شارون ونظرية العقاب الإلهي

شارون ونظرية "العقاب الإلهي"

شارون ونظرية "العقاب الإلهي"

 السعودية اليوم -

شارون ونظرية العقاب الإلهي

عريب الرنتاوي
أن يعبّر الفلسطينيون عن أعمق مشاعر الكراهية والاحتقار لرئيس حكومة إسرائيل الأسبق أريئيل شارون، فهذا أمر مفهوم تماماً، فليس من بينهم جيل واحد من أجيالهم الأربعة الأخيرة، أو تجمع واحد من تجمعات انتشارهم، لم يكتو بنيران جرائمه، ولم يذق المرارة والعذاب جراء جرائمه المتلاحقة بحق شعبهم وقضيتهم وأحبتهم وأهلهم ... وما ينطبق على الفلسطينيين، ينطبق بقدر أو بآخر على عدد من الشعوب العربية، وبالذات في الدول التي حملت يوماً اسم "دول الطوق". لكن أن تعتبر وفاته، وهو السادر في غيبوبة عميقة منذ تسع سنين، بمثابة "لحظة تاريخية" و"نصر مبين"، يستحقان الاحتفاء والاحتفال والاستعراضات العسكرية، فتلك سخافة ما بعدها سخافة ... فالرجل مات ميتة طبيعة، عن عمر ناهز الخمسة والثمانين عاماً، وهذا أعلى بخمسة عشر عاماً من متوسط أعمارنا نحن شعوب هذه البقعة من العالم ... شارون لم يتلق رصاصة في ظهره وهو هارب أمام جحافلنا ومقاتلينا وفدائيينا، شارون مات على سريره بعد أن شرّدنا أكثر من مرة، ومن أكثر من ساحة. وأن يُقال في غيبوبته بأنها "عقاب إلهي" على ما اقترفت يداه الملطختان بدماء الفلسطينيين والعرب، فهذا ضرب من ضروب الخرافة التي تنم عن بؤس القائلين بها، وتعكس حالة عجز وإحباط مقيمة، وتحيلنا إلى اشتهاء الانتقام من العدو، بالاعتماد على القوى "الماورائية"، والاستنجاد بشياطين الأرض وملائكة السماء، بدل الاعتماد على أنفسنا .... ثم أن الأخذ بهذه النظرية الخرقاء، يعني أن من لفظ من قادة إسرائيل أنفاسه الأخير سريعاً، لم يفعل ما يستحق هذا "العقاب الإلهي"، بل وربما استحق أن يكافأ وأن "يُدلل"، لا لشيء سوى أنه قضى من دون عذاب و"غيبوبة"، فهل آتاكم حديث إيهود بارك وشاؤول موفاز وموشيه ديان، ألم يقارف هؤلاء من الجرائم ما يكفي لبقائهم مقيدين إلى أجهزة الإنعاش والتنفس الاصطناعي حتى يومنا هذا؟ نحن الذين أخفقنا في كبح اندفاعة المشروع الاستعماري – الصهيوني، وخسرنا معظم معاركنا وحروبنا أمامه، لم يعد لدينا على ما يبدو سوى انتظار "العناية الإلهية" للتدخل للثأر لنا والانتقام من أعدائنا ... نحن العاجزون عن التقدم في ميادين الحرب والقتال والمقاومة، بتنا نؤثر الجلوس على مقاعد الانتظار والفرجة، على أمل أن تلوح في الأفق بوادر فرج جديد، ومن الآن وصاعداً، علينا أن نحصي بدقة، معدل أعمار قادة إسرائيل وترقب الكيفية التي سيموتون بها، لمعرفة حجم هذا التدخل "الإلهي" في كفاحنا العادل والمشروع من أجل حريتنا واستقلالنا. شارون مجرم حرب، بكل المقاييس والمعايير الإنسانية والدولية، لديه سجل أسود ملطخ بدماء الأطفال والنساء الفلسطينيين والأسرى المصريين ... لكنه من بؤسنا وفشلنا، قضى قبل أن نذيقه مرارة الهزيمة، وقبل أن نزج به خلف قضبان العدالة الدولية بتهم تليق به ويليق بها، وبقصاص عادل يعيد الحياة لكل أولي الألباب. شارون مجرم حرب، وكذا قائمة لا تنتهي من قادة إسرائيل، عسكرهم وسياسييهم، أليس نتنياهو بمجرم حرب كذلك ... أليس الرجل هو من أعطى عشرات ومئات الأوامر بقتل الفلسطينيين في غزة ومطاردتهم في الضفة، وملاحقتهم إلى لبنان، واغتيال قياداتهم ورموزهم، وهدم منازلهم ومصادرة أراضيهم، والتنكر لحقوقهم ... أي عقاب سيلقى هذا الرجل خارج إطار غرف العناية المشددة، أي مصير ينتظر هؤلاء، بل أي مصير ينتظرنا نحن الذين لم يعد لدينا من أمل بمعاقبة أعدائنا سوى بالدعاء عليهم بالموت والغيبوبة. قديما قال الشاعر "كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً ... وحسب المنايا أن يكن أمانيا" ... هذا ما كنّا نتمناه قديما لأنفسنا حين تضيق علينا بما رحبت، أما اليوم فقد توسعنا باستخدام هذه "النظرية"، وزدنا إلى أمنياتنا السابقة، أمنية جديدة، وهي الزج بأعدائنا لأطول مدة ممكنة، في غرف الإنعاش، علهم يصطلون بنار العذاب في الدنيا قبل الآخرة، ظناً منّا أنهم يسامون سوء الألم والعذاب في غيبوبتهم، وبئس الظن الذي لا تدعمه فرضيات الطب ونظريات العلوم.  
arabstoday

GMT 13:43 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترمب: لا تحبسوني

GMT 13:40 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «السِّتّ» إبداعٌ وإضافة

GMT 13:38 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانحون الكبار وضحاياهم

GMT 13:35 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صعوبة استقبال الجديد في سوريا

GMT 13:33 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صحافة الابتزاز

GMT 13:30 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

هذا فعلًا محمد صلاح

GMT 13:28 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

خطأ احترافى كبير من محمد صلاح

GMT 13:25 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

2025... سنة مغربيّة بامتياز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شارون ونظرية العقاب الإلهي شارون ونظرية العقاب الإلهي



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 05:12 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تطبيقٌ جديد يُسمّى "Mei" يُحلِّل الرسائل النصية

GMT 01:45 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

غياب ياسر القحطاني ونواف العابد عن تدريبات الهلال

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ماني يسجل الهدف الرابع في الدقيقة 49 ضد أتالانتا

GMT 08:41 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

عز الدين بيزان الإبن على خطى والده في أهلي طرابلس

GMT 07:15 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

شاومي تطور عالم الهواتف بهاتف غير مسبوق

GMT 11:07 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المطران حنا يؤكّد أهمية استعادة القضية الفلسطينية

GMT 13:31 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"غوغل" يريد إسقاط ترامب في انتخابات 2020

GMT 21:23 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

ليفربول يفوز بلقب دوري أبطال أوروبا بنتيجة 2-0

GMT 18:24 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

هوساوي يغيب عن تدريبات الاتحاد بسبب ظروف عائلية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon