تأخير التطبيع الأميركي الإيراني

تأخير التطبيع الأميركي الإيراني

تأخير التطبيع الأميركي الإيراني

 السعودية اليوم -

تأخير التطبيع الأميركي الإيراني

وليد شقير

اكتشفت كل من واشنطن وطهران صعوبة الإسراع في تطبيع العلاقات بينهما بالتزامن مع إزالة العراقيل من أمام إقرار الاتفاق على النووي في كل من الكونغرس الأميركي وفي البرلمان الإيراني ومجلس الشورى، على رغم الصخب الذي رافق هذه العملية التي كان العالم ينتظر تفاعلاتها في كل من الدولتين، لأن هناك فريقاً في كل منهما يعارض الاتفاق ويعتبره مجحفاً في حق بلده.

ومع أن المتحفظين عن الاتفاق، أميركياً وإيرانياً، يرون أنه جاء لمصلحة الخصم، أكثر مما جاء في مصلحة بلدهم، فالواضع أن طهران قدمت تنازلات تتعلق بقدراتها العسكرية والصاروخية، إضافة إلى تلك المتعلقة ببرنامجها النووي وبامتيازات التفتيش الدولي لمنشآتها النووية المباغتة ولو بإجازة دولية، فضلاً عن تفتيش بعض منشآتها العسكرية المعنية بإنتاج الصواريخ الباليستية. وهذا ما يفسّر ردّ فعل بعض المتشددين الإيرانيين وصولاً الى تهديد أحد النواب أثناء تصويت الأكثرية لمصلحة الاتفاق، بقتل وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

لكن الواضح أيضاً أن أثمان تمرير إقرار الاتفاق في كل من العاصمتين لا تقل في مفاعيلها أهمية عن التغييرات الجيوسياسية التي كان الجميع ينتظرها بعد الاتفاق نفسه على العلاقات الأميركية الإيرانية، وعلى التفاوض في شأن الأزمات الإقليمية.

أول أثمان تمرير الاتفاق في الجانب الأميركي هو هذه الإجازة المفتوحة التي حصلت عليها إسرائيل لمواصلة عملية تهويد القدس، عبر الاعتداء على المسجد الأقصى وتنفيذ مشروع اقتطاع جزء منه، واباحة اعتداءات المستوطنين وهدم المنازل وتغيير الخريطة الديموغرافية للمدينة في خطة لا يأبه بنيامين نتانياهو بأن تتحول حرباً دينية كما حذّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس. إنه ثمن للوبي الإسرائيلي الفاعل في كتلة النواب الديموقراطيين قبل الجمهوريين. فعدم اكتراث إدارة باراك أوباما بما تقوم به إسرائيل ساهم في تطمين نواب حزبه الى أن دعم بلاده لها لن يتأثر نتيجة الاتفاق مع إيران على النووي، ما عدل في تصويت بعض هؤلاء لمصلحته وحال دون حصول الجمهوريين على الأكثرية المطلوبة لمنع إقرار الاتفاق. ومع أن محيط أوباما يعد بموقف يحقق التوازن في الأشهر المقبلة يقضي باعتراف افتراضي بالدولة الفلسطينية، فإن غض النظر عن فرض الإسرائيليين أمراً واقعاً جديداً سينقل الوضع الفلسطيني الى مستوى جديد من الممانعة تجاه عمليات القهر والإذلال ويغذي التطرّف الجديد الذي سيَنبتُ من رحم العجز الدولي عن أي حل سلمي، ويسبق هذه الخطوة بأشواط ويرفد التهاب الساحات العربية الأخرى بمزيد من العنف.

وإذا كان أحد أثمان إقرار الاتفاق محاولة واشنطن طمأنة المتوجّسين فيها إلى أن طهران لن تستفيد منه لمواصلة توسعها الإقليمي، عبر دعم حلفائها الخليجيين في مواجهة هذا التوسع، لا سيما في اليمن، فإن لهذا أيضاً ثمناً في المقلب الإيراني. فالاستنتاج أن الدول العربية والخليجية مأزومة وفي مأزق بعد الاتفاق على النووي ونتيجة انتقال الخصومة بين حليفها الأميركي وإيران الى حالة من التطبيع في مرحلة ما بعد الاتفاق، ينطبق على إيران نفسها أيضاً. وهي باتت مأزومة أكثر لأن خصومها الخليجيين ما زالوا يرفضون التفاوض معها على نفوذها ودورها في المنطقة في وقت أخذت تتهيأ لقطف ثمار الاستثمار الذي قامت به على مدى سنوات، في التدخل الإقليمي والتمدد الأمني والسياسي. وهي كانت تأمل بأن تأتي واشنطن بالدول الخليجية الى طاولة التفاوض معها. وهو ما لا يبدو أنه حاصل على رغم سعي الديبلوماسية الأميركية الى حل سياسي في اليمن، لكن بعد إحراز حلفائها العرب تقدماً على الأرض يكرس التراجع الإيراني.

الأثمان التي تدفعها إيران لا تقف عند هذه الحدود، فصورتها كنصير لفلسطين في وجه الجموح الإسرائيلي تتعرض للتآكل نتيجة تراجع اهتمامها بالقضية لمصلحة تدخلها في سورية وغيرها، وبسبب حاجتها الى العودة للانخراط في المجتمع الدولي الذي كانت ترذله لانحيازه الى إسرائيل. وإطالة أمد الاستنزاف الذي تتعرض له في سورية بعد التدخل الروسي في بلاد الشام سيبقي على دورها الميداني فيها لأن الحملة العسكرية الروسية الجوية، مثل الحملة الأميركية، لن تقضي على «داعش» إلا إذا اقترنت بعمليات ميدانية على الأرض. ولا يبدو أن هناك غير القوات الإيرانية و «حزب الله» للقيام بالمهمة، خلافاً للمراهنة على أن ما بعد النووي سيعزز فرص الحل السياسي السوري. ولعل التدخل الروسي في سورية هو أحد تداعيات النووي، إذ إن موسكو تستبق التطبيع الإيراني - الأميركي حتى لا تستبعدها المساومات والصفقات.

الخبراء في العلاقة مع إيران في واشنطن يتوقعون أن تطول المرحلة التي تسبق تطبيع العلاقة بين العاصمتين وصولاً الى استبعاد حصول تقدم قبل العهد الرئاسي الجديد في واشنطن.

في الانتظار ما نشهده هو مرحلة أثمان تمرير الاتفاق. وهي لا تحصى.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأخير التطبيع الأميركي الإيراني تأخير التطبيع الأميركي الإيراني



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 02:37 2018 الجمعة ,24 آب / أغسطس

تسريبات جديدة لتصميم الهاتف ""Google Pixel 3 XL

GMT 23:42 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

عماد متعب يؤكد اللاعب المصري "قليل الطموح"

GMT 12:35 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

منصور الحربي يقترب الانتقال إلي من نادي الاتحاد

GMT 02:38 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

700 ألف دولار سنويًا تفصل بيليات عن الزمالك

GMT 02:32 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

5 لقطات غير متوقعة في حفلة أفريقيا لجوائز الأفضل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab