الإخوان والسلفيون  إشكالية العلاقة وأثمانها

الإخوان والسلفيون ... إشكالية العلاقة وأثمانها

الإخوان والسلفيون ... إشكالية العلاقة وأثمانها

 السعودية اليوم -

الإخوان والسلفيون  إشكالية العلاقة وأثمانها

عريب الرنتاوي

تكشفت سنوات الربيع العربي الثلاث، عن قدرة فائقة لدى الإخوان المسلمين في منطقتنا، على إقامة مروحة واسعة من التحالفات، شملت دائماً، تيارات علمانية من يسارية وقومية وليبرالية من جهة، وأحياناً فلول الأنظمة البائدة وامتداداتها (إخوان مصر والمجلس العسكري، إخوان سوريا وعبد الحليم خدام) من جهة ثانية، فضلاً عن تحالفاتهم الأوثق مع تيارات سلفية من مدارس مختلفة من جهة ثالثة... البعض رأى في ذلك انتهازية لا مرونة، أما من وجهة نظر كاتب هذه السطور، فإنها نقطة تسجل للإخوان لا عليهم، فكيف ذلك، وما هي تداعيات كل هذه الأنماط من التحالفات على وجهة الإخوان وتوجهاتهم، دع عنك سمعتهم وصدقيتهم، واستتباعاً نفوذهم وشعبيتهم. في أكثر من دولة عربية، تحالف الإخوان مع العلمانيين، قبل الثورات وفي سياقاتها غالباً، وبعدها في بعض الأحيان (الأردن – تنسيقية المعارضة، سوريا المجلس والائتلاف الوطنيين، مصر – الإنقاذ وشباب التحرير، تونس وتجربة الترويكا) ... مثل هذه التحالفات أدت في سنوات الربيع العربي وقبله، إلى دخول مفردات حداثية جديدة على الخطاب الإخواني، الذي رأيناه يندفع في "أسلمة خطاب العلمانيين" بعد استعارة كثير من عناصره المكوّنة، وإن على المستوى اللفظي والمشروط. لكن في المقابل، رأينا الإخوان في عدة دول عربية (مصر، تونس وسوريا والأردن نسبياً)، يسعون في الاقتراب والتقارب مع التيار السلفي بتلاوينه ومرجعياته المختلفة ... تارة لأن هذا التيار، يمتلك رصيداً شعبياً وضعه في المنزلة الثانية بعد الإخوان، وتارة ثانية لفشل محاولات التوافق مع العلمانيين لأسباب ليس هنا مجال بحثها ... ودائما بسبب "صلات القربى" الفكرية والعقائدية بين الطرفين ... مثل هذه التحالفات، الطوعية أو الاختيارية، أفضت وتفضي إلى نكوص الإخوان عن بعض ما أحدثوه من مراجعات وأدخلوه من مقاربات في خطابهم وبرامجهم، بالذات في النصف الثاني من العقد الفائت، وأحدت شرخاً بين خطاب الإخوان وممارساتهم. واحدة من أسباب الاختلاف والتفاوت بين تجربتي حكم الإخوان في مصر وتونس (من بين أسباب أخرى عديدة لا مجال للخوض فيها الآن) أن إخوان مصر اعتمدوا كثيراً على حلفهم مع السلفيين بأحزابهم المختلفة التي نجحت في الوصول إلى البرلمان، وحصدت ما يقرب من خُمص أصوات الناخبين ... هذا التحالف مكّن إخوان مصر من أغلبية كاسحة مضمونة في مجلسي الشعب والشورى، وجعلهم يذهبون إلى دستور وتشريعات وإجراءات وسياسيات، تم اتخاذها وصياغتها تحت ضغط السلفيين كذلك، أدت إلى ما أدت إليه من تداعيات باتت معروفة للجميع. في تونس اختار النهضة الدخول في ائتلاف (ترويكا) لإدارة مرحلة ما بعد ابن علي، وظل السلفيون عملياً خارج موقع "بيضة القبّان"، ما مكن النهضة من هوامش مناورة أوسع، وجعله مضطراً للتكيف على نحو أكثر مرونة مع تحديات مرحلة الانتقال التي تمر بها البلاد، من دون أن يعني ذلك أن السلفيين من خارج أطر الحكم، فقدوا تأثيرهم السلبي على النهضة، فالجانبان يحصدان من حقل واحد تقريباً، وكل فريق يدّعي أنه صاحب القراءة الأصوب للشرع والشريعة، أن التنافس سيظل حاضراً بتأثيراته المتبادلة، سواء كان هناك تحالف أم لا، من مقاعد السلطة أو من شوارع المعارضة ... لكن "نهضة تونس" كان أقل عرضة للتأثير و"الابتزاز" من حلفائه ومنافسيه السلفيين، ولعل هذا واحدٌ مما ميّز التجربة في تونس عن مثيلتها في مصر على سبيل المثال لا الحصر. في سوريا، تبدو الصورة أكثر تعقيداً ... سياسياً وجد الإخوان أنفسهم في حلف واحد من العلمانيين بمختلف مدارسهم في إطار المجلس الوطني ومن ثم الائتلاف الوطني الأوسع ... بيد أنهم ميدانياً وعلى الأرض، كانت ألويتهم المسلحة على صلة تحالف وطيدة مع التيارات السلفية الأخرى، حتى أنهم انبروا للدفاع عن "النصرة" عندما في واشنطن في قائمة المنظمات الإرهابية السوداء. في الأردن خَبِرَ الإخوان تحالفاً مديداً (صعباً وشائكاً) من العلمانيين، من شيوعيين ويساريين وقوميين، بيد أنهم حفظوا حداً أدنى من العلاقات مع التيارات السلفية المختلفة، زاروا خيمة العزاء بأبي مصعب الزرقاوي واعتقل ثلاثة من نوابهم، وسيّروا وفداً رفيعاً وعريضاً إلى معان للتهنئة بالإفراج عن معتقليهم، وفي الخلفية دائما، التحوّط لوقت تتبلور فيه إرادة السلفيين للانخراط في العمل الوطني العام، كحركة سياسية تسعى للمشاركة والتمثيل، تماماً مثلما حصل في تونس ومصر وليبيا وغيرها، وفي مسعى إخواني لتبديد أثر "ورقة السلفيين" التي طالما لوّحت بها جهات في الدولة في مواجهاتها المفتوحة مع الإخوان. خلاصة القول: أن تحالفات الإخوان مع السلفيين، تدخل الإخوان في تناقض بين أولويتين: الأولى، وتتمثل في ضرورات التكيف مع شروط الحكم وآليات الوصول إلى السلطة وإدارة مرحلة الانتقال ... أما الثانية فتتجلى في الحرص على حفظ المضمون "العقائدي/ الدعوي" للجماعة، وصون تميزها كحركة إسلامية تعمل في بيئة منافسة ... وفي كلتا الحالتين، فإن السلفيين الذي قد ينظر لهم كذخر "تكتيكي" مؤقت لجماعة طامحة للسلطة والحكم، ينقلبون في بعض الأحيان والتجارب (مصر نموذجاً)، وقد يصبحون في غيرها، عبئاً استراتيجياً على مشروعها السياسي، يجردها مرونة الانتقال من المعارضة إلى السلطة، ويحد من قدرتها على قيادة (أو المشاركة في قيادة) مرحلة الانتقال التي تمر بها دول ومجتمعات عربية عديدة.    

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والسلفيون  إشكالية العلاقة وأثمانها الإخوان والسلفيون  إشكالية العلاقة وأثمانها



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 21:43 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

"الإعلاميين" تنعى الاذاعية فوزية المولد

GMT 10:28 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"بي إم دبليو" تطلق سيارات جديدة في روسيا

GMT 11:41 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مهاجمان من الدوري الإسباني على رادار "برشلونة"

GMT 22:00 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

لعبة Clash Royale تحقق أرباح 2 مليار دولار

GMT 01:52 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

جولف GTI خارقة تحمل محركين وقود بقوة 1600 حصان

GMT 04:26 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

الإمارات والصين.. شراكة استراتيجية

GMT 00:02 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

دبي تطلق أضخم مشروع لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة

GMT 09:08 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

التجارب الحياتية تصقل الإنسان وتجعله أقوى نفسيًا

GMT 23:40 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

إطلالة مميزة بالجدائل الملونة لمظهر متجدد دائمًا

GMT 07:34 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تختنق بالضباب الدخاني ومواطنوها يهربون إلى الخارج
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab