إيران المتحاورون في مواجهة صناع قرار السياسة الخارجية

إيران: المتحاورون في مواجهة صناع قرار السياسة الخارجية

إيران: المتحاورون في مواجهة صناع قرار السياسة الخارجية

 السعودية اليوم -

إيران المتحاورون في مواجهة صناع قرار السياسة الخارجية

أمير طاهري

من المسؤول عن ملف السياسة الخارجية الإيرانية؟
طرح السؤال عبر السنين من قبل أطراف عديدة كان عليها التعامل مع الجمهورية الإسلامية، غير أنه لم يتوصل إلى اتفاق للآراء حول إجابة محددة وشافية.
كما ظل السؤال مطروحا باستمرار، وبكياسة، خلال ماراثون المحادثات الأخيرة والمطولة حول البرنامج النووي الإيراني، حيث كان لزاما على دول مجموعة «5+1» انتظار انسحاب نظيرهم من الجانب الإيراني من مختلف الجلسات لأجل تأدية الصلاة، كما يبدو، ولكنه في حقيقة الأمر كان يجري اتصالات هاتفية مع طهران طلبا للتعليمات.
كان من الواضح أنه يتحتم عليه، حتى في ما يتعلق بالمسائل البسيطة، أن يتلقى بشأنها تفويضا من السلطات مجهولة الهوية في إيران.
تحول الأمر برمته إلى حالة شديدة الغرابة حينما أصر الرئيس الإيراني حسن روحاني على وجود شقيقه فريدون وأن يبقى تحت تصرفه، وربما لأن وزير الخارجية ذاته يرجع إلى شخصية أخرى في قراراته.
كان أحد الأعضاء الآخرين من الفريق الإيراني، الذي كان يهاتف طهران بشكل مستقل، هو نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي يحتل مركز الضمير لدى فريق التفاوض الإيراني وتفيد الروايات بأنه مسؤول عن الحيلولة بين ظريف وبين تصدقه بكل ما بحوزة العائلة الإيرانية من فضة!
تفيد المصادر الإيرانية بأن عراقجي يرجع في قراراته إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي من خلال مستشار خامنئي للسياسة الخارجية السيد علي أكبر ولاياتي.
في بعض الأحيان، تبدو وبجلاء حقيقة مفادها أن الواجهة الرسمية للدبلوماسية الإيرانية لا تعرف على وجه التحديد ما يجري.
وأحد الأمثلة على ذلك يرتبط بالأزمة الراهنة في العراق.
على مدى أسابيع، ضجت وسائل الإعلام الرسمية بالتقارير الإخبارية حول الدور الإيراني في «تحرير» الأقاليم العراقية من احتلال تنظيم داعش الإرهابي. وخرجت الصور والفيديوهات التي تظهر الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس والمسؤول عن ملف «تصدير الثورة الإيرانية» مرتديا العديد من السترات العسكرية المتنوعة، حيث يفترض قيادته للجيش العراقي والميليشيات الشيعية من نصر إلى نصر. وفي ذات الوقت، تنشر صحف طهران التقليدية العديد من أخبار الوفيات تنعى فيها «الشهداء» من ضباط وجنود القوات الإيرانية المشاركين، على ما يبدو، في الحرب العراقية. أما صحيفة «كيهان»، التي تصدر تحت إشراف المرشد الأعلى علي خامنئي، تعرضت لانتقادات إثر الصيغ المبالغ فيها حين تصف المشاركة الإيرانية «لإنقاذ العراق». ولم يهدأ زخم الكلمات المستعرة إلا حينما فر سليماني، الذي اعتبروه أعظم عبقرية عسكرية إيرانية منذ زمن كورش الكبير، من إحدى القواعد التي أنشأها في تكريت.
رغم ذلك، ذهب المستشار الأول لسليماني، وهو آية الله علي يونسي، إلى أبعد من ذلك حينما تظاهر بأن إيران تمكنت بالفعل من «تحرير» العراق وأن بغداد صارت الآن «عاصمتنا»، حيث قال متفاخرا: «لقد نجحنا فيما فشلت فيه أميركا».
بعد ذلك، ظل وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف يردد شعاراً ويستفالياً مفاده «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». كما تعلو حمرة الخجل وجه الناطقة الرسمية باسم الخارجية الإيرانية السيدة مرضية الأفخم حينما يتعين عليها التلاعب العلني بالحقائق، حيث تنفي أي دور عسكري إيراني في العراق فيما يتجاوز «تقديم المشورة».
وهناك مثال آخر على الضباب الذي يغلف عملية صنع القرار السياسي في طهران.
خلال الشهر الماضي وعلى نحو مفاجئ، ظهر وفد كبير من الحوثيين قادمين من اليمن إلى طهران، حيث تفاوضوا ووقعوا على 11 معاهدة واتفاقية مع مختلف أجهزة الدولة الإيرانية حول مختلف القضايا ومن بينها التعاون العسكري، وخدمات النقل الجوي، وتدريب رجال الدين اليمنيين.
مرة أخرى، تزعم مصادر وزارة الخارجية الإيرانية أن البعثة الدبلوماسية الرسمية، إما أنها قد أغلقت بصورة نهائية أو تسمح بدور بسيط من البروتوكول.
طوال فترة إقامتهم في طهران وخلال الرحلة القصيرة إلى موسكو التي نظمتها طهران، كان الوفد الحوثي طوال الوقت برفقة رجال فيلق القدس. وكان رجل نفس الفيلق في مدينة كراكاس الذي كُلف بمهمة تأمين الاعتراف الدبلوماسي من فنزويلا بالنظام الحوثي في صنعاء، وغيرها من حكومات أميركا اللاتينية اليسارية.
حينما ينتقل القادة من مختلف أفرع تنظيم حزب الله ومن مختلف البلدان، وعلى الأخص لبنان، في رحلات أعمال إلى طهران فإنهم يرافقهم على الدوام رجال من فيلق القدس، والأجهزة الأمنية، ورجال من مكتب المرشد الأعلى، وليس الأجهزة الدبلوماسية الرسمية. وتزعم مصادر الخارجية الإيرانية أنهم لا يعرفون مقدار الشيكات الموقعة لصالح قادة حزب الله في المنطقة.
حتى في ما يتعلق بالقضية النووية، يجري إبلاغ الأجهزة الدبلوماسية فقط بما يحتاجون معرفته. قبل شهرين، نظمت الأجهزة الأمنية زيارات للسيد ظريف وفريق المفاوضين تحت إشراف أمني صارم إلى موقعين من المواقع النووية الإيرانية. أما بالنسبة لبقية الأعضاء، فقد طالبوا فريق السيد ظريف بإحالة أي تساؤلات إلى علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية الذي انضم مؤخرا إلى فريق المفاوضين في سويسرا. والحقيقة أن ظريف، وربما روحاني ذاته، ليست لديهما صورة كاملة حول البرنامج النووي الإيراني.
ولدينا مثال آخر جاء في أواخر الشهر الماضي في صورة مذكرة مقتضبة إلى وزارة الخارجية الإيرانية تطالبها بـ«إقامة الحدود البحرية» مع سلطنة عمان المجاورة من خلال المفاوضات عبر ثلاث سنوات، ولكن على أساس خريطة مقدمة من جانب وزارة الدفاع الإيرانية.
بعبارة أخرى، فإن المطلوب تحديدا من وزارة الخارجية هو إجبار العمانيين على التوقيع على ما تم اتخاذ القرار بشأنه. والخريطة، محل التفاوض المزمع، من شأنها إحداث تغيير كبير في الوضع الراهن بمضيق هرمز، وخليج عمان، وصولا إلى بحر العرب، حيث تمتلك إيران بعض الأميال البحرية في غوادار على الحدود الباكستانية. ووفقا للخريطة الجديدة فإن عدد من الجزر والجزر المرجانية العمانية سوف تندرج ضمن المياه الإقليمية الإيرانية. وإحدى العواقب المنتظرة من جراء ذلك هو بسط إيران لكامل سيطرتها على مضيق هرمز من الجنوب والشمال.
المطلوب من وزارة الخارجية الإيرانية إبلاغ سلطنة عمان بالقرار، وهو من الأمور التي يكره القائمون على المهنة الدبلوماسية القيام بها.
وفيما يخص كل القضايا ذات الحساسية، فإن التعامل مع الجمهورية الإسلامية يتميز بصعوبة دائمة ولا ترجع بنتائج يقينية نظرا لأنه يتعين على الغرباء التعامل مع نظام يعاني من انقسام على الذات.
فذلك النظام ممزق بين الظهور كدولة قومية والتظاهر بكونه محركا للثورية العالمية.
إحدى واجهات إيران تعبر عنها دبلوماسية الابتسامات ذات اللهجات الأميركية في كثير من الأحيان وبطاقات حق الإقامة الدائمة كذلك. أولئك هم المتحاورون.
وإيران الأخرى، تمثلها الشخصيات الغامضة التي يمكنها وصفها بـ«أصحاب القرار»، وهم العمود الفقري للسلطة الفعلية بالدولة العميقة في نظام الخميني.
يتطلع جون كيري للحصول على جائزة نوبل للسلام والفضل يعود إلى «المتحاورين». غير أن البرنامج النووي الإيراني، الذي أشرف صناع القرار على تصميمه والسيطرة عليه، سوف يستمر.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران المتحاورون في مواجهة صناع قرار السياسة الخارجية إيران المتحاورون في مواجهة صناع قرار السياسة الخارجية



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 23:36 2014 الجمعة ,07 آذار/ مارس

سلطة أوراق اللفت

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

ماذا لو رحل رونار؟

GMT 23:47 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

مصر تمنع دخول الصادق المهدي إلى أراضيها

GMT 08:23 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

لقاء الخميسي تسافر من أجل تصوير "وراء الشمس"

GMT 12:21 2017 الجمعة ,29 أيلول / سبتمبر

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في البحرين الجمعة

GMT 20:51 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

عدنان حمد يؤكّد أن فرصة العراق جيدة في كأس الخليج

GMT 23:56 2015 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شقيق أحلام يثير الجدل بنشر صورة له بمساحيق التجميل

GMT 16:09 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

عودة جائزة فرنسا الكبرى إلى سباقات فورمولا-1 في 2018

GMT 14:55 2016 الجمعة ,29 تموز / يوليو

سمير صبري يستضيف سلمى الشماع في "ماسبيرو"

GMT 01:52 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الشواطئ الفاخرة لقضاء عطلة مميزة في 2017
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab