من هم صُنّاع داعش ورعاتها

من هم صُنّاع "داعش" ورعاتها؟!

من هم صُنّاع "داعش" ورعاتها؟!

 السعودية اليوم -

من هم صُنّاع داعش ورعاتها

عريب الرنتاوي

ينهض الخطاب السياسي والإعلامي لمحور إقليمي بأكمله، يمتد من 14 آذار في لبنان مروراً بالائتلاف الوطني في سوريا، وبعض قوى الأنبار السياسية، فضلاً عن رعاتهم من عرب وإقليميين، ينهض خطاب هؤلاء على فرضية تقول إن "داعش" هي صناعة إيرانية – سورية، أسهم حزب الله وبقية أطراف هذا المحور، في تصنيعها وإطلاقها إلى حيز الوجود والتأثير، ومن يقرأ تصريحات و"مقالات" بعض الناطقين باسم هذا المحور، يدرك أن "أمر عمليات واحد" قد صدر لهم جميعاً لتكثيف الحديث بهذا الاتجاه، وبهذا الاتجاه فقط. وتستند هذه الفرضية / الاتهام إلى بعض المعطيات، منها على سبيل المثال لا الحصر، إقدام النظام السوري على إطلاق عدد من سجناء القاعدة وتفريعاتها في السنة الأولى للثورة / الأزمة السورية، وهرب المئات منهم من سجون حكومة المالكي، وبقية الحكايات المعروفة عن روابط طهران مع بعض قيادات القاعدة واستضافتها لهم وهم في طريق الذهاب أو العودة من وإلى أفغانستان، أما مبررات المالكي والأسد لفعل ذلك، فهي من وجهة نظر هذا الفريق: "شيطنة" معارضيهم، والإمعان في تهميش المكون السنّي في الدول الثلاث التي طالما قلنا انها تشهد "حرباً واحدة". الأصل، أن هذا الاتهام سبق وأن ارتفع في وجه التيار الذي يرفعه اليوم ضد خصومه، استناداً إلى الخلاف الإيديولوجي/ المذهبي العميق بين القاعدة والسلفية الجهادية من جهة وكل من إيران وحلفائها وهلالها من جهة ثانية، فضلاً عن كون "البيئة المنتجة والحاضنة" للقاعدة وتفريعاتها، إنما تندمج وتتماهى مع الحواضن الاجتماعية والمذهبية لهذا الفريق، ومن يستعرض مروحة أسماء قتلى التيار الجهادي ورموزه، يجد أن يتحدّرون من بيئة هذه التيارات وحواضنها الإقليمية والعربية. السياسة، وبالأخص الأمن، لا تعترف بحدود الجغرافيا وتقسيمات سايكس بيكو والهويات المذهبية والدينية والقومية ... لا شك أن إيران استفادت من توظيف القاعدة في "الجهاد" ضد الأمريكيين في العراق وأفغانستان، ألم تستفد واشنطن من هؤلاء أنفسهم في "الجهاد" ضد السوفييت في أفغانستان كذلك، ومن دون أن تقيم كبير وزن للطبيعة الإرهابية لهذه المنظمات؟! النظام السوري فعل شيئاً مماثلاً، فهو سهّل دخول السلفية الجهادية عبر حدوده مع العراق، ووسع دائرة تسهيلاته لتشمل لبنان ومخيماته حين كانت له اليد العليا عليه قبل اغتيال رفيق الحريري ... وكان الحصاد مواتياً تماماً لدمشق، فقد خرج الأمريكيون من العراق يجرجرون أذيال الخيبة، ومن دون أن تتاح لهم فرصة تمديد احتلاله ليطال دمشق وعواصم أخرى... والمرجح أن النظام السوري ما كان ليتوقع أن يأتي اليوم الذي سينقل فيه هؤلاء بندقيتهم من كتف إلى كتف، أما المؤكد فهو أن النظام لم يقدر أن هذا اليوم سيكون قريباً، بل وقريباً جداً. حلفاء النظامين السوري والإيراني في بغداد اليوم، هم أنفسهم الذي "ذاقوا الأمرين" من القاعدة والسلفية الجهادية في الأعوام 2005 – 2008، ألم يهدد المالكي الرئيس السوري بجلبه إلى محكمة جرائم الحرب الدولية، قبل أن تدور الدوائر، ويتحول الأعداء الألداء إلى أصدقاء حميمين ... الأولوية في عراق تلك الحقبة، كانت لطرد الأمريكيين وهذا ما عملت عليه طهران ودمشق، يداً بيد، وقد نجحتا، حتى وإن دفع عشرات ألوف العراقيين الشيعة الثمن باهظاً. بعض دول المنطقة الكبيرة منها والصغيرة، استخدمت القاعدة بأشكال مختلفة ومراحل مختلفة ... من الحلف غير المقدس، ضد "العدو الشيوعي" إلى الحلف غير المقدس ضد "العدو الشيعي" ... لبنان كان ساحة تجلت فيها أبشع هذه الاستخدامات ضد "حزب اللات الرافضي"، واليوم تحولت سوريا إلى "حلبة" لأكثر أشكال الصراعات دموية، حيث تستخدم القاعدة بمسمياتها المختلفة في الحرب ضد النظام "النُصيري"، ومن ثم تُقدم ككبش فداء في الصراع على تمثيل المعارضة وتقاسم النفوذ والهيمنة عليها، ولا بأس أن يدفع عشرات ألوف السوريين، من سنة وعلويين، الأثمان الباهظة لهذه الحروب القذرة. القاعدة ليست بندقية للإيجار، هذا تبسيط مُخل لواقع هذه الحركة وتركيبتها وطبيعة قياداتها وفكرها ومناهج عملها ... بيد أن القاعدة بخلاف الانطباع السائد عنها، تمتلك هوامش "معقولة" للمناور واللعب على التناقضات وتوظيفها، وللتنظيم الدولي خبرة في "فقه الأولويات والضرورات"، أقله من منظور حساباته وأهدافه ومصالحه وظروفه ... فهو حليف النظام السوري غير المباشر اليوم، وعدوه اللدود في الغد، حليف محور الاعتدال العربي والإسلامي ضد السوفييت، وعدوه اللدود في اليوم التالي، حليف السادات وقاتله، حليف 14 آذار اليوم، من دون أن يمنع ذلك من استهداف رموزه ومؤسساته ومصارفه في الغد ... هذه هي سيرة القاعدة وتفريعاتها، لمن أراد أن يكون منصفاً، من يراقب سلوك القاعدة وتحالفاتها، يدرك أن للجماعة أهدافاً لا تخطئها ولا تتنازل عنها. بعد اندحار السوفييت والمعسكر الشيوعي، وقبل بعد سقوط العراق في قبضة الاحتلال الأمريكي وتمدد النفوذ الإيراني /الشيعي في المنطقة، كرّست القاعدة جل عمليات ضد أهداف غربية وصديقة للغرب، ودشّن التنظيم "عقد العمليات الكبرى" ضد الولايات المتحدة وحلفائها في أفريقيا واليمن وأوروبا وصولاً إلى غزوتي نيويورك وواشنطن، لكن الأولويات تغيرت بعد ذلك، بالأخص بعد العام 2005، حين وقع العراق في قبضة أصدقاء إيران وحلفائها، واغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وتعمق الشرخ المذهبي في المنطقة، ليبلغ حدوده القصوى مع اندلاع الأزمة السورية، ولتُدشّن القاعدة "عقد الحرب المفتوحة على هذا المحور" في دوله الثلاث. مثل هذه التبدل في أولويات القاعدة واستهدافاتها، ينسجم أتم الانسجام مع مصالح وحسابات دول ومنظمات وشبكات دعوية ومجالس فقهية وأجهزة استخبارية ليست خافية على أحد ... وإذا كان لا بد من ربط القاعدة بأي من المحورين المصطرعين في المنطقة، فإنها من دون شك، الأقرب إلى المحور المناهض لإيران وحلفائها، بخلاف الفرضية / الاتهام الذي بدأنا الحديث عنه في مطلع مقالتنا اليوم. أما مطلقو الاتهام بأن القاعدة "صنعت في طهران – دمشق – بغداد – الضاحية الجنوبية"، فإنهم يستخفون بعقولنا جميعاً، هدفهم الأول والأخير درء الاتهام عن أنفسهم لا أكثر، والأهم، قطع الطريق على ميل غربي جارف للتعاون مع روحاني في إيران والمالكي في بغداد، وربما مع الأسد في سوريا، وقد يتطاول التعاون ليصل حزب الله في مرحلة ما، ودائماً تحت شعار الحرب على الإرهاب، وهم اليوم يضحون بالنسخة الأكثر قبحاً من القاعدة ممثلة بـ "داعش" من أجل تسويق نسخة مزيدة ومنقحة عنها ممثل بـ "النصرة" و"الجبهة الإسلامية" و"جيش المجاهدين".  

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:03 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

حانت لحظة الرحيل

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

GMT 15:01 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

من غزو العراق... إلى حرب غزّة

GMT 15:00 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

عن رسالة بوريل ومستقبل أوروبا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من هم صُنّاع داعش ورعاتها من هم صُنّاع داعش ورعاتها



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 10:19 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

علامة تحذير خطيرة في البول لمرض السكري النوع 2

GMT 15:50 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

دنيا عبد العزيز تكشف حقيقة زواجها من فاروق الفيشاوي

GMT 17:19 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مي سليم مذيعة مشهورة في "قرمط بيتمرمط" مع أحمد آدم

GMT 11:07 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

لقاء سويدان تستأنف تصوير دورها في "البيت الكبير"

GMT 17:58 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

مذيع شبكة "إن بي سي" المشهور مات لاور يعتذر في بيان رسميّ

GMT 13:09 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هاري كين يرد على كلمات زين الدين زيدان

GMT 00:35 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

ناصر حمدادوش يؤكد تعدي البرلمان على الدستور

GMT 12:23 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

"موفنبيك بوابة ابن بطوطة" في دبي ينال العضوية الذهبية

GMT 08:34 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

الذهب يسجل تراجعًا بفعل تعافي الدولار

GMT 17:34 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

المرأة السعودية أصبحت قريبة من منصب "قاضية"

GMT 09:10 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"أبل" تعلق عمل تطبيق استخدم لتنسيق حصار مبنى الكونغرس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab