مَن سبقت واشنطن بـ محاكمة ترامب

مَن سبقت واشنطن بـ "محاكمة" ترامب؟

مَن سبقت واشنطن بـ "محاكمة" ترامب؟

 السعودية اليوم -

مَن سبقت واشنطن بـ محاكمة ترامب

جورج شاهين
بقلم - جورج شاهين

قلائل من احتسبوا ما يمكن ان يقوم به الرئيس دونالد ترامب قبل نهاية ولايته تعبيراً عن رفضه نتائج الانتخابات الرئاسية، وسط الاعتقاد السائد انه يمكن ان يقوم بأي شيء غير مألوف. فقد أمضى ولايته مستخدماً أوامره التنفيذية في ادارة شؤون بلاده والعالم بطريقة غريبة. فبعدما سُدّت الطريق الى أي علمية خارجية، ألم يكن لديه سوى الانكفاء الى الداخل؟ وعليه كيف ستحاكمه واشنطن وبالإنابة عمّن؟

في آخر اتصال جرى في عطلة نهاية الاسبوع الماضي بين أحد الديبلوماسيين اللبنانيين السابقين بصديق له يستعد لتولّي منصب رئيسي في إدارة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن استشعَر كثيراً من القلق على ما يمكن ان تشهده الولايات المتحدة الاميركية من أحداث لم تعرفها البلاد قبلاً، وان لم يتوقع أن يشهد مبنى «الكابيتال هول» ما شهده من اقتحام قبل ان يوجّه ترامب الدعوة الى التظاهر أمامه واقتحام قاعاته في السادس من الشهر الجاري لمناسبة انعقاد الجلسة الختامية في مسلسل تثبيت انتخاب بايدن رئيساً، والتي ستصادق على نتائج الانتخابات بعد ضمان بايدن فوزه بمقعدي ولاية جورجيا، رغم اعتبارها ولاية مضمونة تاريخياً للجمهوريين.

وعليه، توقف الديبلوماسي في قراءته لما حدث، شارحاً الأسباب التي أدت الى هذا الشعور، وما هي الدوافع التي قادت الى ما شهده مبنى الكونغرس الاميركي. فاعترف بما اعتبره نتيجة طبيعية لمتابعته التطورات، وتوصّل الى سيناريو واضح بدأت تطوراته بعد فشل ترامب في قيادة بلاده الى عملية عسكرية خارجية قبل ان ينكفىء الى الداخل الاميركي. وأضاف: «كان ترامب يراهن على عملية عسكرية يقوم بها الجيش الاميركي في مكان ما في العالم قبل السادس من الشهر الجاري، ولم يكن متوافراً سوى خيار المواجهة في الخليج العربي لو اكتمل سيناريو الصدام الذي كان مطلوباً مع الجيش الإيراني. فتوَجّه حاملة الطائرات «نيمس» الى الخليج العربي ومعها طائرات الـ»B52» ليس بالمصادفة. فهي إجراءات سايَرت وزارة الدفاع فيها تطلعات ترامب في القيام بها الى مرحلة محدودة تتوقف عند رأي يقين لدى وزيرها والقادة العسكريين الكبار في البنتاغون ومسؤولي جهاز الامن القومي بأنها لا يمكن ان تصل الى مرحلة استخدام أيّ من أسلحتها، والاكتفاء بالتحذير والتهويل من دون ان تصل الامور الى أبعد من ذلك.

وهكذا، بعد فشل اللجوء الى السيناريو العسكري، كان القرار بالتوجه الى الداخل، وهو ما ترجَمه باقتحام مبنى الكابيتول في موعد انعقاد جلسة تكريس انتخاب الرئيس الجديد، فانطلقت الدعوة اليها بطريقة لم يألفها الاميركيون من قبل. وقد تبيّن انّ ترامب لم يستخدم المحازبين الجمهوريين بطريقة مباشرة، بل لجأ الى استئجار خدمات شركة «برود بويز» لاقتحام المبنى. وهي منظمة خاصة اختارت اسمها من عنوان أغنية «Proud of Your Boys»، والذي يمكن ترجمته بالعربية «صبيان برود»، وهي منظمة تضم جماعة اليمين المتطرف التي يتكوّن جُل أعضائها من الذكور فقط. هي مؤيّدة لتوجهات ترامب، وتشارك في العنف السياسي في الولايات المتحدة. وقد برزت بصبغة تَمَسّك أعضائها بـ»سيادة العرق الأبيض»، ما حدا بالاستخبارات الأميركية إلى وصفهم بأنهم «أخطر مجموعة متعصّبة للبيض» منذ ان تأسست عام 2016 بقيادة غافن ماكننيس، الذي وصفها بأنها «أخوية» أو «نادي للرجال»، قبل ان يترك قيادتها بعد عام.

وقال المسؤول الاميركي لصديقه اللبناني انّ مجرد اللجوء الى هذه المجموعة أفقَدَ ترامب تأييد أيّ من أركان حزبه، فاتهمومه بتجاوز قيادته وصولاً الى تفكيكها، قبل الانقلاب على الشرعية الدستورية المُتجلية بأخطر واكبر مباني الدولة الاتحادية واكبرها شأناً، لمجرد التفكير بتعطيل تلك الجلسة التاريخية. فانتفضوا عليه، خصوصاً بعدما شاهدوا، على وقع أزيز الرصاص، أركان المجموعة الخطيرة وقادتها ورموزها داخل قاعات مبنى الكابيتول وفي مكتب رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، بعد نقل النواب وأعضاء الكونغرس احترازيّاً الى الطبقات العليا، حفاظاً على سلامتهم.

عند هذه الحدود لما جرى في واشنطن، فقدَ ترامب زمام المبادرة بعدما أفلتَ المتظاهرون من توجيهاته نتيجة اعمال العنف التي لم يقبلها أحد، ومنهم نائبه مايك بنس وعدد من الوزراء الذين تقدموا باستقالاتهم مع مجموعة من مستشاريه الكبار في مجلس الامن القومي ومواقع اخرى في البيت الابيض بعد اتهامه بقيادة الانقلاب. وهو ما ترجمه بينس بعدما نال اتهامات شتى من ترامب من موقعه كرئيس للكونغرس طالما انه نائب للرئيس، الاعلان عن فوز بايدن بـ 303 أصوات مقابل 232 لترامب بعد استيعاب عملية الاقتحام وإبعاد المتظاهرين الى خارج المبنى واستعادة الهدوء. وقبل ان تنطلق التحقيقات بما جرى، والتي ستشمل ترامب شخصياً وعدداً من وزرائه وقادة الشرطة المحلية والاتحادية لتَورّط بعض قادتها برفض تقديم الدعم لشرطة الكونغرس وضبط الوضع.

ومن هذه الخلفيات توصّل الديبلوماسي اللبناني الى القول انّ عملية محاسبة ترامب بدأت من عاصمة بلاده قبل اي دولة في العالم تضررت من قراراته وإجراءاته طوال السنوات الاربع الماضية، وصولاً الى الحديث عن عدم أهليته لإدارة شؤون الدولة، كما تقول المادة 25 من الدستور الاميركي، التي تحدد طريقة إقالته ولو قبل أقلّ من 13 يوماً على بقائه في البيت الابيض وتَولّي نائبه شؤون إدارة البلاد للايام الفاصلة عن نهاية الولاية. واذا طُبّق مضمون هذه المادة اليوم، فسيكون للمرة الثانية في تاريخ الولايات المتحدة، بعدما تم اللجوء إليها عقب اغتيال الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة جون كينيدي في 22 تشرين الثاني 1963 لضمان انتقال السلطة بعد عجزه عن ادارة شؤون الدولة الى نائبه ليندون جونسون، الذي انتخب رئيساً في اليوم نفسه لولاية امتدت 6 سنوات. ولتكتمل فصولها، يجب ان يطلب نائب الرئيس مايك بنس ومعه اكثرية الوزراء من الكونغرس تفعيل العمل بهذه المادة الدستورية، ليُصار الى إبعاد ترامب عن المكتب البيضاوي، وهو امر لا يوحي أنه ممكن حتى كتابة هذه السطور.

وختاماً، يبدو واضحاً انّ ما جرى من محاسبة لترامب ومحاكمته من ضمن اهل البيت قطعَ الطريق على دول وانظمة كثيرة تريد ذلك. خصوصاً انّ بعض المتضررين من تصرفاته وعقوباته كان ينتظر وصول بايدن الى البيت الابيض لاستعادة حقوق، يعتقدون انها مكتسبة، سرقها ترامب بطريقة غير شرعية وسط اعتقاد انها مجرد أمنيات. فبايدن لن يكون أقل تشدداً في بعض الملفات الخارجية من ترامب، لا في كوريا الشمالية ولا في الصين ولا في ايران، وستبقى هذه الآمال مجرد سيناريوهات وهمية لن ترى النور.

arabstoday

GMT 08:08 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الاستحواذ على الأندية الرياضية

GMT 13:43 2023 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

الشرق الأوسط الجديد والتحديات!

GMT 15:35 2023 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

كشف أثري جديد في موقع العبلاء بالسعودية

GMT 15:51 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

الممر الاقتصادي... و«الممر الآيديولوجي»

GMT 20:15 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن سبقت واشنطن بـ محاكمة ترامب مَن سبقت واشنطن بـ محاكمة ترامب



إطلالات متنوعة وراقية للأميرة رجوة في سنغافورة

سنغافورة - السعودية اليوم

GMT 14:11 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ختام المرحلة الأولى من السباق الخامس للهجن العربية

GMT 19:48 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

خادم الحرمين الشريفين يبعث رسالة إلى الرئيس الجزائري

GMT 21:11 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حسن كامي يكشف عن غنائه "أوبرا عايدة" 440 مرة

GMT 19:14 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن ساعة جديدة تضبط درجة حرارة الجسم

GMT 23:48 2017 الخميس ,11 أيار / مايو

طريقة إعداد مهلبية لذيذة قليلة الدسم

GMT 17:09 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة تسرّب الأطفال من المدارس تنذر بوقوع كارثة في العراق

GMT 20:19 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

حقيقة تعرُّض المملكة العربية السعودية لتسونامي في 2017

GMT 04:10 2012 الأحد ,23 أيلول / سبتمبر

عودة معوض وجونيور إلى تدريبات الأهلي

GMT 08:46 2014 الخميس ,31 تموز / يوليو

مراجعات واجبة ومطلوبة في ظلّ حرب غزّة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
alsaudiatoday alsaudiatoday alsaudiatoday
alsaudiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab