التعايش مع البركان

التعايش مع البركان

التعايش مع البركان

 السعودية اليوم -

التعايش مع البركان

غسان شربل

لا شيء يوحي أن البركان السوري يتجه نحو الخمود. مؤشرات كثيرة توحي أننا لم نشهد بعد الفصول الأشد بطشاً وهولاً. يقذف البركان السوري يومياً حممه في الداخل وعلى أطرافه. يقذف يومياً نحو 150 جثة وآلاف الفارين إلى الدول المجاورة. يطحن يومياً عائلات وأحياء وقرى. يلحق خسائر إضافية بالاقتصاد والبنية التحتية ويضاعف عدد السوريين المقيمين تحت خط الفقر، فضلاً عن خط الرعب. يبث البركان السوري يومياً مشاعر تعزز روح المواجهة بين الطوائف والمذاهب وتعزز أيضاً مشاعر الطلاق والحديث عن الخرائط الصغيرة. تطرح المأساة السورية على من يتابعها سلسلة من الأسئلة الصعبة والشائكة. هل صحيح مثلاً أن روسيا هي الداعم الأول للنظام السوري أم أن إيران هي اللاعب الأول في سورية؟ صحيح أن روسيا حمت النظام من صدور قرار دولي يدينه أو يجيز التدخل ضده، لكن روسيا تستطيع في النهاية العيش من دون سورية ومن دون القاعدة البحرية في طرطوس. يمكن الذهاب أبعد. تستطيع روسيا أن تخسر في سورية من دون أن تكون هذه الخسارة مدمرة لها أو قاتلة. ربما تستطيع الحصول على مقابلٍ ما إذا وافقت على الخسارة على الملعب السوري. في انتظار ذلك، تتعايش روسيا مع البركان وتمده بمقومات الاستمرار وترى فيه استنزافاً للراغبين في إسقاط النظام السوري في الداخل والخارج. في المقابل، لا تبدو إيران قادرة على احتمال الخسارة في سورية. اتخذ النزاع الدائر في سورية موقعه الرئيسي على خط النزاع السني-الشيعي في المنطقة. خسارة الحلقة السورية تعني أن إيران خسرت معركة الدور الكبير إقليمياً. خسارة سورية تقلص حجم المكاسب الإيرانية في العراق. تقلص أيضاً حجم المكاسب الإيرانية في لبنان. هذه الخسائر ستبعث برسالة مفادها أن ايران ناءت تحت أعباء حلمها الإقليمي كما سقط الاتحاد السوفياتي ضحية التزاماته الخارجية الباهظة. لهذا، تبدو إيران كأنها تدافع في سورية عن صورتها وتحالفاتها ومصالحها في معركة حياة أو موت، ذلك أن التواصل بين حلقات هلال الممانعة هو برنامجها الكبير، وهو أكثر أهمية وحيوية من البرنامج النووي القابل للتأجيل أو التجميد. وإذا كان لا يكفي أن تبرم أميركا صفقة مع روسيا، فهل ظروف الصفقة مع إيران ناضجة؟ وهل الولايات المتحدة مستعدة لمكافأة ايران؟ وكيف؟ وأين؟ وهل الظروف الإيرانية الداخلية مهيأة لصفقة من هذا النوع؟... لا شيء يوحي ان الصفقة سهلة أو ممكنة في المستقبل القريب. لإيران مصلحة حيوية في منع سقوط النظام. إنها تدافع عن نفسها وبرنامجها على أرض سورية. لهذا لن تبخل بما يضمن استمرار البركان. في موازاة المشهد الخارجي، يبدو المشهد الداخلي قاتماً هو الآخر. لا شيء يوحي بقدرة النظام السوري على إعادة فرض سلطته على كامل الأراضي السورية. لا شيء في المقابل يوحي بأن المعارضة قادرة بوضعها الحالي على حسم الصراع عسكرياً. وفي الوقت نفسه، يصعب تصور حوار تحت قبعة النظام بعد كل الخسائر التي وقعت. وهكذا تكتمل حلقات المشهد: سورية مرشحة لمزيد من العيش داخل حمم البركان. والدول المجاورة محكومة بالتعايش مع استمرار البركان. إنها معركة استنزاف طويلة ومدمرة. عودة النظام إلى ما كان عليه قبل 22 شهراً ليست واردة. الدول المتحمسة لإسقاطه لا تريد ايضاً رؤية سورية في قبضة الفوضى الدامية ورؤية «القاعدة» تتحصن في مدنها أو قراها. وثمة من لا يرى ضيراً في استنزاف النظام وحلفائه واستنزاف المقاتلين الجوالين أيضاً. لا الحل الداخلي وارد ولا إطفاء البركان من الخارج متيسر. إننا في خضمّ حرب الاستنزاف. إننا في مرحلة التعايش مع البركان. لا بد من قبور جديدة في الداخل. ولا بد من خيام جديدة في الخارج. يمكن قواعد اللعبة هذه أن تتغير إذا سقطت أسلحة كيماوية في أيدي متطرفين أو انهمرت صواريخ على إسرائيل. نقلاً عن جريدة " الحياة "

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعايش مع البركان التعايش مع البركان



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 12:22 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 00:21 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

افتتاح عرض "الحادثة" على مسرح الغد في العجوزة

GMT 04:26 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

تجنبي وضع العطور على القميص أو القماش

GMT 16:36 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

طارق علام يكرم الدكتورة فادية عبد الجواد في برنامج "هو ده"

GMT 07:07 2013 الخميس ,27 حزيران / يونيو

مغامرات وسط السافانا على أرض ناميبيا الساحرة

GMT 09:18 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

هكذا يؤثر الاحتباس الحراري على الأنهار في أوروبا

GMT 19:37 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

ترشيح سعد المسيلم لانتخابات الاتحاد الكويتي

GMT 07:33 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

الدولار في هبوط مع مراهنات على التعافي

GMT 15:36 2020 الأربعاء ,29 تموز / يوليو

ألوان العدسات اللاصقة المناسبة للبشرة السمراء

GMT 08:52 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

إقبال كثيف على عرض "ولاد البلد" في المنيا

GMT 22:31 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

كوني دائمًا أنيقة في بيتك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab