المغرب والزلزال وتطويع الجهل

المغرب والزلزال.. وتطويع الجهل!

المغرب والزلزال.. وتطويع الجهل!

 السعودية اليوم -

المغرب والزلزال وتطويع الجهل

بقلم - خيرالله خيرالله

بعد أقلّ من أسبوعين على كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق مغربية جنوب مراكش، في الثامن من الشهر الجاري، أعلن الديوان الملكي عن برنامج لإعادة ما تهدّم. البرنامج متكامل ويشمل البعدين الإنساني والإجتماعي للمعركة التي يخوضها المغرب كلّه في أيّامنا هذه. أين أولئك الذين استعجلوا في شنّ حملة على المغرب الذي استطاع مواجهة آثار الزلزال بطريقة علميّة وهدوء، بما يصبّ في مصلحة الشعب المغربي؟

تكفّل عاملان في إخراس كلّ الأصوات التي تجرّأت على المغرب. العاملان هما التضامن الشعبي والتلاحم بين المغاربة ووجود قيادة سياسية تعرف كيف التعاطي مع مثل هذا النوع من المصائب. يعبّر عن التضامن والتلاحم تدفق المساعدات الشعبية على المناطق المنكوبة. كان بين الذين قدموا مساعدات فقراء ارسلوا إلى تلك المناطق كلّ ما يملكونه من مؤن واثاث وأدوات منزلية... من وجدة، إلى تطوان وطنجة، إلى العيون...

مضت ثلاثة أسابيع تقريبا، على الزلزال، اختفت الأصوات التي سارعت إلى توجيه انتقادات من كلّ نوع إلى المعالجة المغربيّة التي جعلت من المملكة، كواحة استقرار، استثناء في منطقة شمال افريقيا كلّها وصارت بوابة اساسيّة لأوروبا إلى القارة السمراء. سكتت الأصوات التي ربط بعضها بين الزلزال والاستقرار الداخلي في المغرب نفسه. كانت هناك أصوات فرنسيّة، وحتّى عربيّة شاركت في الحملة على المغرب. اطلقت هذه الأصوات العنان لمواقف أقلّ ما يمكن أن توصف به إنّها عنصريّة وتعاني من نوع من الشذوذ. يجمع الجهل بين هذه الأصوات العربيّة والأوروبيّة. إنّه جهل بالمغرب وبما هو المغرب وتركيبة المغرب ومؤسسات المغرب... وجهل بالعلاقة بين الملك والشعب.

في المغرب ملك اسمه محمّد السادس يتابع تفاصيل التفاصيل، المتعلّقة بكلّ ما يجري في البلد. رفع محمّد السادس منذ بداية عهده شعارا يقول أنّه يريد من كلّ مغربي أن يفتخر ببلده. سئل محمّد السادس، بعيد صعوده إلى العرش في العام 1999، عن القدرة التي امتلكها والده الملك الحسن الثاني (رحمه الله) على صعيد تكريس الدور المغربي على الصعيدين العربي والإقليمي ونجاحه في ذلك، فكان جوابه: "لئن كان المرحوم قد وضع اسم بلاده في الخرائط الدوليّة، فإنّ هم خليفته أن يرصّع اسم المغرب في قلب كلّ مواطن مغربي". ثمّة وضوح ليس بعده وضوح في كلام العاهل المغربي. كان لهذا الوضوح انعكاس مباشر على مرحلة ما بعد الزلزال التي رافقها الملك منذ اللحظة الأولى مع انتقاله فورا من باريس إلى الرباط ليكون إلى جانب شعبه ولينتقل إلى مراكش للتبرع بالدم لضحايا الزلزال.

كشف ما تعرّض له المغرب كم هناك جهات عربيّة وأوروبية، في مقدمها فرنسا الرسميّة، تجهل ولو قليل القليل عن المغرب وعن الإستمرارية في المغرب وعن العلاقة بين مؤسسة العرش وكلّ مواطن مغربي. استطاع المغرب، في نهاية المطاف، تطويع الجهل ومن يقف خلفه.

ثمة فارق بين التنظير وما يحصل على أرض الواقع. على أرض الواقع، خصّص الملك محمد السادس 120 مليار درهم (12 مليار دولار) في اطار خطة تستمر خمس سنوات تهدف إلى التعافي من الزلزال وتشمل أبعادا اجتماعية واقتصادية مختلفة مثل إيواء المتضررين وإعادة بناء المساكن وتهيئة البنى التحتية. يشمل ذلك اعداد هذه البنى لمواجهة أي زلزال يمكن أن يحدث مستقبلا.

ليس سرّا أن الإجراءات التي اتخذها محمّد السادس اتسمت بالسرعة والشمولية، نظرا إلى أنّها استجابت للحاجات الضرورية العاجلة للمتضررين مثلما جاء في إجراءات جلستي يومي التاسع والرابع عشر من أيلول – سبتمبر الماضيين اللتين عقدتا برئاسة العاهل المغربي. كان لافتا سرعة هذه الإجراءات وتنوعها، لتشمل مختلف مناحي الحياة. يثبت ذلك قدرة المملكة على الاعتماد على ذاتها في إدارة أزمة الزلزال. أكثر من ذلك، هناك قدرة لدى المغرب على تحديد دقيق لما هو في حاجة إليه ومن هي الدول القادرة على سد هذه الحاجات في هذه المرحلة المعيّنة، على أن تكون هناك استعانة بجهات أخرى في مرحلة لاحقة. لدى المغرب القدرة على تحديد من يريد بالفعل مساعدة الشعب المغربي ومن يريد استغلال الزلزال لمآرب خاصة كما حال السلطات الفرنسية، بكل عجرفتها أو النظام الجزائري بكلّ انتهازيته. أراد النظام الجزائري، عمليا، تبرئة ذمته امام الشعب الجزائري الذي هو في مواجهة معه، قبل الشعب المغربي.

كان مفيدا إيضاح الديوان الملكي المغربي في بيان صدر بعد اجتماع الملك محمد السادس مع مسؤولين في الحكومة والجيش، إن البرنامج المتعلّق بإعادة الإعمار يستهدف مساعدة أربعة ملايين ومئتي الف شخص في المناطق الست الأكثر تضررا، وهي مراكش والحوز وتارودانت وشيشاوة وأزيلال وورزازات.

يلعب الجهل بالمغرب في مصلحة المغرب الذي يمتلك أولويات خاصة به. يوضح البيان الصادر عن الديوان الملكي في شأن المساعدات المخصصة لإعادة الإعمار حجم الكارثة التي تعرّض لها المغرب. لكنّه يوضح أيضا مدى ثقة المغرب بنفسه وبقدرته على مواجهة التحديات مهما كانت كبيرة ومهما علت أصوات الجهل والجهالة. هذه أصوات الحاسدين الذين يرفضون الإعتراف بما تحقّق في هذا البلد. الأمر لا يقتصر على إيجاد العمق الإفريقي للمغرب الذي يتكرّس يوما بعد يوم، ولا يقتصر على البنية التحتية للمغرب التي صارت بنية متطورة تنافس البنية التي لدى الأوروبيّة. الأمر يتعلّق أيضا بقدرة المغرب على الدفاع عن وحدته الترابيّة واقاليمه الصحراويّة.

كان الزلزال امتحانا للمغرب وأهله. انتصر في هذا الإمتحان. بين ما ساعده في الإنتصار جهل بعض الأوروبيين والعرب به وتلهيهم بالقشور والكلام العام الذي لا معنى له بدل الذهاب إلى لبّ الموضوع. لبّ الموضوع الوحدة الوطنيّة المغربيّة وعلاقة تربط الملك بالشعب، وهما خط الدفاع الأوّل عن البلد... ولا شيء آخر غير ذلك.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب والزلزال وتطويع الجهل المغرب والزلزال وتطويع الجهل



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 09:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 16:41 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

بيترز وفيشر يتنافسان على "أبوظبي إتش إس بي سي" للغولف

GMT 21:32 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

35 ألف شخص يشاركون في سباق دلهي رغم التلوث الصحي

GMT 04:48 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض جديد في سومرست هاوس يضم أزياء لكبار المصممين

GMT 16:54 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تدعم الرد على التعليقات على غرار فيسبوك

GMT 03:56 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

العالول يُؤكّد أنّ الانتخابات تحتاج إلى موافقة من الفصائل

GMT 10:58 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

صدور الإعلان الدعائي لفيلم "الفلوس" للفنان تامر حسني

GMT 00:42 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

الاحتلال يغلق جمعية برج اللقلق ويعتقل مديرها

GMT 08:12 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

الرئيس الأميركي ترامب يصل فيتنام الثلاثاء

GMT 09:50 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

رصاصة "أقوى بندقية في العالم" تُعادل قذيفة دبابة

GMT 15:35 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

زنان يؤكد اتخاذ إجراء ضد ملعب الجامعة

GMT 15:28 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

فولكس واجن توشقنا للجيل الثامن من "جولف"

GMT 19:38 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

باير ليفركوزن يجدد عقد مدافعه جيدفاج حتى عام 2023

GMT 06:00 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

النصائح التي يجب إتباعها قبل صبغ الشعر وتلوينه

GMT 21:59 2018 الأحد ,22 تموز / يوليو

مميزات وعيوب "شيفرولية لانوس" موديل 2018

GMT 02:29 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab