غارة إسرائيلية على جنيف 2

غارة إسرائيلية على "جنيف 2"

غارة إسرائيلية على "جنيف 2"

 السعودية اليوم -

غارة إسرائيلية على جنيف 2

عريب الرنتاوي

نفذت إسرائيل عدوانها الخامس على سوريا هذا العام، ودائما بذريعة منع وصول السلاح "الكاسر للتوازن" إلى حزب الله، وهي إذ تمتنع عن نفي أو تأكيد اعتداءاتها المتكررة على الأرض والسيادة السوريتين، فإنها لا تجد نفسها مضطرة أبداً لتقديم الأدلة التي تدعم مبرراتها الواهية وذرائعها التي لا تنطلي على أحد. ومن نافل القول، أن هذه العدوانات ما كان لها أن تتكرر على هذا النحو الوقح والسافر، لولا إدراك إسرائيل لصعوبة الوضع الذي تمر به سوريا، وانتفاء قدرتها على الرد من جهة، ولولا التواطؤ البالغ حد التشجيع من قبل بعض العواصم العربية والإقليمية التي لم تخف استياءها وغضبها الشديدين لامتناع واشنطن عن شن عدوانها الأوسع على دمشق من جهة ثانية، ولولا الدعم الأمريكي غير المحدود وغير المشروط لتل أبيب، حتى وهي تنتهك حدود وأجواء دولة ذات سيادة من جهة ثالثة. قبل اندلاع الأزمة السورية، وعلى امتداد سنوات طويلة، كان لبنان ساحة تصفية الحسابات بين سوريا وإسرائيل، مع أن تل أبيب نفذت عمليات متفرقة في عمق الأراضي السورية خلال هذه الفترة ... وظلت إسرائيل تنظر للبنان بوصفه ساحة "رخوة"، بمقدورها أن تعتدي عليها من دون انتظار عواقب وردات فعل غير محسوبة. اليوم، تبدو الصورة مختلفة تماماً ... بات لبنان ساحة يتعين على قادة إسرائيل أن يفكروا ملياً قبل اختراقها والتطاول على سيادتها، فيما سوريا الغارقة في أتون حرب أهلية وحروب الآخرين عليها، أصبحت هي الساحة "الرخوة" التي بمقدور سلاح الجو الإسرائيلي أن يستعرض عضلاته فيها، كيفما شاء، ووقتما شاء، وحيثما تشاء. والمفارقة أن إسرائيل تمارس عدوانها المتكرر والمتصاعد على سوريا في الوقت الذي لا تتردد فيه عن تقديم "العون الطبي" لمليشيات النصرة وعناصر المعارضة المسلحة في المستشفيات الإسرائيلية، وإعادتهم بعد إتمام العلاج إلى الجبهات التي سحبتهم منها، ليواصلوا حربهم على النظام مجدداً، لكأنها بذلك تحسم انحيازاتها عملياً بعد أن ظلت تدّعي لفظياً أنها ليست طرفاً فيما تشهده سوريا من حروب فيها وعليها ... ومن دون أن تشكل هذه العدوانات سبباً كافياً لمختلف الأطراف المصطرعة لإلقاء السلاح وإخراس المدافع والعودة إلى موائد الحوار والمصالحة والحلول السياسية. ولا يخفى على أحد أن العدوان الأخير عن سوريا، إنما يحمل في طيّاته جملة من الرسائل الدامية، حرصت إسرائيل على إرسالها لكل من يعنيهم الأمر، وبالطريقة التي اعتادت عليها ... فهي رسالة للنظام أولاً، مفادها أن قبوله بإطفاء سلاحه الكيماوي لا يعني إفلاته بعناصر التسلح "الكاسرة للتوازن" الأخرى، وبالذات دفاعاته الجوية وقواته الصاروخية الأكثر "استراتيجية"، وأن على النظام ألا يطمئن أبداً لتقدم قواته على محاور القتال في دمشق وغوطتيها وأريافها، وأنها قادرة على الدخول على خط المواجهة وقلب موازين القوى الأرض في غير مصلحته وبخلاف حساباته. وهي رسالة ثانياً إلى موسكو وواشنطن مؤدّاها أن إسرائيل ليست معنية بمسار "جنيف 2" ولا بالوجهة التي سيسلكها الحراك الدبلوماسي الكثيف حول الأزمة السورية، وأن لها ومصالح وحسابات في سوريا، ستعمل على أخذها بيدها من دون انتظار. وهي رسالة ثالثة إلى طهران تقول، بأن تل أبيب ماضية في حربها على إيران وحلفائها من دون هوادة، بعيداً عن "صفقة الكيماوي المتحققة بمواعيد متقدمة على جدولها الزمني المقرر، وبصرف النظر عن مآلات التفاوض الدولي مع إيران حول برنامجها النووي ودورها الإقليمي. وهي رسالة رابعاً، ربما تكون تل أبيب قصدت توجيهها لبعض العواصم العربية والإقليمية، للتأكيد بأن ما تفعله ضد سوريا المتعاونة في التخلص من "برنامجها الكيماوي" ستكرره مع إيران حتى وهي في ذروة تعاونها مع المجتمع الدولي للتخلص من "برنامجها النووي"، إن لزم الأمر. وبكلمات موجزة نقول: هي صفعة قوية، يوجهها سلاح الجو الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة والإبراهيمي ولكل من الكرملين والبيت الأبيض ... وهي اختبار بالنار، لجدية المسعى الأمريكي - الروسي لحل الأزمة السورية سلمياً ... وهي "عربون صداقة ومحبة" لكل الذين ناهضوا "جنيف 2" وعارضوه، بل ويعملون على إحباطه على الأرض من خلال المضي في دعم أكثر التيارات تطرفاً في أوساط المعارضة السورية المسلحة والسلمية، لكأن نتنياهو أراد بهذه الغارات أن يُخبر هذه الأطراف، بأن ما أخفقوا في الحصول عليه من واشطن، بمقدورهم الحصول عليه من تل أبيب، شريطة إبداء الاستعداد لدفع الثمن المناسب، والثمن المناسب هنا سيكون من "جيب" الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه ومستقبل نضاله.    

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غارة إسرائيلية على جنيف 2 غارة إسرائيلية على جنيف 2



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 10:11 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:49 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:41 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 16:37 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ريتشارد ديرلوف نادم على دعم بوتين في الانتخابات

GMT 07:08 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

تعرفي على أصول وقواعد ارتداء الحجاب

GMT 11:20 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

صفاء سلطان تُذبح و"الانستغرام" يحذف الفيديو

GMT 22:44 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

Haute Coutureِ Fall/Winter 2016-2017

GMT 12:12 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

"Mulberry" يقدم مجموعة تسيطر عليها ألوان الباستيل

GMT 23:43 2017 الخميس ,18 أيار / مايو

عمر خربين يرفض المقارنة مع مواطنه السومة

GMT 08:58 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

السر الحقيقي للقصر المسكون في "ما يطلبه المستمعون"

GMT 12:55 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

كندي يقتل 8 أشخاص "مثليين" ويدفنهم في حديقة أحد زبائنه

GMT 11:52 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل الجنية السوداني الاحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab