بين عهد التميمي وحمزة الخطيب
أخر الأخبار

بين عهد التميمي وحمزة الخطيب

بين عهد التميمي وحمزة الخطيب

 السعودية اليوم -

بين عهد التميمي وحمزة الخطيب

بقلم - علي الرز

مع كل جلسةِ محاكمةٍ للمناضلة الفلسطينية الصغيرة عهد التميمي، تَنْقل وسائل الاعلام صوراً حية للقضاة والمحامين وذوي تلك الفتاة التي صارتْ أيقونةً لمقاومةِ الاحتلال. تبتسم عهد في المحكمة وترْفع علامة النصر فيما القاضي يتلو الاتهامات: إعاقة عمل السلطات. إهانة جنود وصفْع بعضهم، التحريض، التهديد، أعمال شغب وإلقاء حجارة ...

عهد، الطفلة التي دأبتْ منذ 2009 على الانتظام في مسيراتٍ أسبوعية في قريتها النبي صالح تنديداً بالاحتلال والاستيطان والجدار العنصري، أَدهشتْ الإعلاميين والمراقبين والمتابعين السياسيين بشراستها ضدّ الجنود الإسرائيليين اذا تعرّضوا للمتظاهرين وخصوصاً أفراد أسرتها. قال لها والدها في المحكمة: "ابتسمي وافردي شعرك، كوني أنتِ، فأنتِ بطلة، رمز الجيل الجديد من الفلسطينيين الباحثين عن الحرية. جيلنا انتهى أمْره، أنت حاملة الراية"... فردّتْ شَعْرَها وابتسمتْ فيما فريق محاميها برئاسة غابي لاسكي يعمل ليل نهار لإطلاقها مستفيداً من كونها قاصرة ومن كون الأعمال التي قامت بها إنما ناتجة عن بيئةٍ ساد فيها القمع والاحتلال.

غالبية المتعاطفين آلياً مع عهد انسجمتْ مواقفُهم مع إرثٍ طُبع في الوجدان والضمير لأكثر من ستة عقود. إرثُ فلسطين التي ذُبحت مرات من الاحتلال ومرات من التآمر الدولي ومرات من تَقاتُل أبنائها ومرات من استخدام العرب لقضيتها في تصفية حساباتهم. لكن ما يلفت في قضية التميمي هذا المستوى المخيف من النفاق والانفصام لدى النخب الفكرية والإعلامية العربية التي وجدتْ ربما قصةً تُخْرِجُها من صَمْتٍ هو أقرب الى المشاركة منه الى "الحياد"، فإسرائيل جسمها "لبّيس" ويمكن ان تحظى بأطنان من الإدانات والاستنكارات والتظاهرات، أما ديكتاتور البراميل فجسمه "معصوم" عن التنديد ولو كانت مجازره مدرسة لا تقبل في صفوفها حتى عناصر الهاغاناه وشتيرن وأرجون.

مثالٌ واحد فقط من عشرات الآلاف يفضح دخول هذه النخب الإرادي كهوف النفاق... والتواطؤ.

حمزة الخطيب، طفلٌ سوري في عمر قريب لعهد التميمي، وُلد في قرية الجيزة، خرج في نيسان \ابريل 2011 في تظاهرةٍ لكسْر الحصار عن بلداتٍ في درعا عانتْ الأمرّين من التجويع والتقتيل. يومها كان في الثالثة عشرة من عمره والثورة السورية في بداياتها حيث لا "داعش" ولا "نصرة" ولا غيرها من أدوات الممانعة التي استُخدمت لاحقاً. قريته كلها تقريباً بنسائها وشيبها وشبابها وأطفالها خرجت سلمياً تنادي برفْع الحصار فقط، وحمزة يهتف ويصفّق ويضحك مع أقرانه، الى أن وصل الى حاجز للجيش السوري أطلق جنوده النار عشوائياً على المتظاهرين ... ثم اعتُقل مع 50 شخصاً.

سأل أهل حمزة عنه بعد أيام، فأفيدوا بأنه في فرع المخابرات الجوية التي تحقق معه وستطلقه ... أَطْلَقَتْه فعلاً وأَعادتْه الى منزله جثةً، ونقلتْ صحيفةٌ كندية عن طبيب شرعي انه عاد بلا فكّين وبجسدٍ مليء بالحروق وبالصدمات الكهربائية وكدمات الضرب بالكابلات بينما قُطع عضوه التناسلي.

حمزة لم يضرب جندياً سورياً، لم يُلْقِ بالحجارة على أحد، رأى الناس يخرجون طلباً للحرية والتغيير فخرج وعاد كما عاد. مثّلوا بجثته ليعرف أبناء درعا وسورية لاحقاً ان مصيرهم سيكون مماثلاً إن كرروا كلمة "حرية". أَحرقوا لحمه ليعرفوا ان الحريق سيطال البلد إن فكّر أحد بتغيير الأسد. كسروا فكّيه وطحنوا عظامه ليعرفوا ان القرى والمدن ستتكسّر على مَن فيها وتطحن ساكنيها. قطعوا عضوه التناسلي كي يعرفوا أن الإبادة ستشملهم وذريتهم إن فكروا مستقبلاً في تغيير ولاية الذرية الحاكمة.

استعرِضوا أسماء المتعاطفين مع عهد التميمي (وهي تستحقّ ذلك وأكثر) من مفكرين وكتّاب وإعلاميين وسياسيين عرب، وقارِنوا بين مواقفهم من قصتها ومواقفهم من قصة حمزة الخطيب فلن تجدوا أيّ تَضامُن معه بل كل التضامن مع قاتِله.

هي طفلةٌ وهو طفلٌ، هي بدأتْ بالتظاهر من عشر سنوات وهو سار في تظاهرةٍ واحدة فقط، هي طالبتْ بهدْم الجدار العنصري وإنهاء الاحتلال وهو طالب بهدْم جدران القمع والكراهية والتمييز بين أبناء الشعب الواحد وإنهاء الحصار، هي ضربتْ جندياً مُغْتَصِباً وهو قَتَله ومثّل في جثته جندي سوري ينتمي الى سلطة غاصبة، هي ذهبتْ الى المحكمة وهو ذهب الى القبر، هي رفعتْ علامة النصر أمام القاضي وهو طُحنت أصابعه قبل إحراقها، هي ابتسمتْ لأهلها ومحاميها في المحكمة وهو عاد بلا فكّين فكفنته دموع مودّعيه، هي طالَبها والدها بأن تفْرد شعرها لأنها صارتْ رمزاً لجيل جديد من الفلسطينيين الباحثين عن الحرية وهو فَرَد آلامه وعذاباته على مساحةِ القهر التي تحاصرنا وصار رمزاً لعجْزنا ونفاقنا وخوفنا ومشاركتنا، صمتاً او تأييداً، في المجازر.

هي في فلسطين المحتلّة وهو في سورية ... الأسد.

arabstoday

GMT 14:49 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

قَطْشِة أبو خليل

GMT 05:02 2018 السبت ,11 آب / أغسطس

إذلال؟

GMT 06:03 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

شيعة البراميل... والسفارة!

GMT 06:39 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

منصّة صواريخ ... لا دولة!

GMT 04:23 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين عهد التميمي وحمزة الخطيب بين عهد التميمي وحمزة الخطيب



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - السعودية اليوم

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أورسولا فون دير لاين تؤكد ضرورة تولي أوروبا مسؤولية أمنها
 السعودية اليوم - أورسولا فون دير لاين تؤكد ضرورة تولي أوروبا مسؤولية أمنها

GMT 14:41 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ساناي تاكايتشي تُشدد على بناء علاقات مستقرة مع بكين
 السعودية اليوم - ساناي تاكايتشي تُشدد على بناء علاقات مستقرة مع بكين

GMT 07:46 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 10:00 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

أسعار النفط تتراجع وسط توقعات بزيادة الامدادات

GMT 20:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

منتجع فاخر وسط سهول توسكانا في إيطاليا

GMT 15:46 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إينيس دي سانتو تطلق تصاميمها لفساتين الزفاف ٢٠١٨

GMT 07:11 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

عباس يؤكّد إبعاد رموز النظام المعزول لتفكيك “الدولة”

GMT 19:19 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

عبد العزيز الفيصل رئيسًا للأولمبية السعودية

GMT 00:02 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

انطلاق بطولة العيد الوطني لسباقات القدرة في البحرين

GMT 22:46 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

مستحضرات التجميل أثناء الرياضة تتسبب بضرر للبشرة

GMT 21:32 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"كروم 70" يدعم وضع صورة داخل صورة في ماك وويندوز ولينكس

GMT 23:30 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

بورش ستطلق كروس أوفر كهربائية في عام 2022

GMT 23:43 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

برهم صالح يدعو إلى تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أمطار على مركزي الزيته وعلقان بمحافظة حقل

GMT 15:58 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

10 مراكز متقدمة للسويداء في بطولة الجمهورية للرماية

GMT 14:37 2018 الإثنين ,20 آب / أغسطس

مقتل جندي أميركي إثر تحطم طائرة في العراق

GMT 23:02 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

أفضل مطاعم حلال في باتومي في جورجيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon