانون المقبول من الجميع. بكل أسف، مصر اليوم تعاني من أزمة شرعية، وأيا كانت قوة الجيش أو الشرطة فلن تستطيع تغطية هذا العجز في الشرعية. في العهد السابق اختطفت جماعة جمال مبارك الدولة وحامت بها كما طائرة في الجو حتى سقطت في 25 يناير (كانون الثاني). واليوم نحن لا نتحدث عن اختطاف جنود، بل نتحدث عن اختطاف دولة من جماعة أخرى. إن لم ترسو طائرة مصر على الأرض وتعمل حسب قواعد السلامة للطيران المدني، فنحن أمام مرحلة دقيقة وشديدة الخطورة، وعلى كل من له مصلحة في استقرار مصر أن يقدم نصيحة صادقة للخاطفين، فليس هكذا تدار الأوطان. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختطاف جنود أم دولة مخطوفة اختطاف جنود أم دولة مخطوفة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 07:46 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 06:47 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

النفوذ الإقليمي في سوريا والانكفاء العربي

GMT 15:02 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

هاتف Oppo A55 5G يصل ببطارية 5000 ميلي أمبير

GMT 20:41 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

غرامة مالية كبيرة على الهلال بسبب الجماهير

GMT 11:18 2019 الإثنين ,04 آذار/ مارس

الاتحاد بلا جمهور في مواجهة الريان القطري

GMT 19:10 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تجنبي هذه الأخطاء عند وضع المكياج على الهالات السوداء

GMT 21:27 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يعني حضور محمد بن سلمان قمة العشرين؟

GMT 12:27 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عبد العزيز الجبرين يشارك في التدريبات الجماعية للنصر

GMT 20:19 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

5 أطعمة غذائية لها تأثير وقائي ضد الأمراض

GMT 18:29 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

جامعة الملك عبدالعزيز تشارك في معرض جدة الدولي للكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab