ليسوا إلا أمثلة ثلاثة

ليسوا إلا أمثلة ثلاثة

ليسوا إلا أمثلة ثلاثة

 السعودية اليوم -

ليسوا إلا أمثلة ثلاثة

بقلم - سليمان جودة

 

أعود إلى موضوع المتشبثين بالسلطة حول العالم، لأنه موضوع يثير الحيرة التي لا حد لها، ولأنه يبدو موضوعاً نفسياً في وجدان كل متشبث بالكرسي، أكثر منه موضوعاً ذا علاقة بالأبعاد المادية أياً كان نوعها.

إنهم ثلاثة بارزون في بلادهم، ولا يجمع بينهم إلا القتال بكل الأدوات الممكنة من أجل السلطة إذا كانوا فيها، أو في سبيل العودة لها إذا غادروها!

ورغم أن لهم سنين على هذه الوضعية، فإن أشياء طرأت على مستوى كل واحد فيهم، وبما يباعد بينهم وبين مقعد السلطة الساحر، ومع ذلك، فلم يزدهم ما طرأ في طريق الإبعاد إلا تشبثاً بالمقعد إلى آخر نَفَس!

فالمحكمة في ولاية كولورادو قضت بعدم أهلية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لخوض انتخابات الولاية التمهيدية المؤدية إلى خوض السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، وكان الظن أن هذا سوف يجعله يهدأ قليلاً، وأنه سوف ينصرف إلى حال سبيله، وأنه سوف ينشغل بأعماله، وعقاراته، وملياراته التي سبقت مجيئه إلى السلطة في 2016.

ولكن العكس هو الذي حصل، فازداد ترمب تحدياً للقضاء وأحكامه، وتمسك بأن يقطع الشوط حتى آخره، وراح يحشد فريق المحامين أكثر وأكثر، وبدا كأن العودة إلى البيت الأبيض هي بالنسبة إليه كالحياة نفسها.

وما كاد يفيق من حكم القضاء في كولورادو، حتى صدر حكم آخر في الاتجاه نفسه من قضاء ولاية ماين، وكلاهما استند إلى التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي، وهو تعديل يمنع الذين شاركوا في أعمال تمرد من تولي وظائف في الدولة. ولأن ترمب متهم بقيادة اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، فالتعديل ينطبق عليه، إلا أن يحصل على حكم يبرئه من التهمة بشكل نهائي لا نقض فيه.

ومع ذلك فالحكمان قد زاداه إصراراً على السعي في طريق البيت الأبيض، وبأشد ربما مما كان يسعى إليه حين خاض السباق للمرة الأولى.

ولا يختلف حال عمران خان في باكستان عن حال ترمب في بلاد العم سام، لأن خان الذي يقضي حياته في السجن منذ أغسطس (آب) 2023، لا يتوقف لحظة عن الجري في اتجاه مبنى رئاسة الحكومة، رغم أنه خرج منه إلى السجن الذي يوجد فيه إلى هذه اللحظة.

إن عمران خان نجم في لعبة الكريكيت، وهو ليس نجماً في باكستان وحدها وإنما نجوميته تملأ العالم، وبالطبع فالنجومية سابقة عنده على العمل بالسياسة وعلى رئاسة الحكومة، ولكنه منذ أن ذاق حلاوة السلطة نسي الكريكيت وأيامها، ولم يعد يرى دنياه إلا في رئاسة الحكومة، وكاد يفقد حياته نفسها خلال سعيه المحموم للعودة، ولكن محاولة الاغتيال التي استهدفته زادته إقبالاً على ما يفعله، وملأته بالرغبة في أن يعود إلى حيث كان في السلطة!

وقد أدى هذا إلى حرمانه من الترشح لانتخابات البرلمان التي ستجري الشهر المقبل، وأدى إلى حرمان غالبية القيادات في حزب «حركة إنصاف» الذي يتزعمه، فلم يُضعف ذلك من عزيمته، ولا أطفأ رغبته التي تتملكه!

أما ثالثهم فهو بنيامين نتنياهو الذي يتولى الحكومة في تل أبيب للمرة الخامسة، والذي بدأ طريق رئاستها في 1996، والذي كان أصغر رئيس حكومة في إسرائيل يوم جاء للمرة الأولى، ومع ذلك، فإنه لم يشبع ولم يقنع، ولا يزال يعمل لتكون هناك مرة سادسة وعاشرة، فإذا لم تكن هناك مرة أخرى فليس أقل من أن يبقى طويلاً هذه المرة!

ولأن هذا هو حاله، فإنه لا يتردد في فعل أي شيء يطيل بقاءه على الكرسي، وليست الحرب الوحشية على قطاع غزة إلا هذا الشيء، ولا يتردد أيضاً في إزاحة أي شخص يمكن أن يقف عقبة في طريق هذا البقاء، وعندما أزاح إيلي كوهين، وزير خارجيته، من وزارة الخارجية، قبل أيام عدة، لم يكن ذلك إلا لأن كوهين تكلم عن مسؤولية كاملة للحكومة عن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي بسببه أطلق نتنياهو وحشيته على الأطفال والنساء والمدنيين في القطاع.

لقد ذهب كوهين ضحية الرغبة المتعطشة لدى رئيس حكومته في السلطة، وقد حدث هذا رغم أن وزير الخارجية المُقال كان ملكياً في الحكومة أكثر من الملك، وكان يزايد على تشدد وتطرف نتنياهو ذاته، ولكن التعطش إلى السلطة الذي يجرف كل ما يجده أمامه على الطريق!

راجع سجل الثلاثة من ترمب، إلى خان، إلى نتنياهو، وستجدهم جاوزوا السبعين من العمر، وستجد أنهم متحققون قبل السلطة في ميادين مختلفة، وستجد أن لدى كل واحد منهم ما يمكن جداً أن يغنيه عن مغانم السلطة إذا تطلعنا إليها بالنسبة إليهم من هذه الزاوية... ولكنهم يتصرفون في أماكنهم وكأن السلطة بالنسبة إلى الثلاثة هي مُعادل الحياة ذاتها!

لقد قيل دائماً إن «اثنين لا يشبعان... طالب علم وطالب مال»، ولو شئنا لأضفنا إليهما طالب السلطة، فالحالات الثلاث التي بين أيدينا تقول هذا بأبلغ بيان، وتكاد تقدم طالب السلطة على طالب العلم وطالب المال معاً، ولا معنى للحالات الثلاث التي هي مجرد أمثلة، إلا أن في كرسي السلطة سراً لا يتجلى إلا للجالس عليه، وإلا أن هذا السر لا يقوى على مقاومته إلا أولو العزم من الرجال.

arabstoday

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ابنه البكر

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

... إنّها حرب تطالبنا بأن ننسى كلّ شيء تقريباً

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

المشعوذون القدامى... والجُدد

GMT 15:04 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الدول العربية «المضروبة»

GMT 15:02 2024 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

الأسئلة الصعبة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليسوا إلا أمثلة ثلاثة ليسوا إلا أمثلة ثلاثة



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 01:44 2017 الأحد ,01 كانون الثاني / يناير

6 أمراض لا تعلمها يسببها التوتر وكيف تتغلب عليها

GMT 13:05 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

اختراع جهاز لتحويل بول رواد الفضاء إلى ماء

GMT 21:08 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد السعودي يتأهل إلى ربع نهائي كأس محمد السادس

GMT 16:51 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

تأجيل بطولة إفريقيا للكرة الطائرة سيدات

GMT 07:36 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

سطوع شاشة هاتف ذكي يحدث 500 ثقب في عيني فتاة

GMT 12:22 2019 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحزم يكرم مدرب الأهلي يوسف عنبر

GMT 17:13 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة العراقية فرجينيا ياسين وحيدة بلا أقارب ولا معارف

GMT 17:18 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

"الامن العام" ينظم ورشة للتعريف بمشروع عزم الشباب

GMT 18:19 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الأسترالي نيك كيريوس ينتزع انتصارًا ملحميًا على تسونغا

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

من شنودة الثالث إلى تواضروس الثانى

GMT 14:31 2013 الخميس ,13 حزيران / يونيو

صدور ترجمة رواية "الخيميائي" عن دار" أقلام"

GMT 09:50 2015 الجمعة ,16 كانون الثاني / يناير

تعلمي فن رسم العين على طريقة الفراعنة بواسطة الكحل

GMT 12:30 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

الانقسام سينتهي ما لم تحصل مفاجآت غير سارة

GMT 03:08 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

مصطفى الفقي يؤكد أن ترامب يحاول إرضاء الفلسطينيين

GMT 08:59 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يصف رئيسة مجلس النواب بـ"المجنونة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab