هل تم وضع إيران تحت وصاية الدول الست الكبرى

هل تم وضع إيران تحت وصاية الدول الست الكبرى؟

هل تم وضع إيران تحت وصاية الدول الست الكبرى؟

 السعودية اليوم -

هل تم وضع إيران تحت وصاية الدول الست الكبرى

أمير طاهري

عندما بدأت المحادثات بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد بقيادة الولايات المتحدة منذ عامين، كان الهدف المعلن هو منع طهران من امتلاك سلاح نووي مقابل رفع العقوبات التي فرضتها واشنطن، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي. وأسفرت المحادثات خلال الأسبوع الحالي عن نتيجة مختلفة قليلا، فقد رضيت الدول الست الكبرى بتغييرات ضئيلة في برنامج إيران النووي أملا في تأجيل تصنيع طهران لقنبلة نووية لمدة تتراوح بين ثماني وعشر سنوات. بعبارة أخرى، لا يزال برنامج إيران النووي كما هو إلى حد كبير.

في الوقت ذاته تم تفادي مسألة رفع العقوبات من خلال إجراء معقد سيعتبر أن أكثرها سيستمر بشكل كامل أو جزئي لمدة تصل إلى 15 عاما. فلنوجز الأمر، لم تحصل الدول الست الكبرى على ما تريده فيما يتعلق بالمسألة النووية، ولم تحصل إيران على ما أرادت فيما يتعلق بالعقوبات، وعوضا عن ذلك هناك أمر ثالث حدث. وافقت إيران على وضع نفسها تحت شكل من أشكال الوصاية من قبل الدول الست الكبرى بمباركة الأمم المتحدة. ويوضح الاتفاق الذي تم الإعلان عنه باحتفاء في فيينا تفاصيل هذه الوصاية في وثيقة مكونة من 159 صفحة هدفها التمويه على الواقع. تأتي في الوثيقة أحيانا بعض الجمل المعقدة التي يزيد عدد كلماتها عن 180 كلمة. مع ذلك لا يفوق الرقم القياسي في عدد كلمات الجملة الواحدة الذي سجله مارسيل بروست، والتي وصلت إلى 492 كلمة. وطبقا للاتفاق سوف يتم التعامل مع إيران مثل مجرم في عملية إطلاق سراح مشروط يوضع تحت مراقبة الشرطة ويتم تقييمه دوريا. ومن المؤكد أن إيران قد انتهكت معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وأقرت بأنها فعلت ذلك. وخدعت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدة مرات، وأقرت بذلك مرة أخرى. وتتضمن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قواعد، تتعلق بالتعامل مع هذا النوع من الانتهاك، والغش، والخداع. مع ذلك لا تتضمن تلك القواعد وضع الفاعل تحت الوصاية كما حدث مع إيران. وارتكبت دول أخرى انتهاكات وقامت بالخداع، ومن بينها ألمانيا وكوريا الجنوبية، ولم يتعرض الفاعل في أي من تلك الحالات إلى عقاب لا يتوافق مع حجم «الجريمة» كما هو حال إيران. مع ذلك، في حالة إيران، تم استخدام «الجريمة» كعذر يتيح للدول الست الكبرى السيطرة على أجزاء كبيرة من الاقتصاد الإيراني، والتجارة، والسياسات الصناعية، والخارجية بالتبعية. ويتم تحقيق ذلك من خلال عدد من الخطط.

في البداية من خلال الإبقاء على «الملف» الإيراني مفتوحا لمدة 15 سنة على الأقل، يتم توجيه رسالة إلى العالم أجمع مفادها أن إيران ليست «عضوا طبيعيا» في المجتمع الدولي. من سيرغب في الاستثمار في دولة تعيش تحت سيف «عودة» العقوبات، وحالة النبذ لمدة جيل؟ ثانيا، تشكل الدول الست الكبرى، التي تتصرف كقاضٍ، وهيئة محلفين، وسلطة تنفيذية، لجنة من أجل ممارسة الرقابة على إيران. ومن المقرر أن تلتقي اللجنة كل عامين أو أقل من أجل تقييم أداء «المجرم» الذي يخضع للمراقبة. ولدى اللجنة حق الرفض فيما يتعلق بـ32 نشاطا من أنشطة الصناعة والخدمات الإيرانية بما فيها النفط، والصناعات البتروكيماوية، والملاحة، والسيارات، والقطاع المصرفي، والتأمين، والشحن. كذلك يحق للجنة الوصاية التدخل في كل أوجه التجارة الخارجية بذريعة منع إيران من الحصول على مواد «مزدوجة الاستخدام». وسوف تحدد الدول الست الكبرى، لمدة خمسة أعوام على الأقل، نوع الأسلحة التي يمكن لإيران شراؤها.

والأهم من ذلك أن للدول الست الكبرى الحق في تحديد المبلغ الذي يمكن لإيران إنفاقه من دخل النفط وبنود الإنفاق. وصرح كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأنه لن يتم السماح لإيران بالإنفاق كما شاءت. ويحق للجنة الدول الست الكبرى توقيع شيك مقدم لقاسم سليماني، لكنها لن تسمح لسليماني بتوقيع شيكات لحسن نصر الله.

بطبيعة الحال، سوف تحتج إيران في كل حالة من كل تلك الحالات. مع ذلك سوف يتم تقديم الاحتجاج إلى لجنة الدول الست الكبرى.

ولا يقدم ما يسمى بالاتفاق تصورًا لآليات تضمن تحكيما نزيها وغير متحيز. وتورد مجموعة الدول الست الكبرى تفاصيل الإشراف على جوانب من السياسات الإيرانية في مجموعة من المجالات بما فيها حق الرفض فيما يتعلق بالمسؤولين، والعلماء، ورجال الأعمال، الذين يحق لهم السفر مع وضع الغرض من السفر في الاعتبار. وقد يبدو هذا من قبيل المبالغة، لكن «اتفاق» فيينا يعني أن مجموعة الدول الست الكبرى، وليس «المرشد الأعلى» علي خامنئي، هم من سيكون لهم الكلمة الأخيرة أو فصل الخطاب في الأمور المهمة في السياسات الإيرانية.

وتحاول الدول الست، بتعاملها مع دولة كبرى مثل مجرم عادي، التأكيد لباقي العالم أن العقاب الذي فرض على إيران استثنائي، ولا ينبغي أن يكون سابقة يتم الاقتداء بها. إنهم يعلنون أنه في كل الحالات الأخرى، سيتم التعامل مع الدول، التي تخرق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، طبقا لقواعد المعاهدة لا من قبل مجموعة من الدول الكبرى التي تتصرف مثل فريق ينفذ مهمة مشتركة كما يظهر في الأفلام الغربية. ويتفاخر محمد جواد ظريف، الرجل الذي قاد فريق التفاوض الإيراني، بالاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 67/3 في المائة. مع ذلك الحقيقة هي أنه لكل دولة الحق في تخصيب اليورانيوم.

ويقدم ظريف سابقة تتمثل في «السماح» لإيران بممارسة حقوقها بموافقة الدول الست الكبرى. وتم اقتراح منح ظريف جائزة نوبل للسلام، وقد يحصل عليها. ويزعم منتقدوه أنه في حال حصوله على الجائزة، ستكون مقابل الاستسلام لا السلام. وهناك أمثلة أخرى على منح جائزة نوبل مقابل الاستسلام وأبرزها منحها لياسر عرفات. مع ذلك ليس من العدل تحميل ظريف مسؤولية كل شيء، ففي نظام الخميني، لا يكون الوزراء، بل وحتى الرؤساء، أكثر من مجرد ممثلين يؤدون أدوارهم. وتقوم «دولة عميقة»، تتكون من شبكة من الدوائر العسكرية - الأمنية، ورجال الدين المحيطين بـ«المرشد الأعلى»، باتخاذ القرارات الحقيقية.

يقول من يبررون «الاتفاق» إن الراحل آية الله روح الله الخميني، مؤسس النظام الإيراني، تجرع «كأسا من السم» عندما قبل إنهاء الحرب مع العراق عام 1988، ولا تعد هذه مقارنة عادلة. وكل ما فعله الخميني عام 1988 كان إغلاق فمه وعدم الحديث عن «الذهاب إلى القدس عبر كربلاء» ووضع حد لمجازر الحرب. إنه لم يخضع أي جانب من جوانب السياسة الإيرانية للوصاية الأجنبية.

لقد تم الإعلان عن «اتفاق» فيينا في فندق «كوبورغ» الذي كان قلعة، وكثيرا ما كان يستخدم كمقر عسكري. وكان عام 1683 مقر ستة أمراء مسيحيين يقودهم ملك بولندا الذي هزم العثمانيين وأوقف المد الإسلامي في أوروبا.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تم وضع إيران تحت وصاية الدول الست الكبرى هل تم وضع إيران تحت وصاية الدول الست الكبرى



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 21:03 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

عرض فيلم الرعب "الحفرة" للمرة الأولى على الفضائيات

GMT 15:02 2012 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

"ويسترن ديجيتال" تطلق قرصًا صلبًا بسعة 4 تيرابايت في الإمارات

GMT 00:56 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

تحذير من شرب الشاي مباشرة بعد صب الماء المغلي عليه

GMT 19:07 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق "ليلة مقتل الحاوي" في مركز الهالة الثقافي

GMT 16:32 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حارس مرمى نادى الزمالك محمود جنش يحتفل بالهالوين

GMT 14:20 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

قصي الفوز يستقيل من رئاسة الاتحاد السعودي

GMT 01:00 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

مذيع تركي بارز يُعلن استقالته بعد تهديد من أردوغان

GMT 01:50 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الروسي بوتين يحوّل حلم فتاة كفيفة إلى واقع

GMT 07:52 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

فان ديك يؤكّد أن أندية أوروبا تخشى الصدام مع "ليفربول"

GMT 02:19 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

تطوير "شبكية عين" من خلايا جذعية داخل المختبر

GMT 14:20 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

آل الشيخ يُعلن تولي سامي الجابر 3 مناصب كبرى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab