أنا بشار يعيدون تأهيلي

أنا بشار ...يعيدون تأهيلي!

أنا بشار ...يعيدون تأهيلي!

 السعودية اليوم -

أنا بشار يعيدون تأهيلي

بقلم:علي الرز

جَلَسَ أعضاء الوفد الروسي أمامي بوجوهٍ كأنها من شمْعٍ لا يتحرّك فيها عصَبٌ. نشروا الخرائط وبدأ كبيرهم الكلام:

السيّد الرئيس، فعلْنا كل ما نستطيع من أجل إبقائك في السلطة. غَطّيْنا المجازر دولياً، وشاركْنا في القتال محلياً. أَخْرَجْناك من مأزقِ الكيماوي الأول عبر اتفاق بوتين - أوباما، وضَغَطْنا كي تأتي ردة الفعل الدولية الثانية إثر خان شيخون محصورةً ببضعة صواريخ من ترامب لم يعرف أين سقطتْ وقال لاحقا إنها ذهبتْ الى العراق. (ابتسم أحد أعضاء الوفد ثم سحب ابتسامته فوراً مع نظرةٍ نافذةٍ من كبيره).

أَرْسَل الحلفاء لك كلّ مرتزقٍ في المنطقة بعدما صار جيشك مجموعات مرتزقة. دخلتْ إيران وميليشياتها على الأرض، وسيطرتْ السوخوي على الأجواء، ودرّبنا طيارينا بِلَحْمِ السوريين الذين انتفضوا ضدّك.

غول التطرف أُطلق في اللحظة المناسبة إقليمياً ودولياً. أَخْرَجْنا "البضاعة" من السجون في العراق وعندكم ومن اليمن وحتى الشيشان، وطلبتْ إيران من قيادات عندها تحريك الأمور على الأرض تماماً كما فعلتْ بعد احتلال أميركا للعراق. صار عندنا سلاحان قاما بخدمتك كما لم يفعل لا جيشك ولا أقرب المقرّبين لك ... النصرة وداعش.

إفْتَتَحْنا قناةً مهمة جداً مع الاسرائيليين لحماية نظامك، نخبرهم بكل طلعاتنا الجوية وتَحَرُّك دباباتك على الأرض، لا نضربهم ولا يضربوننا، وإن ضَرَبوا فبعض الصواريخ الإيرانية او تلك الذاهبة الى الميليشيات ... هذا من ضمن الاتفاق، وما كان عليكم إلا الصمت او التنديد او التحذير من أنكم ستردّون في المكان والزمان المناسبيْن كما تفعلون دائماً، لأن أعداء الداخل بالنسبة إليكم أَهَمّ وأَوْلى من اسرائيل حالياً وصواريخ إيران بالنسبة الى اسرائيل أَهمّ وأَوْلى من بقاء نظامكم او ذهابه. ثم ان فيلم اسرائيل منذ 1973 لم يعد حتى بحاجة الى بيان او رد فعل، فكما تقولون باللهجة الشامية "دافنينو سوا".

لعبْنا كل أوراقنا مع الدول العربية والعالم، تارةً باسم محاربة الإرهاب وطوراً باسم الاتفاقات الاقتصادية وتسهيل الحلول. وعبَرْنا الى جماعات المعارضة فشتّتْناها باسم توحيدها وأَوْجَدْنا مسارات جديدة تجاوزتْ الأمم المتحدة وجنيف. أثْبتنا لك ان السيطرة على الأرض تَنْتزع الأوراق في السياسة وأن كثرة الأوراق السياسية لا تنْتزع شبراً من الأرض. ولا تنسَ كيف نظّمْنا الصراع مع تركيا وأَقَمْنا منظومةً ثلاثية فيها إيران وجعلْنا الورقة الكردية التي حرّكتْها واشنطن مدخلاً الى توافقات إقليمية.

ويختم كبير الوافدين: السيّد الرئيس، ما زالتْ الأمور لم تُحسم نهائياً على الأرض، والساحة السورية مفتوحة على كل الاحتمالات والاستخبارات، إنما اليوم، ونقول اليوم دون أن ندري ما يحمله الغد، نجحنا في إقناع العالم عملياً ببقائكم حتى انتهاء ولايتكم وحقّكم في خوض انتخاباتٍ جديدة، والمطلوب تغيير جذري في مسيرة النظام وسلوكياته كي نتمكّن من التغطية ولو في الحدود الدنيا. لا بأس من انتهاء الـ 99.99 % ومن وجود دستور مدني متقّدم، وفسْح المجال للمشاركة العامة، وانتهاء مسرحية انتخابات مجلس الشعب السمجة وتَحكُّم فريق داخلي طائفي بكل مفاصل الحياة العامة والخاصة. ولا بأس من حريات إعلامية وعامة وحرية المعارضة في التحرّك السياسي بأعلى سقْف وأيّ موقع. هل تعرف كم صحيفة وتلفزيون وحزب في روسيا ينتقدون يومياً بوتين وسياساته؟ هل تعرف كم تظاهرة وتَجمُّعاً ومسيرة ضدّه في عموم روسيا؟ ومع ذلك يفوز بشخصه او بميدفيديف ويفوز تياره وتستمرّ خياراته.

... ماذا قلتَ؟ الكلام لكم.

هذا المتغطرس يفرض عليّ سلوكياتٍ لو فكّر فيها سوري واحد مجرّد تفكير لكان القبر سريره. أحبّ الإيرانيين أكثر رغم ان ابتساماتهم الكثيرة تستفزّني وأشعر بأن خلْفها أشياء مخيفة. المهمّ سأبدأ استيضاحاتي:

هل تطلبون مني أن أسمح بظهور شخص في التلفزيون يدعو لإحلال دولة مدنية مكان الدولة الأمنية؟ لولا الدولة الأمنية لانهار النظام منذ زمن طويل. وهل أسمح لشخصٍ بأن يكتب عن حصْر الثروة والسلطة في يد مجموعة معيّنة من إخوتي وأقاربي ومعارفي؟ أو أن يكون هناك قضاء نزيه ومعارضة حقيقية وتَداوُل سلطة ومؤسسات يلجأ لها الناس لتحصيل حقوقهم؟ هل أنتم في سويسرا؟

أصمت قليلاً وأتمنى ألا يكون الوفد الروسي قد أَكْثَرَ من الفودكا قبل اجتماعه معي. يعيدون تأهيلي؟ هذه آخرتها. اذا كتب تلميذٌ في مدرسة شعاراً على حائطٍ لا أسحب أظافره ولا أسجن أهله. اذا تظاهر أحد لا أعيده الى ذويه أشلاء. إذا أَنْشد منشد أغنية سياسية لا أذبحه ولا أرمي حنجرته في النهر. إذا تجمّع الأهالي في طابور أمام فرن لا أضربهم بالبراميل ثم أكمل ضرْب من تَجمّع لإنقاذهم. إذا تَقدّمتْ المعارضة في قرية لا أحرقها بالكيماوي. إذا حلّق الطيران فوق مبنى لا أقصفه وأهدمه على مَن فيه. وإذا احتجّ سكان بلدةٍ لا أحاصرهم ولا أجوّعهم ... فعلاَ مَن يَهُنْ يَسْهُل الهَوان عليه.

أتابع: أيها السادة، أشكر كل ما فعلتموه وأقدّر مطالبكم، إنما أحتاج الى وقت كي أهضم مقترحاتكم، فمَن شبّ على شيء شاب عليه. بلادكم متقدّمة في الطب وتعلمون أن الأعراض الانسحابية للمدمنين تحتاج أحياناً الى سنوات كي تختفي ...

لم يكن لدى كبير الوفد وقت ليتابع مداخلتي التي تأخذ ساعتين أحياناً. لمْلم أوراقه وطلب ان أردّ عليهم كتابةً، وان أسلّم الرسالة الى العسكري الذي أَوْقَفَني في حميميم ومَنَعَني من متابعة السير الى جانب بوتين.

arabstoday

GMT 14:49 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

قَطْشِة أبو خليل

GMT 05:02 2018 السبت ,11 آب / أغسطس

إذلال؟

GMT 06:03 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

شيعة البراميل... والسفارة!

GMT 06:39 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

منصّة صواريخ ... لا دولة!

GMT 04:23 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا بشار يعيدون تأهيلي أنا بشار يعيدون تأهيلي



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 19:05 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 20:44 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يطمئن على بدر بانون بعد إصابة زوجته بـ كورونا

GMT 23:31 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

مدرب "الهلال" السعودي يركز على الجوانب الفنية والبدنية

GMT 08:39 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيتامين "سي" من أفضل الطرق الطبيعية لتبييض الأسنان

GMT 22:45 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يدرس إطلاق اسم جديد على ملعب جامعة الملك سعود

GMT 16:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

كارينا كابور تضع طفلها الثاني بعمر الأربعين

GMT 09:55 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

حكيم زياش يفاوض "تشيلسي" لمغادرة الدوري الإنجليزي

GMT 16:59 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

ميغان ماركل تخرج عن صمتها بعد مقتل جورج فلويد

GMT 04:15 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

صدور النسخة العربية لرواية "لن ننسى أبدًا"

GMT 21:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض

GMT 15:53 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

تقارير تكشف قيمة عقد المدرب سييرا مع الاتحاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab