إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً
لوفتهانزا تحظر نقل الأسلحة إلى إسرائيل امتثالًا لتوجيهات بريطانية بمراقبة الصادرات زلزال بقوة 4.7 درجة على مقياس ريختر بضرب غرب إندونيسيا زلزال بقوة 5.45 درجة على مقياس ريختر بضرب تركيا إيران تبدأ محاكمة مواطن مزدوج الجنسية بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وتل أبيب تكشف تحويلات مالية لحماس في تركيا بدعم إيراني وزارة الدفاع الإسرائيلية تعلن إصابة 22 ألف ضابط وجندي منذ 7 أكتوبر و 58% منهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة هجوم روسي بطائرات مسيرة على مبنى سكني في أوختيركا يوقع سبعة جرحى ويتسبب بتدمير أجزاء منه قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مقر أونروا في الشيخ جراح في الجانب الشرقي من مدينة القدس المحتلة وتثير استنكار الوكالة سانتوس ينجو من الهبوط بفضل تألق نيمار واللاعب يواجه جراحة ركبة طارئة تهدد مشاركته في مونديال 2026 الاحتلال الإسرائيلي يخطر بهدم منشآت سكنية وزراعية جنوب شرق القدس المحتلة استشهاد طفلة فلسطينية بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي خارج مناطق انتشاره في مواصي رفح جنوبي قطاع غزة
أخر الأخبار

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

 السعودية اليوم -

 إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

بقلم - حازم صاغية

 

في أواسط القرن التاسع عشر نشر الفيلسوف الدنمركيّ سورين كيركيغارد كتابه الشهير «إمّا/ أو»، حيث رأى أنّ على الفرد الاختيار بين الحياة الجماليّة والحياة الدينيّة والروحيّة.

و«إمّا/ أو» جزءان، أوّلهما عن الحياة الأولى، أو الخيار الأوّل، وثانيهما عن الحياة الثانية، أو الخيار الثاني، إذ هناك فصل مطلق بين الحياتين – الخيارين: ما من مصالحة أو تسوية براغماتيّة أو تركيب يوحّدهما كبديلين ويتجاوزهما معاً بمعنى جدليّ. أمّا مَن يرتكب مصالحة كهذه فلا يكون إلاّ منحازاً للحياة الجماليّة، إذ أنّه لا يُنكر متع الجسد ومصالح صاحبه فيما تكون علاقته بالدينيّ والروحيّ أقرب إلى هواية. وقد اعتبر كيركيغارد، وهو ما بوّأه منصّة التأسيس للوجوديّة المؤمنة، أنّه لا يوجد أيّ معيار أخلاقيّ أو عقلانيّ يقيم وراء هذا الاختيار الذي لا مهرب منه، وأمّا مَن يَفترض وجود نظريّةٍ ما يحتكم إليها في خياره فيكون كمن يتعامل مع ما يريد برهنته بوصفه فرضيّة مسبقة.

بلغة أخرى، أغلق كيركيغارد كلّ الأبواب في وجوهنا، فإمّا أو، وعلينا نحن، من دون أيّ دليل نسترشد به، أن نختار.

واليوم تهبّ علينا في العالم العربيّ رياح سُموم تخيّرنا بطريقتها بين «إمّا» و«أو». فإمّا أن نُعجَب بما تقوله أحزاب الممانعة الدينيّة وحركاتها وبما تفعله، وأن نمجّد قادتها، ولا نبدي أيّ نقد أو تحفّظ أو استدراك أو مساءلة، أو أنّنا نؤيّد التوحّش الإسرائيليّ في ضرباته المجنونة في غزّة.

ولوهلة جاز الافتراض أنّ تخبّط إسرائيل السياسيّ، وتعثّرها العسكريّ، ومحاكمة لاهاي بالتلازم مع تضافر عالميّ واسع حول فلسطين، يمكنها أن تطلق مجتمعةً مناخاً أكثر صحّيّة وقبولاً بالتعدّد في التأويل والاختلاف في التقدير. لكنْ لا.

هكذا، وعملاً بالنظريّة الراسخة، ينبغي للتعاطف مع غزّة ولإدانة إسرائيل أن يترافقا مع لوائح نسيان طويلة كي تعترف الرقابة النضاليّة بصدقهما: على اللبنانيّ أن ينسى خوفه على بلده الذي هو أصلاً إلى الموت أقرب، وأن ينسى خوفه على نفسه أيضاً، وعلى السوريّ أن ينسى أنّ أولئك الممانعين هم أنفسهم الذين قهروه، كما ينسى ثورته ويعتبرها لزوم ما لا يلزم، وعلى الفلسطينيّ، لا سيّما الغزّاويّ، أن ينسى طريقة «حماس» في حكمه، وطريقتها في إعداده للحرب، وعلى الإيرانيّ واليمنيّ والعراقيّ أن ينسوا تحفّظاتهم الكبرى على أنظمتهم التي سبق أن ثاروا عليها، وعلى كثيرين من العرب أن ينسوا توسّع النفوذ الإيرانيّ وتمدّده في بلدانهم ويغضّوا النظر عنهما، وعلى المرأة أن تنسى أنّ نظريّات التزمّت الإيرانيّة والميليشياويّة التي تنتعش في المنطقة تُهينها وتستعبدها وتخيفها، وعلى الفرد الحديث أن ينسى أنّ فرديّته وحداثيّته هما نتاج ثقافة غربيّة تتعرّض اليوم، بقضّها وقضيضها، لهجاء مُرّ، وعلى مُحبّ الحياة أن ينسى مخاوفه من اندلاق تلك العواطف التي تمجّد الموت، وعلى المنتمين إلى جماعات غير دينيّة أن ينسوا مخاطر هذا التديين الزاحف من كلّ حدب وصوب، وعلى أهل المذاهب التي تخالف مذاهب المقاتلين أن ينسوا ما قد يتهدّدهم من مصائر مُقلقة وأن يبتلعوا تحفّظاتهم...

والحال أنّ كلّ قضية واحدة وحيدة تفترض النسيان، كما تعلّمنا التجارب التوتاليتاريّة والأدب الكثير الذي كتبه نقّادها، وهي تفترض تالياً أن التاريخ كان صفراً فيما القضيّة ومعركتها هما وحدهما ما يصنع التاريخ وينتشله من صفريّته. والنزعة هذه تنطوي، فوق ذلك، على شهوة استبداد وعلى ميل إلى تصفية حسابات قديمة مع النقّاد والمعارضين ممّن يصرّون على تذكّر ما عرفوه وجرّبوه. هكذا نتّفق جميعنا على نسيان مَن نحن، وما كنّاه وما نرغب في أن نكونه، ونُقبل سعداءً متحمّسين على الذوبان في أبي عبيدة مثلما يذوب العابد في معبوده.

والحقيقة أنّ هذا الثمن ليس بالضرورة مطلوباً من أجل أن نتعاطف مع غزّة وأن ندين التوحّش الإسرائيليّ. فالتعاطف والإدانة ينبعان من كوننا بشراً قبل أيّ اعتبار آخر، ومن حقيقة أنّنا نكون ناقصي الإنسانيّة حين لا نعبأ بألم البشر المظلومين والمقهورين، كما هي حال سكّان غزّة اليوم. لكنّ نقصاً آخر لا يقلّ خطراً في إنسانيّة الإنسان ينجم عن اقتصاره على التجريد، وعن كونه بلا تحديد أو تعيين، ما يجعله ينسى تاريخه وينسى شروطه المحدّدة وينسى معانيه. فإذا كان من لا يؤيّد غزّة عديم الاكتراث بألم الآخرين وموتهم، فإنّ من لا يُرفق التأييد بالتحفّظ والنقد والمراجعة يكون عديم الاكتراث بموته هو وبألمه هو.

وقد يقال بحقّ أنّ القسوة الفلكيّة التي تتكشّف عنها أفعال إسرائيل عاملٌ مساعد ومُلهِم لنظريّة «إمّا أو» عندنا. لكنْ في ظلّ تلك النظريّة، لن يمكن تحقيق انتصار يُعتدّ به، عسكريّاً كان أو غير عسكريّ. بل حتّى لو حقّقنا، بموجب وعي كهذا، أهمّ انتصار على إسرائيل، فإنّ قدراً هائلاً من الاستبداد والتخلّف سوف يشاركنا الانتصار هذا، وأصلاً لدينا من هذين الاستبداد والتخلّف كثيرٌ فائض.

arabstoday

GMT 14:39 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 14:35 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 14:33 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 14:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 14:28 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً  إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 11:51 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله
 السعودية اليوم - جورج كلوني يعترف بتغيير مساره المهني من أجل أطفاله

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 06:18 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 16:59 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم برج الجدي الخميس 7 يناير/كانون الثاني 2021

GMT 05:59 2025 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 05 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 23:13 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

أمانة منطقة عسير تطرح 40 فرصة استثمارية

GMT 11:35 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

"الشارقة الثقافية" تحتفي بتاريخ وجمال تطوان

GMT 05:20 2020 الإثنين ,16 آذار/ مارس

مولودية الجزائر يستعيد وصافة الدوري

GMT 16:33 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

حارس جديد يظهر في مران الأهلي اليوم

GMT 10:00 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

ترامب في زيارة رسمية إلى أيرلندا للمرة الأولى

GMT 09:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

«أفوكادو توست» حذاء ركض رجالي بألوان الطعام

GMT 00:23 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لتبييض الركبتين و المناطق الخشنة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon